"بصمة"، عنوان انتفاضة نسائية ضد التحرش الجنسي في مصر
٩ نوفمبر ٢٠١٥تقول نهال لمراسل DW "وقتها كان يتكرر أمر التحرش الجنسي في ميدان التحريرإبان احتجاجات ثورة يناير 2011 التي أطاحت بنظام الرئيس الأسبق حسني مبارك. وواحدة من هذه الاعتداءات حصلت أمامي لإحدى صديقاتي، تقول نهال، وهو ما جعل الأمر شخصيا بالنسبة لي".
وتضيف نهال زغلزول بانها تعرضت أيضا لتحرش جنسي لاحقا وذلك "من بعض العامة في حزيران / يونيو من العام 2012 في النشاط الذي أقامته منظمة "بصمة" وهي منظمة أهلية تهدف إلى مكافحة العنف الجنسي في الأماكن العامة، مثل محطات المترو التي تعد من أكثر الأماكن أزحاما في العاصمة المصرية القاهرة.
محاربة التحرش بطرق مبتكرة
وتقول زغلول "أردنا في البداية القيام بحملة عادية لتوزيع كتيبات وشرائط بأسلوب فكاهي، وذلك في محطات المترو أو في الجامعات، وعندما حاولنا الحصول على تصريح من سلطات النقل، تم رفض طلبنا".وللتهرب من البيروقراطية والاستفادة من الشوارع العامة، كلفت منظمة "بصمة" الفنان أحمد نادي من أجل عمل لوحات مصورة، تمثل الحوادث اليومية من التحرش الجنسي في مصر، وذلك لعرضها في المحطات الرئيسية بعد أن استأجرت مساحات إعلانية كبيرة في بعض المحطات الرئيسية. وذلك لرفع مستوى وعي المصريين حول هذا الموضوع بطريقة مبتكرة.
وتقول زغلول أن المشروع لقي "ردود فعل ايجابية "من المصريين، الا أنها تعتقد أن عمل المنظمة سيستغرق سنوات عديدة، حتى تتمكن المنظمة من تغيير الفكرالسائد في مصر حول موضوع التحرش، حيث يتم القاء اللوم على المرأة بدلا من الرجل. ولقد كتب بعض الرجال على المساحات البيضاء في اللوحات المصورة تعليقات مثل "دعوا النساء يرتدين ملابس محتشمة من أجل وقف التحرش" أو لتتحجب النساء ليتوقف التحرش" وتقول زغلول "الرجال قالوا على النساء أن تتحجبن، أي أنه تم ربط موضوع التحرش بالفعل والتصرف الذي تقوم به المرأة".
وخلال عيد الفطر هذا العام كان من ضمن أنشطة منظمة "بصمة" لحماية النساء من الهجمات، أن يجتمعوا برجال تحرشوا بنساء في السابق، وذلك في محاولة لفهم سلوكهم، وطبيعة التبريرات التي يقدمها هؤلاء الرجال لأفعالهم. وتقول زغلول "قالوا لي بأنهم تحرشوا من أجل معرفة إن كانت الفتاة التي تحرشوا بها على استعداد للخروج معهم ام لا". ووجدت زغلول أن هنالك الكثير من الأعذار "المشجعة" التي قدمها الرجال من أجل التحرش مثل " الفتاة ضحكت لي" ، أو "أنها كانت تضحك بشكل عال"، أو أن" خصلات من شعرها كانت ظاهرة من غطاء الرأس". كل هذه كانت أعذار قدمها الرجال من اجل تبرير سلوكهم وأفعالهم كما تقول زغلول.
حملة في الوقت المناسب
أهمية الحملة برزت بعد قيام ريهام سعيد، المقدمة التلفزيونية المثيرة للجدل، الأسبوع الماضي بتوبيخ ضحية للتحرش الجنسي، وأسمها سمية طارق وذلك بعد أن أتتها طلبا للمساعدة بعد أن هاجمها أحد الأشخاص في مول تجاري، حيث بثت ريهام سعيد في وقت لاحق صورا خادشة لسمية طارق منتقدة تصرفاتها. وتبع ذلك حملة في مواقع التواصل الاجتماعي ضد ريهام سعيد أجبرت قناة "النهار" على وقف برنامج سعيد مؤقتا في حين أعلن العديد من الرعاة الرسميين انسحابهم من تمويل البرنامج. وكان الشعار الذي رفعته حملة "بصمة" أن "التحرش الجنسي لا يؤذيها فقط، التحرش الجنسي يؤذينا جميعا" وذلك للإشارة بأن الأمر يتعلق بمشكلة اجتماعية تخص الجميع وليس فقط النساء.
وتقول شيرين حافظ، أستاذ مشارك في دراسات الشرق الأوسط والجنس في جامعة كاليفورنيا ريفرسايد. أنه "طالما بقي التعدي على أجساد النساء، حيث توجد الصراعات السياسية، فان هذه المشكلة ستبقى قائمة". وأضافت حافظ" قبل الثورة كان يتم استخدام أسلوب الاعتداءات الجنسية من قبل النظام الحاكم، واستمرت هذه الاعتداءات ضد المرأة أثناء الثورة وبعدها لترويع العائلات، وزعزعة الأمن للتقليل من المشاركة السياسية للمرأة".
تواطؤ النظام المصري السابق
واحدة من هذه الاعتداءات المروعة بحق المرأة، كانت ما أعلنه الجيش المصري بإجبار النساء على إجراء "اختبارات فحص العذرية" في عام 2011 ما اثأر غضبا دوليا، وسلط الضوء على "تواطؤ الدولة المصرية في تفشي العنف الجنسي"كما تقول حافظ. وأضافت "أن إيجاد قانون لحماية النساء هو من الأمور التي يجب تحقيقها، ولكن هذا القانون لن يكون مجديا من دون التدريب اللازم لأفراد الشرطة والمجتمع ككل على تطبقيه".
وقد سنَّت الدولة قوانين جديدة لمعاقبة المتحرشين جنسا، حيث تصل العقوبة إلى خمس سنوات سجنا، وتغريم المتحرش بما يصل إلى 5000 يورو. وتقول زغلول أنه "يجب على الدولة كذلك معالجة الثغرات القانونية وذلك لحماية النساء الذين يبلغون عن تعرضهم لاعتداء".
وتخطط منظمة "بصمة" للتوسع في نشاطها ليشمل المحطات الرئيسية الأخرى في القاهرة، ومتابعة تشغيل الإعلانات المكافحة للتحرش حتى نهاية شباط/ فبراير 2016. وتأمل زغلول أن تحشد هذه الحملة المصريين لمواجهة هذا الوباء المتزايد. إذ وفقا لدراسة حديثة للأمم المتحدة فإن أكثر من 90 في المائة من النساء المصريات تعرضن للتحرش بشكل أو بآخر. وتقول زغلول" نريد أن نغير من نظرة المجتمع للتحرش الجنسي، ونريد أن نغير من فكرة إلقاء اللوم على الضحية، فما يحدث ليس هو خطأ المرأة".