تحذيرات تم تجاهلها ـ هجوم ماغديبورغ يثير جدلاً في ألمانيا
٢٢ ديسمبر ٢٠٢٤أعلن المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين في ألمانيا أنه كان أحال إلى الشرطة شخصا قدم معلومات عن
الطبيب السعودي الذي نفذ لاحقا هجوم الدهس القاتل في مدينة ماغدبورغ شرقي ألمانيا مساء أول أمس الجمعة. وقال المكتب إن ما فعله يتماشى مع الإجراء المنصوص عليه في مثل هذه الحالات.
وفي رد مكتوب على استفسار من وكالة الأنباء الألمانية، قال المكتب: "تم تزويد الشخص مقدم الإفادات برابط مباشر إلى السلطة الشرطية المختصة، حيث تتوفر خدمة الموقع أيضا باللغة الإنجليزية ويمكن من خلالها الإخطار عن القضايا المعنية". غير أن المكتب لم يرد على سؤال حول ما إذا كان هو نفسه قام بإبلاغ الشرطة.
وكان المكتب الاتحادي أعلن على منصة إكس في وقت سابق أنه كان تلقى هذه الإفادة في أواخر صيف العام الماضي عبر قنوات وسائل التواصل الاجتماعي. وأضاف: "تم التعامل مع هذه الإشارة بجدية كما هو الحال مع كل الإشارات العديدة الأخرى".
وفي الوقت الحالي، يتم تداول لقطات شاشة على الإنترنت تظهر رسائل من شخص كان قد حذر من الجاني ويدعى طالب ع.، ومع ذلك، لم يتسن التحقق مبدئيا من صحة هذه اللقطات.
كان طبيب سعودي معروف بعدواته للإسلام داهم بسيارته تجمعا في سوق عيد الميلاد في ماجدبورج مساء أول أمس الجمعة، ما أسفر عن قتل خمسة أشخاص وإصابة أكثر من 200 شخص. ويقبع المشتبه به حاليا قيد الحبس الاحتياطي.
وزيرة الداخلية والتعامل بحزم
من جانبها تعهدت وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر بالعمل سريعا على كشف ملابسات هجوم الدهس القاتل ، وذلك في إشارة إلى البلاغات التي وردت سابقا إلى السلطات بشأن المشتبه به. ونقل بيان عن فيزر قولها اليوم الأحد (22 كانون الأول/ ديسمبر 2024) : " تحقيقات الأجهزة الأمنية تسير على قدم وساق".
وأضافت الوزيرة المنتمية إلى حزب المستشار أولاف شولتس الاشتراكي الديمقراطي أنه يتعين الآن جمع كل الأدلة لتكوين صورة عن الجاني " الذي لا يندرج ضمن أي نمط تقليدي تم التعرف عليه حتى الآن"، وأردفت:" يتم التحقيق في الأفكار والتصريحات التي أبداها الجاني، بالإضافة إلى المعلومات والإجراءات الموجودة لدى مختلف السلطات والهيئات القضائية. الهدف هو استخلاص الاستنتاجات الصحيحة من هذه المعلومات." وأكدت فيزر أن السلطات الفيدرالية " لن تدخر وسعا " ، ونوهت إلى أنها وقادة الأجهزة الأمنية سيقومون بإطلاع لجنة الشؤون الداخلية في البرلمان على حالة التحقيق وذلك في جلسة خاصة محتملة للجنة. وأوضحت الوزيرة أن الجاني تصرف وكأنه "إرهابي إسلاموي، رغم أنه كان أيديولوجيا معاديا للإسلام بشكل واضح".
وفي مقابلة نُشرت مساء الأحد في مجلة "دير شبيغل"، أشارت فيزر إلى قانون الشرطة الاتحادية الجديد، الذي يهدف إلى تعزيز قدرات الشرطة الاتحادية، وإلى إدخال نظام المراقبة البيومترية للأجانب.
وقالت السياسية من الحزب الاشتراكي الديمقراطي: "كل هذه القوانين التي قدمناها يمكن أن تُقر على الفور إذا لم تعترض عليها كل من الاتحاد الديمقراطي المسيحي والحزب الديمقراطي الحر". وأكدت: "من الواضح أن علينا فعل كل ما في وسعنا لحماية الناس في ألمانيا من مثل هذه الأعمال الوحشية".
وأشارت إلى أن هذا يتطلب تزويد السلطات الأمنية بجميع الصلاحيات الضرورية وتوفير المزيد من الأفراد.
مطالبات بعدم التسرع
وفي تصريحات لمجلة "دير شبيغل": الألمانية، قال الأمين العام للحزب الديمقراطي الحر، ماركو بوشمان، اليوم الأحد :"مهمتنا هي الوقوف إلى جانب الضحايا وأسرهم. سيكون من السيئ أن ندخل في سباق للمزايدة عبر إجراءات رمزية، فهذا لن يتماشى مع الوضع المزري". يذكر أن بوشمان كان يشغل منصب وزير العدل في الائتلاف الثلاثي المعروف باسم "إشارة المرور" برئاسة المستشار أولاف شولتس، وذلك قبل انهيار هذا الائتلاف بعد خروج الحزب الديمقراطي الحر من الحكومة.
وفي ذات السياق، دعا الأمين العام لحزب شولتس الاشتراكي الديمقراطي، ماتياس ميرش، إلى التحلي بالهدوء والتعقل، حيث قال لنفس المجلة إن " استغلال الحدث أو التسرع في استخلاص النتائج لن يعود بالنفع على أحد، بل إنه سيؤدي فقط إلى تقسيم مجتمعنا. بدلا من ذلك، يجب علينا، بعد تقييم الوضع، استخلاص الدروس الضرورية - سواء لتعزيز البنية الأمنية أو لتحقيق التماسك المجتمعي."
وبدوره، قال وزير الاقتصاد الألماني ومرشح حزب الخضر لمنصب المستشار، روبرت هابيك، مواطني بلاده، في رسالة عبر الفيديو، مخاطبا مواطني بلاده :" لا تدعوا الكراهية تصيبكم". وكانت جماعات يمينية دعت بعد وقت قصير من وقوع الهجوم إلى تنظيم مظاهرات.
وأعلنت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك عن بدء إجراء عملية مراجعة في الأيام المقبلة.وفي تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) أثناء زيارة لسوق عيد الميلاد في مدينة كلاينماخوف، قالت بيربوك اليوم الأحد إن "الأجهزة الأمنية بصدد ذلك". ورأت بيربوك أنه بعد حادث الدهس برز السؤال عما إذا كان بالإمكان منع جريمة العنف هذه حيث كانت عدة أجهزة تلقت في السابق إفادات بشأن منفذ الهجوم وهو طبيب سعودي معروف بمعاداته للإسلام ويدعى طالب ع. وبدورها كانت وزيرة الداخلية نانسي فيزر (المنتمية إلى حزب المستشار أولاف شولتس الاشتراكي الديمقراطي) تعهدت بالعمل على كشف ملابسات الجريمة سريعا.
وفي الوقت نفسه، أكدت بيربوك أن التركيز خلال الأيام التالية للهجوم ينصب على التعاطف مع المتضررين وأسر الضحايا. ولفتت إلى أهمية توضيح أن أسواق عيد الميلاد سيتم الحفاظ عليها باعتبارها "أماكن لتعاضد وتعايش المجتمع". ورأت بيربوك أن الواجب وخاصة في لحظات الحزن أن "نكون معا وأن نقف معا، وأن نحزن معا مع سكان ماجدبورج".
انتقادات تطال تبادل المعلومات
كما انتقد رئيس نقابة الشرطة الألمانية "جي دي بي" يوخن كوبلكه، القصور في تبادل المعلومات بين السلطات. وفي تصريحات لقناة فونيكس التلفزيونية، قال كوبلكه اليوم الأحد:" نحن لا نتحدث مع بعضنا البعض في السلطات بما يكفي. تبادل البيانات ليس آليا." وأعرب كوبلكه عن اعتقاده بأن خطأ القوانين الأمنية في توزيع الأولويات، لعب دورا في هذا موضحا أن "حماية البيانات تمنع تدفق المزيد من
المعلومات. وهذا يمثل مشكلة جوهرية في البنية الأمنية الفيدرالية الألمانية." وأضاف رئيس النقابة أنه بعد فترة الحداد، يجب إجراء نقاش مكثف حول الإجراءات الفورية التي يجب اتخاذها. وتساءل عن سبب عدم اتخاذ الإجراءات اللازمة قبل وقوع الهجوم، على الرغم من أن العديد من السلطات كانت تراقب الجاني مسبقا. وأكد أنه ينبغي بأسرع ما يمكن التفكير بشكل جذري في كيفية التعامل مع
الأدلة الواردة من الخارج مستقبلا. وقال: "يجب أن يتم ذلك عن طريق تحسين توحيد المعايير والأتمتة". وأوضح أن الشرطة تنتظر منذ فترة طويلة القدرة الوقت الذي تتمكن فيه من الوصول بشكل أسرع إلى المعلومات المتوفرة في مناطق أخرى من ألمانيا.
ع.خ/ ع.أ.ج ( د ب ا، أ ف ب)