بيت لاهيا مهدد بكارثة بسبب توقف مضخات الصرف الصحي
٢٣ مارس ٢٠١٠
في محطة الصرف بمدينة بيت لاهيا بشمال قطاع غزة توجد في غرفة تحت الأرض خمس مضخات مياه سويدية الصنع جديدة تماما، لكنها كلها متوقفة عن العمل. هذه المضخات وجدت أصلا لسحب المياه من بحيرة الصرف الصحي الموجودة في شمال البلدة والتي تتجمع فيها مياه الصرف من بيت لاهيا والقرى المحيطة بها. ويقول رجب العنقه المشرف الهندسي على المشروع إن العمل متوقف لأنه لا يوجد لدى محطة الصرف تصريح لضخ المياه من البحيرة إلى البحيرات الأخرى الموجودة في شرق قطاع غزة والتي تقع مباشرة على الحدود مع إسرائيل.
استمرار توقف المضخات سيتسبب في وقوع كارثة
المهندس رجب العنقه (45 سنة) الذي درس الهندسة الإلكترونية في برلين، ينتظر موافقة سلطة المياه في غزة كي يقوم بتشغيل مضخاته. وسلطة المياه تنتظر بدورها موافقة سلطة المياه الإسرائيلية، وأحيانا تأتي هذه الموافقة وأحيانا لا تأتي.
في بيت لاهيا توجد تسع أحواض لمياه الصرف الصحي كل واحدة منها بحجم ملعب كرة القدم، وهي ممتلئة بشكل يمثل خطورة، كما أن رائحة بيوت الخلاء تملأ الجو. وهذه الأحواض بحاجة ماسة إلى تخفيف الحمل عنها عن طريق ضخ مياهها في البحيرة الواقعة في بلدة جباليا المجاورة لبيت لاهيا. ويقول العنقه "لو استمر توقف المضخات لمدة أسبوع فستقع هنا كارثة مع الأسف". ويعيش المهندس رجب العنقه يوميا مخاوف من أن تتهدم الأحواض فتسبب طوفانا من مياه الصرف يقتل البشر والحيوانات في بيت لاهيا
الكارثة كانت قد وقعت قبل عام عندما امتلأت بحيرة الصرف في غزة وكان ضغط المياه قويا لدرجة انهيار أحد الأحواض، فغمر 50 ألف متر مياه مكعب قرية أم النصر القريبة من بيت لاهيا مما أدى إلى غرق سبعة أشخاص من كبار السن ووفاة ثلاثة أطفال متأثرين بأمراض أصابتهم من برك المجاري. واختلطت مياه الصرف بالمياه الجوفية في المنطقة فلوثتها ومات الأطفال بسبب الجرعات الزائدة من النتريت والكلور في مياه الشرب.
إسرائيل تمنع الصرف في مياه البحر المتوسط
يبلغ عدد سكان بيت لاهيا 78 ألف نسمة ويرأس المدينة عز الدين الداحنون المنتمي إلى حركة حماس. وقام الداحنون بكتابة رسائل استغاثة إلى الرئيس الفلسطيني محمود عباس وإلى إسماعيل هنيه، وكذلك إلى توني بلير مبعوث الرباعية الدولية للشرق الأوسط محملهم مسئولية الأرواح التي تزهق بسبب أوضاع مياه الصرف في بيت لاهيا.
بحيرة الصرف الصحي في بيت لاهيا أنشئت قبل 32 وتقع بالقرب من ساحل البحر المتوسط وكان من المفترض أن يتم ضخ مياه الصرف في البحر، لكن هذا لم يحدث بسبب الرفض الإسرائيلي. ويقول يونس غاليه مسئول الصحة في بيت لاهيا: "إن الإسرائيليين رفضوا مرارا مد وصلة من بحيرة الصرف إلى البحر وقالوا لنا لو قمتم بمد الوصلة فسوف نضربها بالقنابل."
ويؤكد الجيولوجي كليمنس ميسرشميد الذي يقيم في رام الله ويعرف الأوضاع في غزة أن هناك مناطق عديدة يتم الصرف منها في البحر بعيدا عن الرقابة، لكن في ظل الرقابة لا يسمح لهم بهذا. ويضيف: "إن هناك أحواضا لمياه الصرف تحفر في الرمال، وتثقب جدران هذه الأحواض، كي تتسرب منها مياه الصرف إلى مناطق تجمع المياه الجوفية وهي مسألة في منتهى الغرابة".
الحل الأمثل هو محطة لتنقية مياه الصرف
لم يتغير في أوضاع بيت لاهيا شيء على الرغم من أن البنك الدولي موَّل عملية الحصول على المضخات الجديدة للمياه، وبرغم أن توني بلير نجح في كسر سياسة الحصار الإسرائيلية فجرى السماح بنقل مواد بناء إلى غزة من أجل مشروع مضخات الصرف. وهذه المضخات وظيفتها رفع الضغط عن الأحواض حتى لا تتصدع، لكن في واقع الأمر فإن بيت لاهيا بحاجة لمحطة حديثة لتنقية المياه.
وصول مضخات المياه إلى محطة الصرف الجديدة في بيت لاهيا واستعداد هذه المضخات للعمل يعتبر نجاحا من وجهة نظر توني بلير، فقطاع غزة لا يزال مغلقا ووصول مواد البناء إلى بيت لاهيا استثناء، لكن رجب العنقه يرى أن الاستثناء وحده لم يعد يكفي وأن ما يتم تصويره على أنه نجاح، ليس نجاحا، فالنجاح لن يأتي ولن يعترف به إلا عندما تعمل وحدة تنقية المياه، والتي لا تزال في مرحلة البناء.
هذا وقد ورد في نبأ صحفي أن توني بلير واللجنة الرباعية للشرق الأوسط أعلنا أنه بالإمكان البدء في بناء محطة تنقية مياه الصرف الصحي في شهر أبريل/ نيسان، لكن لم يتضح حتى الآن هل ستسمح إسرائيل بدخول مواد البناء إلى بيت لاهيا أم لا.
الكاتب: سيباستيان إنغيلبريشت / صلاح شرارة
مراجعة: عبده المخلافي