بعد الصمت": فيلم ألماني عن "لقاء الأعداء" في جنين
٢٩ أغسطس ٢٠١٠بعد عرض فيلم "قلب جنين" وقفت احدى المشاهدات في حيفا وعبّرت للمخرج ماركوس فيتر عن سعادتها بما فعله الفلسطيني إسماعيل بطل الفيلم الذي قرر التبرع للأطفال الإسرائيليين المرضى بأعضاء ابنه المقتول برصاص الجيش الإسرائيلي. ثم حكت الإسرائيلية للمخرج الألماني أنها هي نفسها فقدت زوجها في عملية انتحارية، وتريد الآن أن تتعرف على عائلة الانتحاري الفلسطيني.
وعندما سمع المخرج ماركوس فيتر ذلك قرر تصوير هذا اللقاء، فأرسل شتيفاني بروغر ويوله أوت، تلميذتيه في معهد السينما، إلى جنين ليصورا هذا اللقاء الحافل بالمشاعر. وهكذا ولدت فكرة فيلم "بعد الصمت".
يوم لا يُنسى
لا تنسى الأرملة الإسرائيلية يائيل ذلك اليوم. في عصر الأحد الموافق 31 مارس /آذار 2002 كان زوجها دوف شيرونوبرودا يتناول طعامه في مطعم مزدحم في مدينة حيفا. وفجأة دوى انفجار ضخم في مطعم "ماتسه" أودى بحياة زوجها ومعه أربعة عشر شخصاً. منفذ العملية كان شاباً فلسطينياً من جنين لم يتعد الثالثة والعشرين من العمر يدعى شادي الطوباسي. لسنوات عديدة لم تكن يائيل تستطيع سماع اسم شادي الطوباسي الذي أودى بحياة زوجها. كانت تطلق عليه "الإرهابي"، غير أنها شعرت بعد مشاهدة "قلب جنين" بالتأثر البالغ، وقررت أن تذهب إلى مخيم "جنين" وتتعرف على عائلة قاتل زوجها.
ويروي المخرج ماركوس فيتر في حديثه إلى دويتشه فيله أن يائيل احتاجت إلى وقت طويل حتى تقوم بهذه الخطوة، وأن اللقاء بينها وبين عائلة الطوباسي استمر ست ساعات كاملة، وكان مثيراً لمشاعر الطرفين. "بعد الصمت" يصور هذا اللقاء ويحاول أن يفهم خلفيات ذلك اليوم الدموي. عن ذلك يقول فيتر في حديثه لـدويتشه فيله إن "هذه الأفلام تهدف إلى تصوير الواقع بكل تعقيداته، وبكافة درجاته – إذا فعل السينمائي ذلك يستطيع أن يؤثر في نفس المشاهد".
من أجل التمتع بحوريات الجنة؟
وكمثال على الواقع المعقد يذكر فيتر أن جنين شهدت قبل عملية الطوباسي الانتحارية بوقت قصير هجوماً عسكرياً في مارس عام 2002، أطلق عليه آنذاك "الغزو الصغير". وعلى إثر ذلك تملك شادي الطوباسي اليأس، لأنه فقد صديقين، كما تعرض أفراد من عائلته للاعتقال، وبعد قيامه بعمليته الانتحارية حدث غزو واسع لجنين، كرد فعل انتقامي. ويضيف المخرج الألماني: "عندما نفهم هذه الخلفيات، نعرف أن الانتحاري لا يقوم بعمليته من أجل التمتع بحوريات الفردوس. لا أحد يستطيع أن يدافع عن العمليات الانتحارية، ولكن المرء يفهم، فجأة، أشياء أكثر – وهذا هو موضوع الفيلم الذي يستغرق 90 دقيقة."
وكانت سينما جنين قد افتُتحت مؤخراً بفيلم "قلب جنين" بمعونة ألمانية بعد أن ظلت مغلقة أكثر من عشرين عاماً. ومن المقرر أن ينتهي فيتر من فيلمه الجديد "بعد الصمت" في نهاية هذا العام، وفي مطلع 2011 سيُعرض الفيلم في سينما جنين ليكون الثاني الذي يتحدث من وجهة نظر إنسانية عن الطريق الطويل للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
سمير جريس
مراجعة: هشام العدم