تحليل: الاتفاقية النووية مع إيران على حافة الهاوية
١٦ يناير ٢٠٢٠"لنتخيل كيف ستنتهي جولة التصعيد الأخيرة بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران، إذا كانت تملك أسلحة نووية؟"، يقول مفوض الاتحاد الأوروبي للسياسة الخارجية، جوزيب بوريل. لذا يجب إيجاد سبل لدفع إيران مجددا للتمسك بالتزاماتها في الاتفاقية النووية. ويأمل بوريل أنه من خلال تفعيل آلية التحكيم المنصوص عليها في الاتفاقية أن ينفتح الباب أمام نقاشات جديدة مع الحكومة في طهران.
زيادة الضغط على طهران
والتصريحات الأخيرة في طهران لاتخاذ الخطوة الأخيرة للخروج من الاتفاقية النووية "مثيرة للقلق"، كما قال بوريل أمام البرلمان الأوروبي. وأوضح أن "الأمر لا يتعلق بالنسبة إلينا بعقوبات"، فالأوروبيون يريدون فقط التوصل إلى حلول لتحريك البلاد من أجل العودة إلى التزاماتها. وهنا يرتبط الأمر بعدد أجهزة الطرد المركزي التي يتم بها تخصيب اليورانيوم وكثافة التخصيب وكمية اليورانيوم التي يحق تخزينها؛ وقد تنصلت إيران من جميع هذه الالتزامات. وقبل الاجتماع الخاص لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي يوم الجمعة الماضية أعلن وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان أن إيران في ظل هذه الظروف بإمكانها في غضون سنة أو سنتين امتلاك المواد النووية اللازمة لإنتاج أسلحة نووية.
والسؤال هو ما هي المعلومات المعلومات الجديدة التي رشحت بين يومي الجمعة والثلاثاء لتفسير التحول المفاجئ في موقف الدول الأوروبية الثلاث (ألمانيا، بريطانيا، فرنسا) الموقعة على الاتفاقية النووية؟ فقبل نهاية الأسبوع لم تكن هذه الدول مستعدة لتفعيل آلية التحكيم لحل النزاع حول الاتفاقية، بغية منح مزيد من الوقت للاتصالات مع طهران. لكن الآن تم فجأة تفعيل الآلية وبهذا تبدأ فترات زمنية قد تعني إعادة اعتماد العقوبات الدولية لعام 2015 في غضون شهرين.
ويتهم وزير خارجية إيران جواد ظريف الأوروبيين بالخضوع لضغوط الولايات المتحدة الأمريكية. وبالفعل يضغط دونالد ترامب على الاتحاد الأوروبي منذ انسحابه من الاتفاقية النووية عام 2018 لفعل نفس الشيء والتطلع إلى مفاوضات جديدة. وأمام هذا قال بوريل إن الاتحاد الأوروبي يعمل بنية جيدة ويريد الحفاظ على الاتفاقية التي تمثل أكبر نجاح سياسي خارجي للأوروبيين.
شرخ في وحدة الصف الأوروبي
توحد لندن وباريس وبرلين غير مضمون، فرئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون تحدث في مقابلة تلفزيونية عن صفقة جديدة "صفقة ترامب" مع ايران. إذن، هل تم تفعيل آلية التحكيم المنصوص عليها في الاتفاق لإقناع جونسون بالموقف الأوروبي المشترك؟ علما أن الإشارات من لندن كانت متباينة.
ورئيس الدبلوماسية الأوروبية بوريل أكد في المقابل أن وزير خارجية بريطانيا دومينيك راب وقع على رسالة الدول الأوروبية الثلاث الداعية إلى الحفاظ على الاتفاقية النووية. "لم يتخل أحد عن الصفقة، والوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا تواصل مراقبتها". والاتفاقية مدونة في بيان لمجلس الأمن الدولي وماتزال قائمة. والاتفاقية جزء هام من هندسة نزع السلاح الدولية.
أوروبيون حائرون
وداخل البرلمان الأوروبي، حيث تم قبلها طوال ساعات مناقشة تمويل سياسة المناخ، يكشف النقاش حول إيران أن هناك نقصا في خبراء في السياسة الخارجية داخل المجموعة. ولم يعد يوجد خبراء في سياسة الشرق الأوسط ويقتصر الأمر على مناشدات عبر الأحزاب لتوخي العقلانية في التعامل مع إيران والحفاظ على وحدة دول الاتحاد الأوروبي والنية الحسنة للأوروبيين للعمل كوسطاء من أجل احتواء التصعيد المهدد.
والواضح في ذلك أن الاتحاد الأوروبي ليس لديه ما يقدمه سوى الكلمات الرنانة: فآلية الدفع "Instex" التي يراد من خلالها تجنب عقوبات الولايات المتحدة ومنح ايران تجارة خارجية محدودة لا تعمل إلى يومنا هذا. وهنا قدم الاتحاد الأوروبي وعودا لم يقدر على الالتزام بها. فجيمع الآمال معقودة الآن على الجهود الدبلوماسية الجديدة في إطار نظام التحكيم التي ينسقها بوريل.
وتم عبر جميع الأحزاب اعتبار ذلك كإشارة ايجابية وربما مأمولة بأن اعترفت الحكومة في طهران بإسقاط الطائرة المدنية الأوكرانية وقدمت اعتذارها. والآن يجب الكشف عن كافة ملابسات الحادثة المروعة. كما أن الجميع يناشد الحكومة الايرانية عدم الإقدام مجددا على قمع المظاهرات ضد النظام بعنف. وفي المفاوضات مع ايران يجب الحديث أيضا عن وضع حقوق الانسان، كما يطالب متحدثون باسم الخضر والليبراليين في البرلمان الأوروبي.
فأمل الاتحاد الأوروبي معقود الآن على رئيس دبلوماسيته، دوزيب بوريل. لكن هذا ذي التأهيل والخبرة الاقتصادية والذي كان رئيسا للبرلمان الأوروبي ومن ثم وزيرا للخارجية الإسبانية لمدة عام، وبالتالي ليست لديه الخبرة الكافية فيما يتعلق بالاتفاق النووي والمفاوضات مع إيران. وبشكل العام ليس لا يستطيع بوريل أن يترك انطباعا بوجود سياسة خارجية أوروبية قوية. لكن هل هو مفاوض قوي ناجح خلف الأبواب الموصدة؟ هذا ما لايمكن معرفته حتى الآن.
باربارا فيزل/ م. أ. م