تجربة صحفية فلسطينية ... بين تحديات المهنة والقبول الاجتماعي
١٩ يوليو ٢٠٠٩خرجت نائلة خليل عن عرف الأسرة، فبدلاً من أن تخضع لإرادة الأبوين في السير في الطريق الذي رسماه لها، أي أن تصبح أماُ وربة منزل، خاضت عالم الصحافة، وبدأت بالكتابة عن التجارب التي تعيشها. ومن الأعمال التي قامت بها، كتابة مقالات عن عمليات الاعتقال غير المبررة، وعن التعذيب الذي تمارسه كما تقول حركتي حماس وفتح.
وتقديراً لها على هذا العمل، مُنحت جائزة سمير قصير لحرية الصحافة ، التي تحمل اسم الصحفي اللبناني المغتال عام 2005 سمير قصير. وتقول نائلة خليل لـ "دوتشيه فيله"، إنها وعندما شرعت في البحث عن خلفيات هذا الملف، كانت الأمور التي تتكشف لها تصيبها بالذهول. بل، تعرضت إلى التهديد بعد أن قامت بنشر المقال، ولم تحصل على الحماية من أي طرف، مضيفة أنه "لا يوجد هناك منظمات ولا اتحاد صحفيين يقوم بحماية الصحفيين ويساعدهم إذا ما تعرضوا إلى التهديد أو الاعتداء".
سلاح الكلمة
ولم تستسلم الصحفية الشابة نائلة خليل، التي تشع نظراتها جرأة وتفاؤلاً أمام شروط العمل الصعبة، ولا أمام تلك التهديدات. و ما تزال تتذكر أيام طفولتها، عندما كانت الفتيات الصغيرات الأخريات يلعبن بالدمى، وإخوتها يرشقون الإسرائيليين بالحجارة.
أما هي فكانت تختبئ في البيت، وتنكب على قراءة الكتابين الوحيدين اللذين تملكهما الأسرة، القرآن، وحكايات ألف ليلة وليلة، وتعيد قراءتهما في كل مرة من جديد. كان سحر كلمات هذه الأسطورة يسيطر على مشاعرها، فقررت وهي في سن الطفولة مكافحة الحرب والاحتلال بالكلمات.
نائلة خليل: "غطيت رأسي لا عقلي"
اعتادت نائلة خليل على هجوم القناصة وعلى الأنفاق والعراقيل عند نقاط التفتيش. كان عليها دائماً كما تقول اتخاذ القرارات الصعبة، كقرارها العمل في ميدان الصحافة والخروج عن إرادة الأسرة وعقلية المجتمع الرجولي. ومن الأشياء التي ترويها، أنها عندما تقدمت للعمل لدى صحيفة الأيام تردد رئيسها سائلاً: " كيف يمكن أن أوظفك عندي إذا كنت ترتدين الحجاب" فقالت له " لقد غطيت رأسي لا عقلي".
ومن أولى الأعمال الصحفية التي قامت بها نائلة خليل، إجراء مقابلات مع الناجين من مذبحة صبرا وشاتيلا. عندئذ نُشر المقال الذي كتبته عن ذلك في الصفحة الأولى دون ذكر اسمها. لكن منذ حصولها على جائزة حرية الصحافة بدأت تقابل بالتقدير، وتوجه لها الدعوات من قبل الجامعات الفلسطينية لتشجع نساء أخريات على العمل الصحفي.
استمرار النظرة الذكورية للمرأة
على الرغم من النجاحات التي حققتها الصحفية نائلة خليل في عملها حتى الآن ما يزال من الصعب على زملائها قبول امرأة في صفوفهم، وهي ما تزال المرأة الوحيدة لدى الصحيفة. ومن المناسبات التي توضح موقف زملائها الرجال، هي أنه عندما تستمر في العمل حتى الساعة العاشرة مساء وأحياناً حتى منتصف الليل. عندئذ يبدأون بالتهامس فيما بينهم ثم يسألونها: "لماذا لا تذهبين إلى البيت؟ ألا يتوجب عليك الطبخ والتنظيف وما شابه ذلك؟ ". لكن نائلة التي اعتادت على مثل هذه المواقف تثير هذه الأسئلة ضحكها. وعلى الرغم من هذه المواقف بدأت نائلة خليل تلمس من زملائها التقدير والاحترام، لكن عندما تسألهم عما إذا كانوا يريدون الزواج من صحفية يكون دائماً جوابهم لا .
هيلينا ديجوفيا/ منى صالح
مراجعة: طارق أنكاي