تحرش معنوي أو إلكتروني ـ نهاية السيطرة في العصر الرقمي
٢٠ أغسطس ٢٠١٢أصبحت طرق الاتصال عبر الإنترنت، سواء بالبريد الإلكتروني أو المحادثة أو "التغريد" على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، من المسلمات في وقتنا المعاصر، إلا أن لهذه العملة وجهين. فثلث الشباب الألمان بين الرابعة عشرة والعشرين من العمر كان طرفاً في حادثة تحرش معنوي، سواء في دور الضحية أو أحد المتحرشين.
البالغون أيضاً يمكن أن يصبحوا محور فضيحة على الإنترنت، حسب ما تقول هانه ديتيل، الباحثة في شؤون الإعلام، في حديث مع DW. ديتيل قامت، بالتعاون مع بيرنهارد بوركسين، بتأليف كتاب بعنوان "الفضيحة المثارة .. نهاية السيطرة في العصر الرقمي".
DW: عندما نفكر في موضوع التحرش المعنوي على الإنترنت، يخطر في بالنا تلاميذ المدارس، الذين يتعاملون بشكل غير حذر ومنفتح مع الإنترنت. لكنك في كتابك توضحين كيف يقع مستخدمون متمرسون للإنترنت، مثل معظم تلاميذ المدارس، ضحية لهذا التحرش. ما هي مظاهر التحرش المعنوي الإلكتروني في المدارس؟
هانه ديتيل: في المدارس يتخذ التحرش المعنوي طابع الفضح. فالتلاميذ يروون حوادث خرق العادات أو التصرفات غير اللائقة لكل العالم، وهذا سهل في عصرنا الذي يتميز بتعدد وسائل الاتصال وآنيتها. فبإمكان أي شخص يستخدم هاتفاً ذكياً أو كاميرا رقمية التقاط صور بسرعة كبيرة لما يحدث، مثلاً، في قاعة المحاضرات، وتحميل هذه الصور والأفلام على الإنترنت. وعادة ما تبقى هذه المعلومات هناك ويمكن عرضها لفترة طويلة.
ما هي تبعات ذلك على مستقبل الطلاب الذين يتم تصويرهم؟
عندما يتعلق بالأمر بفضح شخص ما، فإن سمعة هذا الشخص تتعرض لتشويه، وهذا قد يسبب له مشكلة عندما يبحث رب عمل عن أناس مؤهلين. فأرباب العمل يستطيعون بكل سهولة استخدام محركات البحث للعثور على معلومات عن من يتقدمون لشغل وظائف لديهم. وهذا يعني أن من يتم تصويرهم وفضحهم على الإنترنت يعيشون في حالة من الشك، فهم لا يعرفون من يعلم بأمر هذه الصور والأفلام.
في كتابك تتحدثين عن "نهاية السيطرة في العصر الرقمي". هل يعني ذلك أن كل مزحة أو كل لحظة محرجة قد تتحول في العالم الافتراضي إلى فضيحة؟
عندما أقوم بتحميل معلومات شخصية عني في الإنترنت أو عندما يقوم آخرون بعمل ذلك، يمكن أن تستخدم هذه المعلومات ضدي، وهذا يعني أنني غير قادرة على السيطرة على هذه المعلومات. المعلومات الرقمية تتميز بيسرها، إذ يمكن البحث فيها بكل سهولة، وربطها بمعلومات أخرى ونسخها ووضعها في سياق مختلف تماماً. ومن ناحية أخرى سبب الإنترنت ازدياد المراقبة، ويمكن توضيح ذلك عن طريق وزير الدفاع الألماني السابق، كارل تيودور تسو غوتنبيرغ، الذي قام بتزوير أجزاء كبيرة من أطروحة الدكتوراه، واكتشفها صائدو التزوير في الإنترنت وأثبتوها.
هل يوجد هناك تسلسل واضح لكيفية تحول شخص ما إلى ضحية للتحرش المعنوي الإلكتروني؟
تبدأ الأمور عادة بتصرف مشين أو سخيف يتم نشره على الإنترنت. طرق الاتصال التقليدية، كالصحف والراديو والتلفزيون، لا تستخدم لإثارة الفضائح إلا من قبل الصحافيين. أما الآن فالكل قادر على ذلك. الخطوة الثانية يتخذها الجمهور، الذي يعتبر أكثر نشاطاً ويتمتع بسلطة أكبر من السابق، فهو قادر على توزيع هذه المعلومات والتعليق عليها. إضافة إلى ذلك، يمكن عرض هذه المعلومات من أي مكان حول العالم، وتبقى في أسوأ الأحوال فترة طويلة على الإنترنت، لأن ليس من السهولة بمكان شطبها.
ما هي العواقب الدولية للفضائح التي استعرضتها في كتابك؟
العواقب الدولية لمثل هذه الفضائح تتضح من خلال حالة طالبة صينية كانت تدرس في الولايات المتحدة سنة 2008. لقد حاولت هذه الطالبة، قبيل انطلاق دورة الألعاب الأولمبية في بكين، القيام بالوساطة بين مجموعتين من الطلاب المتظاهرين. المجموعة الأولى كانت تتظاهر للمطالبة بحرية التبت، بينما كانت الأخرى تتظاهر ضد ذلك. المجموعة التي كانت ضد حرية التبت غضبت من محاولات الوساطة التي كانت تقوم بها زميلتهم الصينية، وقامت بتصويرها أثناء ذلك، ما أدى إلى موجة من التحرش المعنوي الإلكتروني ضدها، وصلت إلى حد إرسال تهديدات بالقتل لها ولوالديها في الصين.
هل كان بإمكان هذه الطالبة عمل أي شيء حيال ذلك؟
هذا صعب للغاية، فمن يقوم بتحميل معلومة ما على الإنترنت يملك سلطة إعطاء هذه المعلومة تفسيراً معيناً. آنذاك قامت الطالبة الصينية بتحميل تفسير مضاد على الإنترنت وبتوضيح جهود الوساطة التي قامت بها، إلا أن ذلك لم يؤد إلى أي نتيجة.
هل يعني ذلك بالنسبة لنا أن علينا أن نكون أكثر حذراً ووعياً بتصرفاتنا وسلوكنا في الأماكن العامة؟
لقد قمنا في كتابنا بصياغة ما أسميناه "الأولوية القصوى في العصر الرقمي"، وهذا يعني: "تصرف في الأماكن العامة دائماً بشكل يمكنك تفسير تأثيراته طويلة الأمد، لكن توقع ألا يفيدك ذلك على الإطلاق". في نهاية الأمر يمكننا أن نحاول رفع الوعي حول التأثيرات المحتملة للأفلام التي يتم تصويرها بالهواتف النقالة أو "تغريدات" تويتر أو حتى رسائل البريد الإلكتروني.
زابينه داماشكه/ ياسر أبو معيلق
مراجعة: أحمد حسو