"تشكيل الحكومة العراقية مرهون بموقف الأكراد"
٢٥ أكتوبر ٢٠١٠في أوج فترة الجمود التي تواجه المشهد السياسي العراقي، خصوصاً ما يتعلق بتشكيل حكومة جديدة، ومحاولات الكتل السياسية المختلفة تأمين تحالفات تضمن لها أغلبية في البرلمان، أصدرت المحكمة الاتحادية، أعلى هيئة قضائية في العراق، قراراً بإلغاء تجميد مجلس النواب لجلساته، باعتباره مخالفاً للدستور، واستئناف الجلسات العادية في أسرع وقت ممكن.
قرار المحكمة لن يغير الواقع السياسي
وبحسب الدستور العراقي، فإن البرلمان مطالب بانتخاب رئيس للجمهورية بعد ثلاثين يوماً من انعقاد جلسته الأولى. ومن أولى مهام الرئيس الجديد الطلب من الكتلة البرلمانية الأكبر تشكيل الحكومة الجديدة، وهو أمر لا يزال يشغل الساحة السياسية العراقية منذ انتهاء الانتخابات البرلمانية قبل حوالي ثمانية شهور. وفي هذا السياق يقول البروفسور فرهاد إبراهيم، المحلل السياسي وأستاذ التاريخ المعاصر بجامعة إرفورت الألمانية، في حديث لدويتشه فيله بأن قرار المحكمة "له تأثير دستوري وقانوني على العراق، (لكن) إذا لم تتفق الكتل السياسية على تشكيل حكومة وعلى انتخاب رئيس جمهورية وما يتبعها من خطوات، فلن يحصل شيء بالسرعة التي نتوقعها".
ويتوقع إبراهيم أن يستغرق تشكيل الحكومة وقتاً أطول، قد يمتد إلى نهاية العام الحالي، بسبب الخلافات القائمة بين الكتل المختلفة، والتي لن يحلها انعقاد مجلس النواب. ولا تزال أكبر كتلتين سياسيتين في العراق - قائمة العراقية بزعامة إياد علاوي، والتحالف الوطني العراقي المكون من ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي، والمجلس الإسلامي الأعلى بزعامة عمار الحكيم، والتيار الصدري الشيعي، تحاولان خطب ود التحالف الكردستاني، الذي يلعب دوراً مهماً في حسم معركة تشكيل الحكومة لأحد الطرفين.
السلطة القضائية رهينة قرارات السلطة التنفيذية
من ناحيته اتهم غانم جواد، الخبير في الشأن العراقي في لندن، المحكمة الاتحادية بالرضوخ لملاءات السلطة التنفيذية والتسبب في حالة الجمود السياسية الحالية. وقال جواد، في حوار لدويتشه فيله، إن "رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي عندما أعلن قبل أسبوع عن ضرورة عقد المجلس النيابي، استجابت المحكمة لطلبه وصاغت قانوناً يطلب من النائب الأكبر سناً في البرلمان الدعوة إلى عقده. لو كان القضاء مستقلاً عن السلطة التنفيذية، فلماذا لم تنظر المحكمة إلى هذا الموضوع منذ انعقاد المجلس في 14 يونيو/ حزيران الماضي؟".
يشار إلى أن البرلمان العراقي قد عقد جلسة واحدة فقط منذ انتهاء الانتخابات البرلمانية في شهر مارس/ آذار الماضي، دامت أقل من عشرين دقيقة، أعلن بعدها النائب الأكبر سناً، فؤاد المعصوم، عن إبقاء الجلسة مفتوحة لحين تشكيل حكومة جديدة.
"بيضة القبان" أم "صانعو الملوك"
أما فيما يتعلق بالدور الكردي في تشكيل الحكومة الجديدة، فيؤكد البروفسور فرهاد إبراهيم على أن الأهمية الإستراتيجية لإقليم كردستان، إضافة إلى امتلاكه لموارد طبيعية غنية أهمها البترول، يجعل الأكراد "جزءاً من المعادلة السياسية في العراق. هم لم يكونوا عقبة أمام تشكيل أي حكومة ... الأكراد لهم قضايا خلافية يجب أن تحل أولاً ... بغض النظر عن الكتلة السياسية التي ستشكل الحكومة، فالأكراد لهم مطالب معروفة سابقاً والآن أيضاً".
من جهته يكرر الأستاذ غانم جواد تأكيده لهذه التصريحات، ويشدد على أن الأكراد باتوا يمثلون "بيضة القبّان" التي سترجح كفة الكتلة التي ستتحالف معها. كما ويوضح أن القادة الأكراد يتعاملون من منطلق المصلحة الكردية، ومن منطلق رغبتهم في المحافظة على تواجد كردي مميز في العراق على أساس حكم فدرالي لإقليم كردستان، بالرغم من صعوبة هضم هذا المفهوم سياسياً لدى بقية الشعب العراقي في الوقت الراهن.
لكن أستاذ التاريخ المعاصر بجامعة إرفورت فرهاد إبراهيم يرى بأن "صانعي الملوك" الحقيقيين في العراق هم الأحزاب العربية، والشيعية، ومن خلفهم إيران، كونها كتل سياسية ذات أغلبية يمكنها فرض اختيارها في البرلمان. ويضيف إبراهيم: "أعتقد أن الأحزاب العربية هي من ستحدد شخص رئيس الوزراء، أما الأكراد فلا تهمهم سوى تلبية مطالبهم بغض النظر عمن سيشغل منصب رئيس الوزراء".
وبحسب رأي المحلل السياسي غانم جواد، فإن تزامن قرار المحكمة الاتحادية في هذا الوقت الحساس دليل على أن "السيد رئيس الوزراء (نوري المالكي) يسعى لفرض حكومته وفرض نفسه على الكتل السياسية (الأخرى)، وهناك مقاومة شديدة لهذا النوع من الهيمنة. موضوع تشكيل الحكومة في العراق سيأخذ وقتاً أطول لحين حسم الأكراد موقفهم مع أي المرشحين سيكونون".
ياسر أبو معيلق
مراجعة: حسن زنيند