بلير يريد إصلاح الاتحاد الأوروبي والتفاوض مع تركيا
عندما اعتلى رئيس الوزراء البريطاني توني بلير أمس الجمعة (01.07.05) منصة البرلمان الأوروبي في بروكسل، تخوّف نواب أوروبيون كثيرون من اضطرارهم إلى الرقص على النغمات البريطانية المتحفظة إزاء تعزيز دور الاتحاد الأوروبي خلال الأشهر الست المقبلة. ولكن بلير الذي حملته معظم الحكومات الأوروبية مسؤولية فشل قمة ميزانية الاتحاد الأوروبي الأخيرة بدد هذه المخاوف. فخلال لقاءه الأول مع ممثلي وسائل الإعلام في بروكسل أمس أعلن عن أهدافه الرئيسية خلال فترة تسلم بلاده رئاسة الاتحاد الأوروبي حتى نهاية العام الجاري.
الأولوية لإلغاء الدعم
تقع على عاتق رئيس الوزراء البريطاني مسؤولية انتشال الاتحاد الأوروبي من أزمتي الدستور والميزانية في الأشهر الستة المقبلة . وفي حين لا يكف المسؤولون في عواصم أوروبية مختلفة على رأسها باريس وبرلين عن تحميله مسؤولية فشل قمة الميزانية الأخيرة، كشف بلير اليوم عن أن أهدافه الرئيسية في الفترة المقبلة "تتمحور حول إجراء إصلاحات في مؤسسات الاتحاد الأوروبي" و"خوض نقاش إيجابي وبناء" حول مستقبل أوروبا. وفي إشارة إلى الاتهامات القاسية التي وجهت له قال: إن الحديث "لا يدور في الوقت الحاضر عن تبادل الإهانات، بل عن إدارة نقاش بناء حول المسائل الجوهرية." ورد بلير على الاتهامات ذاتها بالقول إن أوروبا تحتاج إلى تقديم مساعدات مجدية، في إشارة منه إلى ضعف جدوى المساعدات التي يحصل عليها القطاع الزراعي الأوروبي وضرورة تقديم مساعدات إضافية لقطاعات البحث العلمي والتعليم والتجديد والإبداع. ومن ثم ـ على حد قوله ـ يمكن الحديث عن إلغاء الامتيازات التي تحصل عليها بلاده على صعيد مساهمتها في ميزانية الاتحاد الأوروبي. تجدر الإشارة إلى أن هذه الامتيازات توفر على لندن دفع 4.8 مليار يورو سنويا كان من المفروض عليها دفعها في حال معاملتها كبلدان الأتحاد الأخرى مثل فرسنا وألمانيا. وقد شكل الخلاف حولها السبب الرئيسي في فشل قمة الميزانية الأخيرة. وفي حين تطالب دول أوروبية على رأسها ألمانيا وفرنسا بإلغاء هذه الامتيازات التي انتزعتها مارغريت تاتشر عام 1984، تطالب لندن بإلغاء المساعدات التي تحصل عليها القطاعات الزراعية الأوروبية.
التكيف مع المعطيات الجديدة
لم يتردد رئيس الوزراء البريطاني في الرد على الاتهامات التي وجهها له المستشار الألماني غيرهارد شرودر على اساس أنه يريد "تحجيم الاتحاد الأوروبي إلى منطقة تجارة حرة". وقال في هذا الخصوص إنه لم ينوِ تفتيت الاتحاد الأوروبي من الناحية السياسية أو استبدال اقتصاد السوق المبني على التكافل الاجتماعي باقتصاد السوق البحت. وتابع في هذا الشأن قائلا إنه يمكن " توفير الحماية للمواطنين الأوروبيين من خلال الاستثمار في قطاعات الإبداع والتجديد والتعليم" لتكون أوروبا قادرة على المنافسة في عالم شقت فيه العولمة طريقها. وأضاف "إن الحديث لا يدور عن إلغاء مبادئ التكافل الاجتماعي، بل عن التكيف مع المعطيات الجديدة."
أزمة الدستور
وتطرق بلير إلى أزمة الاتحاد الأوروبي المؤسساتية بعد صفعة تلو الأخرى تلقاها الدستور في فرنسا وهولندا بالقول إن المواطنين الفرنسيين والهولنديين قالوا "لا" للدستور لأنهم يحتاجون إلى مزيد من الشفافية وإلى أجوبة جديدة على العولمة. وأعرب بلير عن خيبة أمله من البيروقراطية في مؤسسات الاتحاد الأوروبي، قائلا إن ما يزعجه هو تأسيس اللجان بهدف العثور على أجوبة للعقبات التي تعترض طريق الاتحاد الأوروبي، ولكن عندما يتم العثور على هذه الأجوبة، فإنه لا يحصل شيء، على حد قوله.أما بخصوص ديون الدول الفقيرة، فقد أعرب بلير عن تأييده لإلغاء هذه الديون ورفع قيمة المساعدات الإنمائية التي تحصل عليها الدول النامية.
الملف التركي
في حين فاجأ بعض المسؤولين الأوروبيين الرأي العام في الأسابيع الماضية بالقول إنه يجب إعادة التفكير في ضم تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، أعلن بلير بوضوح تام أنه يؤيد بدء محادثات الانضمام مع أنقرة. تجدر الإشارة إلى أن قرار بدء محادثات الانضمام مع البلد المسلم سيتخذ في فترة رئاسة بريطانيا للاتحاد الأوروبي. وكان وزراء خارجية الاتحاد اتفقوا على أن بيان القمة الأوروبية الأخيرة سيذكر القرارات التي اتخذت في ديسمبر/ كانون الأول من عام 2004 بشأن بدء محادثات الانضمام مع تركيا وكرواتيا التي كان مقرراً لها أن تبدأ في الثالث من أكتوبر/ تشرين الأول، لكن البيان لن يذكر أيا من الدولتين بالاسم أو يكرر التاريخ لتجنب إغضاب الناخبين المستاءين من خطط التوسيع. من ناحيتها شعرت تركيا القلقة من زيادة ثقل المعارضة الأوروبية لتوسيع الاتحاد بالارتياح لتصريحات بلير.