تعديل الدستور في تركيا... حقائق ومواقف بين الرفض والتأييد
١٣ أبريل ٢٠١٧يصوت الأتراك في الاستفتاء المرتقب على ما إذا كانت الدولة ستتغير من نظام برلماني إلى نظام رئاسي، ويعني ذلك إلغاء منصب رئيس الوزراء، حيث سيصبح الرئيس المنتخب مباشرة من الشعب رئيسا للحكومة وقائد الدولة. ومن تم فإن الرئيس سيحصل على صلاحيات أكبر تسمح له بتخطيط ميزانية الدولة وتعيين الوزراء والقضاة وإعفاؤهم، كما يحق له في بعض المجالات إصدار مراسيم. ولرئيس الدولة الحق في الانتماء لحزب سياسي، أما حاليا فهو ملزم رسميا بالتنازل عن انتماءه الحزبي ومزاولة مهمته "بحيادية".
باختصار يعني ذلك أن الرئيس سيحصل على سلطة كبيرة، وهو في الوقت الراهن رجب طيب أردوغان الذي يعمل منذ 2005 على إعادة تعريف منصب الرئيس. ومع فشل المحاولة الانقلابية صيف عام 2016 حصل إردوغان على دعم قوي في هذا التوجه. منذ ذلك الحين يؤكد إردوغان على ضرورة القيام بتغييرات راديكالية. وجاءت فكرة الاستفتاء لتقسم المواقف في هذا الشأن داخل تركيا وخارجها.
من يسعى إلى تعديل الدستور؟
أنصار أردوغان من حزب "العدالة والتنمية" سيصوتون بنعم، وهذا ليس بالمفاجئة. فهم يؤكدون أن تعديل الدستور أمر ضروري لتحديث الحكومة التركية وتمكينها من مواجهة متطلبات التطورات السياسية.
الأمرالمفاجئ هنا هو أن "حزب الحركة القومية" الذي يرفض تقليديا فكرة قيام نظام رئاسي أصبح يدعم تعديل الدستور. وهناك شائعات تقول بأن زعيم هذا الحزب تلقى وعد شغل منصب نائب الرئيس.
البرلمان التركي قبل أيضا فكرة تعديل الدستور، لكن كي يصبح ساري المفعول، يجب على الشعب أن يوافق عليه.
من يعارض تعديل الدستور؟
يلقى تعديل الدستور رفضا من قبل أهم حزبين تركيين في البلد، وهما "حزب الشعب الجمهوري" و "الحزب الشعبي الديمقراطي". كما إن مجموعات مدافعة عن حقوق الإنسان وحركات ديمقراطية ستصوت ضد التعديل، وهي ترى أن تعديل الدستور سيمكن أردوغان من الحكم كدكتاتور. وفي حال قبول التعديل، فبإمكان أردوغان الترشح لفترتين رئاسيتين أي في 2019 و 2024. ويعني ذلك بقاءه في السلطة حتى 2029.
نهاية الديمقراطية في تركيا؟
بعض مقومات تقسيم السلطة تبقى قائمة حتى في الدستور المعدل. ويمكن للبرلمان أن يتجاوز في بعض المجالات قرارات الرئيس، كما يمكن له فرض إجراء تحقيقات وأيضا تجريد الرئيس من منصبه بغالبية ثلثي مجموع الأصوات.
لكن حتى في إطار النظام الحالي نجحت الحكومة بزعامة أردوغان في تفريغ دولة القانون الديمقراطية. فسياسيون معارضون وصحفيون يخضعون حاليا للمضايقة والاعتقال. وبعد المحاولة الانقلابية الفاشلة في الصيف الماضي أعفى أردوغان 2.700 قاض من مهامهم. ومن الصعب تصور أن تكتسب تركيا ديمقراطية أكبر في حال حصول الرئيس الحالي على سلطة أكبر.
الأتراك في الخارج وثقل وزنهم؟
حسب أرقام الحكومة التركية فإن 5.5 مليون تركي يعيشون في الخارج. 4.6 مليون منهم في غرب أوروبا . العدد الإجمالي لسكان تركيا 80 مليون نسمة. و ل 55 مليون مواطن حق التصويت، وبالتالي يمكن للأتراك في الخارج أن يلعبوا دورا مهما في الاستفتاء. ولذلك فإن كلا من المؤيدين والرافضين لتعديد الدستور يأملون في دعم الأتراك المقيمين مثلا في النمسا وهولندا ولاسيما في ألمانيا التي يقيم فيها وحدها 1.4 مليون تركي، لهم حق الانتخاب. لكنه من غير المرجح أن تؤثر أصوات أتراك الخارج بقوة على نتائج التصويت. فالجالية التركية في ألمانيا منقسمة بعمق بين مؤيد لأردوغان ومعارض له. وقد حثت بعض الشخصيات التركية الألمانية الناخبين على عدم التوجه إلى صناديق الاقتراع. لكن خلال الانتخابات البرلمانية الأخيرة حصل حزب أردوغان على 60 في المائة من مجموع أصوات أتراك ألمانيا، وفي تركيا بلغت نسبة عدد امؤيدين إلى أكثر من 50 في المائة.
الاستفتاء وأثره على عضوية تركيا داخل الاتحاد الأوروبي؟
كيفما كانت نتيجة الاستفتاء، فإن العلاقات بين تركيا وأوروبا جد متوترة. فالحكومة التركية تجسست على مواطنين أتراك في بلدان أوروبية أخرى، وأردوغان اتهم المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل وزعماء حكومات أوروبية باستخدام "أساليب نازية". إنا وهذا وحده كافيا لتجميد طلب تركيا بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. وفي حال نجاح التعديل الدستوري فإن منتقدي أردوغان سيؤكدون بأن تركيا لا تفي بالمعايير الديمقراطية لنيل عضوية الاتحاد الأوروبي.
أما حلف شمال الأطلسي فهم أمر آخر. ويوجد بعض الدعوات إلى إبعاد تركيا عن التحالف العسكري، إلا أن هذا يبقى غير وارد، لأن المصالح المتبادلة كبيرة جدا. أوروبا الغربية تحتاج إلى التعاون مع تركيا لمراقبة حركة اللاجئين الوافدين من الشرق الأوسط على القارة الأوروبية.
مواقف الناخبين المترددة؟
حتى الآن لم تكشف استطلاعات رأي أجريت عبر البريد في نهاية مارس مع بدء الحملة الانتخابية عن صورة موحدة بشأن مسارها ولكنها أظهرت أن جزءا كبيرا من الناخبين مايزال مترددا.
جفيرسون تشيز/ م.أ.م