السودان.. مطالب بدأت مع ارتفاع سعر الخبز ولم تنته بعد!
١٢ أبريل ٢٠١٩بارتفاع ثمن الخبر ارتفع صوت السودانيين نهاية العام 2018 معلنا ثورة على النظام بأكمله. احتجاجات المتظاهرين في 19 كانون الأول/ ديسمبر 2018 بمدينتي بورتسودان وعطبره امتدت فيما بعد إلى العاصمة الخرطوم والمدن المتبقية لتستمر لحدود الساعة. ثورة انتهت بتنحي عمر البشير، لكنها عادت تشتد بمطالب اقتصادية فسياسية تطالب بإسقاط النظام كله وهو ما لم يتحقق بعد.
الحكومة السودانية التي رفعت سعر الخبز إلى الضعف، ودفعت المواطنين إلى الوقوف في صفوف طويلة للحصول عليه، فضلا عن زيادة سعر الوقود، كل ذلك جعل السودانيين يحتجون على تردي الأوضاع ببلدهم لحد تصنيفه بمستويات متدنية اقتاصدياً.
ورغم إعلان الرئيس السوداني عمر البشير عن تنحيه عن الرئاسة بعد 3 عقود كاملة، إلا أن الملايين الذين خرجوا إلى الشارع لم يقنعهم ذلك ولم يطفئ شرارة التغيير التي اشتعلت لديهم قبل أشهر. فما هي مطالب شعب ثائر بات رمزه "كنداكة" الحقيقية؟
أرادوا الخبز!
يعاني حوالي نصف سكان السودان من الفقر، وحسب ما كشف عنه تقرير للأمم المتحدة في 2016، فإن 46 بالمائة من السودانيين فقراء. قد تكون هذه النسب كافية لإشعال فتيل الثورة، وهو ما يؤكده العالم الافتراضي، إذ يتحدث سودانيون كثر عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن تفاقم المشاكل الاجتماعية التي لا تقتصر على الفقر وإنما تتجاوزه حتى البطالة والصحة.
مطالب السودانيين الذين احتجوا منذ البداية لم تبتعد في أصلها عن المطالبة بتجاوز هذه الظواهر من خلال إسقاط النظام. وهو ما يؤكده محمد الأسباط، المحلل السياسي السوداني، وجاء في حديثه لـ DWعربية: "الحديث بكون المظاهرات بدأت بسبب الخبز غير دقيق، وظالم للثورة السودانية"، ويضيف: "لأن المتظاهرين الذين خرجوا إلى الشارع منذ البداية كانوا يقولون: الشعب يريد إسقاط النظام".
المحلل السياسي والعضو في تجمع المهنيين السودانيين الذي يعتبر من الجهات الأولى التي طالبت إلى جانب الطلبة والنقابات المهنية وغيرهم من الأطراف بتنحي الرئيس ونظامه، يرى أن الدافع الذي جعل ناس كثيرين يحتجون هو الأزمة الاقتصادية ولكن شعارات الثورة كانت سياسية منذ يومها الأول.
المطلب الرئيسي: إسقاط النظام!
"الشعب يريد إسقاط النظام" اعتلى هذا الشعار الكثير من الثورات العربية، وهو اليوم أيضا شعار السودانيين. الشعار تحول إلى وسم (هاشتاغ) رافق معظم تغريدات الناشطين الذين اتخذوا"كنداكة" رمزاً لهم، ومنشورات المتضامنين معهم في العالم. مواقع التواصل الاجتماعي، سواء "تويتر"، "فيسبوك" أو حتى "انستغرام" لم تخلُ من هذا الشعار الذي كان يدعو عمر البشير إلى مغادرة كرسي الرئاسة الذي لازمه 30 عاما.
الشعارات السياسية كانت طاغية على المشهد في السودان، وكانت جميعها تدعو إلى رحيل البشير، بالرغم من أن "الأزمة ليست في البشير كشخص، وإنما في النظام بأكمله؛ بقوانينه ومؤسساته، بتجاربه السياسية والاقتصادية والدبلوماسية البائسة التي صغّرت البلد وخاضت به خمسة حروب"، يقول المحلل السوداني بخصوص المطلب.
ويبدو أن تنحي البشير لن يؤدي إلى فتح الأفق المنسد في وجه المتظاهرين، ولن يحقق رغبتهم في "إقامة بديل وطني ديمقراطي لإعادة وبناء هيكلة الدولة التي تم تخريبها طوال 30 عاما من حكم الاستبداد والظلم والفساد"، كما صرح الأسباط.
الحرية.. من مطالبهم!
وٌجهت لنظام البشير في السودان في مناسبات عديدة انتقادات من منظمات حقوقية بسبب وضع الحريات في البلد. وهو ما يربطه البعض بالقوانين التي سنها المشرع السوداني، وهي التي يصفها المتحدث إلينا بكونها تحط من كرامة الانسان السوداني" ويضيف أنها: "مهينة ومذلة للمرأة".
وقد كانت "الحرية" من مطالب الشباب الذي صدحوا بأصواتهم. فقد هتف طلاب كلية الطب بجامعة الخرطوم بكلمة " حرية" خلال مسيرة انطلقت من الجامعة. كما طالب آخرون عبر "السوشل ميديا" بإطلاق صراح صحافيين ودعوا إلى صحافة حرة ومستقلة.
وفي هذا الإطار تُقر منظمة العفو الدولية في تقرير يخص عامي 2017 و2018، نشرته على موقعها، أنه في السودان "استهدفت قوات الأمن أعضاء أحزاب المعارضة، والمدافعين عن حقوق الإنسان، والطلاب، والنشطاء السياسيين بالاعتقال التعسفي والاحتجاز وغير ذلك من الانتهاكات. وتم التضييق التعسفي على حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع السلمي. كما ظلت الأوضاع الأمنية والإنسانية بالغة السوء في ولايات دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان، مع انتشار انتهاكات القانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان".
تنحي البشير هو الغاية؟
مر يوم على إسقاط الرئيس عمر البشير واعتقاله، وإعلان الجيش تشكيل مجلس عسكري لإدارة فترة انتقالية من سنتين. لكن المشاركين بالاحتجاجات ما زالوا يواصلون الاحتجاجات ولالتظاهرات أمام القيادة العامة للجيش مصرين على ضرورة تسليم السلطة لحكومة انتقالية مدنية.
المتحدث السوداني الأسباط شدد في كلامه على أن الهدف من احتجاجات المتظاهرين هو إسقاط النظام الذي فكك الدولة وأعاد ترتيبها كما يريد"، كما أكد: "لم تتحقق مطالب الثورة السودانية بعد ولو بنسبة 1 بالمائة".
أما مورثي موتيغا، المحلل في مجموعة الأزمات الدولية فقد طرح سؤالا رئيسيا في تصريحه لـDW: وقال: "السؤال الرئيسي هو هل يختار الجيش التفاوض مع القادة المدنيين للحركة الاحتجاجية أم سيختارون القمع".
المحلل في مجموعة الأزمات، قال إنه من المحتمل إشراك المدنيين تفاديا لعقوبات صارمة قد يفرضها الاتحاد الأفريقي .
مريم مرغيش