تضامن أكراد تركيا مع ذويهم النازحين من كوباني
٢٧ أكتوبر ٢٠١٤في الجانب التركي من الحدود السورية التركية جلست أم جيان فوق تلة مشته نور، وهي تشاهد سحب الدخان المتصاعدة فوق سماء مدينة كوباني. ومن خلال هدير الطيران الحربي يتعالى صوتها وتقول: "الله يخلصنا منهم"، في إشارة الى تنظيم الدولة الاسلامية (داعش). وتتبع أم جيان ما يحدث هناك عن كثب، كما تتفاعل مع الاصوات المتقطعة للمعارك الدائرة داخل كوباني، ثم تشير الى الجهة الجنوبية منها وتوضح أن إبنها: "جيان هناك، يحارب الى جانب مقاتلي أكراد تركيا ".
منذ بداية معركة كوباني قبل شهر، أنضم الكثير من الشباب لوحدات حماية الشعب الكردية، ومن بين هؤلاء إبنها جيان. وتضيف الأم قائلة: "قبل سنتين التحق إبني بقوات حماية الشعب الكردية، شارك في معارك سري كانيه، وهو الآن يناضل من أجل الدفاع عن كوباني، الله يحميهم وينصرهم". ثم تحدث والد جيان الذي كان برفقة زوجته بحصرة وقال: "خلص دراسته الجامعية وتخرج بمعدل عال، كنا نأمل في أن يتزوج ويصير عنده بيت وأسرة"، واضاف قائلا: "أختار ان يلتحق بالقوات الكردية التي تدافع عن المدن الكردية. إنها قضية حياة أو موت. الاكراد يخوضون معركة مصيرية".
كوباني بين الذكريات والواقع
زكو تبلغ من العمر 62 سنة وتنحدر من قرية ايدق على بعد خمسة كيلومترات من جنوب كوباني. وهي الآن لاجئة عند أبنة أختها، بعد ان أجبرت على النزوح قبل شهر تقريبا. وتقول زكو في لقاء مع DW/عربية: "لم أكن أتخيل أني سأصبح يوماً ما لاجئة "، وتعبر عن ألمها من تطور سرعة الأحداث وتقول: "ما كان بوسعنا أن نأخذ شيئا معنا من البيت، كل شيء بقي هونيك، خفنا يهجموا علينا في أية لحظة فهربنا".
خلال حديث السيدة زكو في الساعة الثانية بعد الظهر بالتوقيت المحلي، استهدفت غارة جوية قوية منطقة تقع جنوب غربي المدينة، وبقيت زكو واقفة تشاهد تناثر الغبار الاسود في سماء كوباني.
أما زلال خانم من قرية بوزان تبة التركية فقد استقبلت، هي وزوجها، خمس عائلات من اقربائها كلاجئين. ورغم صغر حجم المطبخ لم يمنعها ذلك من تحضير وجبات طعام لهذا العدد الكبير من الأهل. في الماضي كانت تستعمل الطناجر الكبيرة إلا في الحفلات، وتقول لـ DW/عربية: "نحن سعداء لمجيئهم، ونحاول تقديم كل شيء لهم، رغم ان عددنا الان كبير، ولكن مآسي الحرب علينا تحملها سويةً". اما شفان وهو زوج زلال فتتجلى مسؤوليته في تأمين حاجيات المنزل والذهاب الى السوق يومياً لشراء الخبز والخضراوات واللحم، وفي حديثه مع DW/عربية يلاحظ قائلا: " نمر حاليا بأسوء الظروف واهل كوباني اخوتنا، علينا ان نقدم لهم كل ما يمكن"، ورغم ضيق المكان يؤكد شفان على أهمية واجب الضيافة ويقول: "نحن لا نقوم بواجب الضيافة لأهلنا فقط، نحن نتكاتف لمساعدة مقاومة كوباني الصامدة".
مئات آلاف النازحين
معركة كوباني تسببت في نزوح أكثر من 300 الف شخص. أكثر من مائتي ألف منهم عبروا الحدود إلى تركيا. وحسب سجلات مكتب اللاجئين التركي AFADفقد عبر في شهر سبتمبر وحده حوالي 190 ألف نازح الى الاراضي التركية.
غير ان المحامي محمود كالو رئيس لجنة الاغاثة في المجلس الوطني الكردي في كوباني، يعتبر ان "العدد أكبر بكثير"، وقال في مقابلة مع DW/عربية: " العدد يتراوح بين 250 الف الى 300 ألف"، ثم أوضح قائلا: " نزح كثيرون في ريف كوباني المؤلف من 360 قرية. معظم هؤلاء لجئوا الى مدينة سروج الحدودية والقرى التابعة لها، لقربها من كوباني ولوجود علاقات عائلة واسرية فيما بينهم، كما قصد قسم منهم مدينة اورفة وبعضهم سافر الى غازي عنتاب ومدن اخرى في تركيا".
ويؤكد ميران حج داوي مختار قرية بتعه التركية الواقعة على بعد 7 كيلوميترات من شرق مدينة كوباني أنه "رغم الأعداد الكبيرة التي وصلت الى قريتنا، فقد كنا على قدر المسؤولية"، ويضيف: "منذ اليوم الأول من وصول أهلنا واقربائنا فتحنا لهم بيوتنا وقدمنا لهم كل ما لدينا، لم ننتظر مساعدات من أحد"، وأوضح ان بلدية سروج والهلال الاحمر التركي ومتبرعين قاموا بتقديم مساعدات للنازحين.
وعن التحديات التي تواجهها منظمات الإغاثة الإنسانية المحلية والدولية، فقد تحدث المحامي محمود كالو عن " الاعتباطية والعشوائية بسبب غياب برنامج واضح ومخطط لتقديم المساعدات". وأضاف: " حتى نحن أيضا في المجلس الكردي نعمل بطريقة عشوائية حيث ليست لنا قوائم عن عدد الاجئين وأماكن تواجدهم. فأعدادهم كبيرة مقارنة بالأموال الاغاثية المقدمة، ولم يتم الوفاء بالوعود الكثيرة" بحسب المحامي محمود كالو.