بوش وشيراك يباركان النغمة الجديدة في العلاقات الأوروبية الأمريكية
تابع الرئيس الأمريكي جورج بوش جولته الأوروبية بلقائه الرئيس الفرنسي جاك شيراك الذي يُعتبر من أشد منتقديه. وخلال اللقاء أكد الزعيمان عزمهما على إنهاء مرحلة البرودة في العلاقات بين ضفتي الأطلسي. وفي هذا الإطار ابدى كل منهما استعداده لتجاوز الخلافات بشأن العراق. ويرى المراقبون في لقاء الزعيمين خطة هامة باتجاه إنجاح الجهود الأمريكية الرامية إلى إعادة العلاقات الامريكية الاوروبية كجزء من استراتيجياتهم للمرحلة القادمة. ويأتي في مقدمتها كيفية التعامل مع قضايا عالمية غاية في الأهمية والحساسية، بدءا بملف الصراع في الشرق الاوسط مرورا بالملفين العراقي والايراني وانتهاءا بمواصلة الحرب على الارهاب. وفي كلمته التي ألقاها أمس في العاصمة الاوروبية بروكسل، أكد بوش على خصوصية العلاقات مع اوروبا بالقول: "لا يوجد قوه على ظهر الارض يمكن أن أن تفرق بين أمريكا وأوروبا." وذكر بان الولايات المتحدة "تدعم ظهور اوروبا قوية، لأننا بحاجة الى شريك قوي لانجاز المهمات الجسام التي تنتظرنا وعلى رأسها تحقيق الحرية والديمقراطية في العالم." ومن أجل اظهار رغبته الجادة في اعادة الوئام الى العلاقات، أعلن بوش مسبقا عن استعداده البحث في مواضيع تهم أوروبا والاوروبيين مثل اتفاقية كيوتو ومشاكل الفقر في العالم الثالث. وقد كان لالمانيا نصيب الاسد من عبارات الود والتقرب التي اطلقها سيد البيت الابيض قبيل لقاء بوش مع المستشار شرودر يوم غد الأربعاء.
مساعدة العراق وتحذير سوريا وإيران
حث الرئيس الاميركي جورج بوش أمس الاثنين في بروكسل الاوروبيين على توفير "مساعدات سياسية واقتصادية وامنية ملموسة" للعراق بعد الانتخابات التي شهدها هذا البلد في 30 كانون الثاني/يناير. وقد أعطى وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي الضوء الاخضر لتدريب 800 من القضاة وأفراد الشرطة وحراس السجون العراقيين في بادرة حسن نية تجاه الولايات المتحدة. وكنوع من الترحيب بزيارة بوش افتتح الاتحاد الأوروبي مكتب اتصال في العاصمة العراقية بغداد بغية المساهمة بشكل أقوى في إعادة الاعمار هناك. وقال أحد الدبلوماسيين الاوروبيين: "من الواضح اننا نريد للعراق النجاح، ومن المهم جدا ان نظهر عزمنا على المضي قدما نحو ذلك". وفي موضوع ايران قال بوش: "على النظام الايراني أن يضع حدا لدعم الارهاب وعليه الا يطور اسلحة نووية". ومن المعروف ان دول الاتحاد الاوروبي بما فيها المملكة المتحدة، الحليف التقليدي للولايات المتحدة، تفضل اسلوب الدبلوماسية الهادئة في التعامل مع الملف الايراني، مبدية بذلك اختلافا واضحا مع الموقف الامريكي الذي يعتمد اسلوب الترغيب والترهيب. وفيما يتعلق بملف لبنان طالب الرئيس الامريكي سوريا بانهاء "احتلالها للبنان"، مذكرا بالمظاهرات التي تجوب هذا البلد بعد اسبوع على اغتيال رئيس الورزاء اللبناني السابق رفيق الحريري والتي تطالب بانسحاب القوات السورية.
بوش وشيراك يدعوان لانسحاب سورية من لبنان
بحثا الرئيسان بوش وشيراك مواضيع رئيسية في مقدمتها موضوع سوريا ولبنان والوضع في العراق والأزمة مع إيران إضافة إلى حظر تصدير الاسلحة الى الصين. وفي بيان مشترك دعا الزعيمان سوريا للانسحاب من لبنان وتطبيق قرار مجلس الأمن 1559 دون تأخير. وأضاف البيان أن فرنسا والولايات المتحدة ينضمان إلى الأسرة الدولية في شجبها لاغتيال الحريري. وفي هذا السياق أكدا دعمها لإجراء تحقيق دولي في اغتياله. وقالت اوساط مقربة من شيراك أنه بحث مع بوش إضافة إلى الملفين العراقي ولإيراني مسألة التبدلات المناخية وتمويل التنمية. وقد جرى اللقاء في مقر اقامة سفير الولايات المتحدة في بروكسل.
على الصعيد الشخصي لم تكن العلاقات بين الرئيسين قوية ظاهرياً، لكن الأوساط الفرنسية تقول انه خلافا للظاهر فانها بقيت دائما ودية. لكن بوش اكد انه مسرور للقاء شيراك وانه لا يشعر باي "مرارة" لمعارضته للحرب التي قادتها واشنطن على العراق عام 2003. وأضاف "قامت خلافات بيننا لكن علينا وضعها جانبا الآن". ورداً على سؤال فيما إذا كان سيدعوه لزيارته في مزرعته بمدينة تكساس قال بوش مازحاً: " أنا الآن بصدد البحث عن رجل كاوبوي جيد". وفي باريس تم الترحيب بهذه اللهجة الجديدة الذي تريد اوساط شيراك ان ترى فيها ايضا تبدلا في السياسة الاميركية، اي اعتراف واشنطن بان اوروبا هي "شريك" فعلي.
التعامل مع طهران بكينوحول طموحات ايران النووية ذكر المراقبون أن الجانبين متفقان على الهدف ذاته، اي منع طهران من امتلاك السلاح النووي. وقال بوش انه يريد "التحدث بصوت واحد" مع الاوروبيين اللذين يجرون مفاوضات صعبة لاقناع ايران بالتخلي عن جهودها النووية، لكنه لا يستبعد الخيارالعسكري. اما بشأن الخلاف حول رفع الحظر عن بيع الاسلحة الى الصين فسعى شيراك الذي يدعم هذا الاجراء الى التأكيد على أن الأمر هو مجرد "بادرة سياسية". وفي مسعى لطمأنة الاميركيين واليابانيين يفترض ان يقترح الاوروبيون على واشنطن "آلية تشاور" مرفقة باعلان سياسي وبرفع تدريجي للحظر حسب ما أفادت به أوساط الرئيس الفرنسي.
وسبق لقاء شراك- بوش لقاء الأخير مع ملك بلجيكا البرت الثاني ورئيس الوزراء البلجيكي غوي فيرهوفشتات. وتركز الحديث حسب مصادر دبلوماسية على الوضع في العراق وايران والكونغو. يشار الى ان رئيس الوزراء البلجيكي شكل مع الرئيس الفرنسي جاك شيراك والمستشار الالماني جيرهارد شرودر أقوى جبهة لمعارضة الحرب على العراق. ويتوجه بوش غداً إلى ألمانيا للقاء المستشار شرودر في مدينة ماينز الألمانية. وقد أكد الأخير قبل اللقاء على ضرورة التحالف مع الولايات المتحدة. وذكر في حديث حديث لجريدة "ماينتزر ألغماينه تسايتونغ" التي تصدر في ماينز أن كلا الطرفين بحاجة لبعضهما من أجل التغلب على التح