تعديلات جديدة على قانون الهجرة الفرنسي تثير جدلا واسعا
٥ فبراير ٢٠٢٣تشهد فرنسا منذ مطلع العام جدلا سياسيا حول عدد من القضايا، على رأسها تعديل قانون سن التقاعد الذي تقدم به الرئيس إيمانويل ماكرون، ومقترح وزير الداخلية جيرالد دارمانان الجديد حيال إصلاح قانون الهجرة واللجوء الحالي، الذي أقرته الحكومة فانح شباط/فبراير، قبل عرضه على مجلسي الشيوخ والنواب.
وسيعرض مشروع القانون على مجلس الشيوخ الفرنسي في منتصف آذار/مارس قبل أن يعرض أمام الجمعية الوطنية في أواخر أيار/مايو المقبل. وقد تلجأ الحكومة الفرنسية للمادة 49.3 لفرض تمرير القانون أمام البرلمان لكن جيرالد دارمانان الذي يبدو مصرا على إقرار القانون صرح: "أقبل بأن يتم التوصل لاتفاق (بشأن القانون)، ولكن دون التغيير من جوهره".
مشروع قانون الهجرة الجديد أثار قلق عدد من الجهات والهيئات المعنية بقضايا اللجوء، إذ اعتبرت أنه يهدف إلى تقليص حقوق الأجانب على الأراضي الفرنسية. فإضافة إلى شرط معرفة اللغة والالتزام بمبادئ الجمهورية، سيسعى القانون إلى رفع أعداد عمليات الترحيل من البلاد وطرد من يتم تصنيفهم "خطرا على النظام العام".
في ما يلي رصد لأبرز بنود القانون المقترح الذي يسعى لمعالجة "معضلة الهجرة"، التي باتت فعليا "معضلة" أوروبية.
تصاريح إقامة مهنية والسماح لطالبي اللجوء بالعمل
من أجل الاستجابة للنقص في اليد العاملة في بعض القطاعات، يقترح القانون الجديد منح من عملوا في تلك القطاعات على الأراضي الفرنسية لمدة ثمانية أشهر متتالية الإقامة لمدة ثلاث سنوات، على ألا تتضمن حق لم الشمل لعائلاتهم.
والأمر الأكثر إثارة للجدل هو أن القانون سيسمح بمنح تصاريح عمل، مبدئيا لمدة عام واحد، للمهاجرين غير الشرعيين العاملين في قطاعات يصعب فيها التوظيف.
هذا البند، الذي تم التوصل إليه بالتنسيق بين وزيري الداخلية جيرالد دارمانان والعمل أوليفييه دوسو (المنشق عن اليسار)، لاقى ترحيبا من قبل عدد من النقابات والقطاعات المعنية، كقطاعات المطاعم والخدمات والصحة. ويشترط البند تحديث قائمة المهن المعنية بشكل دوري.
سيسمح التعديل القانوني الجديد لطالبي اللجوء بالعمل مباشرة بعد تقديم طلبهم، شرط أن يكونوا حاملين لجنسيات محددة مذكورة على قائمة يتم تحديثها سنويا (لم يتم الكشف عن القائمة المعتمدة لهذا العام). في الوقت الحالي، لا يسمح لطالبي اللجوء بالدخول إلى سوق العمل خلال الأشهر الستة الأولى من تاريخ تقديم طلباتهم، أو إلى أن يتم البت في طلباتهم أو طعونهم، ما قد يستغرق أكثر من ثلاث سنوات في بعض الحالات.
من المتوقع أن يشمل هذا البند طالبي اللجوء الأفغان، كونهم يحتلون رأس قائمة جنسيات طالبي اللجوء (وفقا لإحصاء يوروستات).
ومع ذلك، يواجه هذا البند تحديدا معارضة من القوى السياسية اليمينية، بحجة أنه سيفتح الباب أمام موجات من الهجرات "العمالية"، على الرغم من إعلان دارمانان أنه مستعد لتقديم تنازلات في بعض الجوانب. فهل سيهدئ هذا الاستعداد من قلق اليمين، خاصة حزب "الجمهوريين" المتوقع أن يقدم دعمه لمشروع إصلاح قانون التقاعد الذي تقدم به ماكرون؟
اللغة الفرنسية وتشديد الرقابة على سوق العمل
وفقا لمقترحات قانون الهجرة واللجوء الجديد، سيتعين على من يريدون الحصول على بطاقة إقامة متعددة السنوات أن يتقنوا الحد الأدنى من اللغة الفرنسية، الشرط الموجود أصلا لدى من يريدون الحصول على الجنسية. في الوقت الحالي، لا يترتب على من يريدون الحصول على هذه الإقامة سوى إثبات التواجد الدائم على الأراضي الفرنسية.
ولا ينص المشروع الذي ستتقدم به الحكومة على ضرورة أن يخضع طالب الاقامة لدورات لغة بشكل مستقل (تمت مضاعفة مدة دورات اللغة الفرنسية في 2018)، ولكنه يسعى لإشراك المؤسسات والشركات بشكل مباشر، من خلال مطالبتها باحتساب "أوقات دراسة اللغة لدى هؤلاء على أنها من ضمن دوام العمل"، وبالتالي أن تدفع لهم معاشاتهم الشهرية كاملة ودون اقتطاع ساعات تعلم اللغة.
كما يقترح القانون تشديد الرقابة على المؤسسات والشركات ومراقبة نسب توظيفها لأشخاص لا يملكون إقامات قانونية على الأراضي الفرنسية. ويمكن أن تتعرض المؤسسة المخالفة لغرامة قد تصل إلى أربعة آلاف يورو، عن كل حالة مخالفة يتم رصدها.
وتتضاعف قيمة المخالفة في حال تكرارها (توظيف أشخاص بدون أوراق) خلال سنتين.
أوامر المغادرة ومحكمة اللجوء وعمليات الطرد والترحيل
يشمل القانون مقترحا يعزز من سلطات المحافظات فيما يتعلق بإصدار أوامر بمغادرة الأراضي الفرنسية، لمن رفضت طلبات لجوئهم من قبل المكتب الفرنسي لحماية اللاجئين وعديمي الجنسية (أوفبرا). ومن المفترض، وفقا للحكومة، أن يسهل هذا البند عمليات الترحيل بمجرد تأكيد المحكمة الوطنية للجوء عدم أهلية الأشخاص المعنيين للحصول على اللجوء.
وبشأن المحكمة الوطنية للجوء، يهدف القانون إلى تسهيل قيام قاض واحد بالنظر في طلبات اللجوء، في وقت يفترض فيه حضور ثلاثة قضاة، رئيس وقاض مؤقت يعينه مجلس الدولة وشخص خبير في مجال اللجوء يتم تعيينه من قبل مفوضية اللاجئين.
وتعرض هذا المقترح لانتقادات شتى من قبل هيئات وجهات معنية بقضايا اللجوء والهجرة في فرنسا، اعتبرت أنه لو تم اعتماده، فإنه سيضر بشكل كبير بطالبي اللجوء.
ويسعى القانون لطرد الأجانب المصنفين "خطرا على النظام العام"، واقتراح إصلاحات "هيكلية" على نظام اللجوء وحق الأجانب بالاستئناف أمام المحاكم الفرنسية.
كما أعاد طرح قانون "رفض أو سحب أو عدم تجديد تصاريح الإقامة" لمن يثبت عدم امتثالهم "لقيم الجمهورية، بما يشمل المساواة بين الجنسية وحرية التوجه الجنسي...".
فضلا عن ذلك، سيتم السماح لقوى إنفاذ القانون (وفقا للمقترح) باستخدام "الإكراه للحصول على بصمات أصابع الأجانب المقيمين بشكل غير نظامي في البلاد وأخذ صور فوتوغرافية لهم".