تفاصيل ليلة "رهيبة" أعقبت تحرير باب العزيزية في طرابلس
٢٧ أغسطس ٢٠١١دخلنا الى طرابلس ليلا كانت الساعة تشير إلى منتصف الليل ووجهتنا الاولى الساحة الخضراء التي استرجعت اليوم اسمها الأصلي "ميدان الشهداء" احمد الزنتاني كان دليلنا في هذه الرحلة. احمد واحد من الثوار المتطوعين من كتيبة ثوار السابع عشر من فيبراير كان يهنئ الجميع بدخول طرابلس، مشهد الفرحة باد على محياه وقال لدوتسيه فيليه بعينين تبرقان "و أخيرا الحلم تحقق ".
فسقوط باب العزيزية بيد الثوار كان يعني سقوط نظام معمر القذافي، ذلك أن باب العزيزية أو القاعدة العسكرية الواقعة جنوب العاصمة الليبية طرابلس، كانت المقر الرئيسي للعقيد الليبي معمر القذافي وعائلته إلى جانب عدد كبير من الثكنات العسكرية والأمنية المحيطة ببيته هناك، ويقود كتائبها عدد من أفراد عائلة القذافي.
في "ميدان الشهداء"
تشهد الاحياء أجواء غير طبيعية، هدوء حذر في الساحة وتمركز للثوار بجميع أنواع الاسلحة الثقيلة في أركانها دخول العاصمة كان من غيرأي مقاومة عنيفة عدا بعض الاشتباكات الخفيفة اقتربنا من سيارة "بيك اب" تحمل سلاح من نوع الاربعة عشر ونصف وهو عبارة عن رشاش مضاد للطائرات يستعمل اليوم ضد البشر. وقد كتب على السيارة شباب ثوار طرابلس، وسألنا الشباب عن شعورهم عند دخولهم إلى طرابلس فأجاب احدهم وهو جالس على سلاحه وعلى رقبته ذخيرة من الرصاص، قائلا "بفضل الله" و يكبر بعده الشباب ليردف قائلا "ها نحن جئناك يا معمر أين أنت؟؟" ثم يردد الجميع بعده عبارات النصر والتكبير(الله أكبر).
لحظات والجميع يلوذ بالفرار من وسط الساحة بسبب طلقات عشوائية مجهولة المصدر، ومن بعيد سمعنا صوتا يقول " خذ ساتر، خذ ساتر" للاحتماء من الطلق العشوائي وفي كل الجهات احتمينا في احد العمارات المقابلة للساحة و في حالة من الانفلات الأمني قررنا المبيت في سطح العمارة، وكان إلى جانبنا جمع من الثوار لتوفير الحماية بعدما عرفوا أنني أعمل مراسلا لمؤسسة إعلامية أوروبية.
ليلة بيضاء
قضينا ليلة بيضاء مع مجموعة من الصحافيين فوق سطح العمارة ولم نعرف هل الكتائب ستعود لمحاولة استرجاع الساحة، وهذا ما حدث في الساعة السابعة صباحا بعدما انسحب الثوار من الساحة بطريقة عشوائية وتراجع الثوار بسبب نقص الدعم، وهذا ما جعلنا نركض للوصول الى سيارتنا المحطم زجاجها جراء طلقات النار واشتباكات مع الكتائب، وحوصرنا في شارع الجمهورية.
واستفسرنا عن الوضع فأجابنا قائد سرية ثوار مصراته "قد يكون كمين يحاول الكتائب جرنا إليه لكن نحن هنا صامدون"، وكان الرصاص يتهاطل علينا كالمطر واحتمينا في شارع الصريم داخل حى روضات الاطفال وبقينا داخله لمدة تزيد عن سبع ساعات قبل ان يسيطر الثوارعلى الوضع بالكامل، ثم خرجنا من المكان إلى وجهة أخرى.
معركة باب العزيزية
قصف كثيف لحلف الشمال الأطلسي لمجمع باب العزيزية، وهو ما سارع الحلف إلى نفيه، مشيرا إلى تحليق للطائرات من دون تدخل. يقع باب العزيزية الممتد ستة كيلومترات مربعة في جنوب وسط طرابلس ويضم مقر إقامة القذافي إلى جانب ثكنات عسكرية ومنشآت أخرى.
وجاء الهجوم على باب العزيزية، والذي استخدم فيه الثوار مدافع الهاون والأسلحة الثقيلة ومضادات الطائرات، بعد ساعات من ظهور سيف الإسلام القذافي في الموقع، في ضربة محرجة للمجلس الوطني الانتقالي المعارض الذي كان أعلن انه تم اعتقاله، وقال المتحدث العسكري باسم الثوار العقيد احمد عمر باني «باب العزيزية بات بكامله تحت سيطرتنا، العقيد القذافي وأبناؤه لم يكونوا في المجمع». وأضاف «لا احد يعلم أين هم». وتضاربت توقعات الثوار حول مكان وجود القذافي.
وقال العضو النافذ في المجلس الوطني الانتقالي فتحي تربل «نحن مقتنعون بان القذافي غادر طرابلس»، فيما قال المتحدث باسم المجلس جمعة القماطي «لا نعتقد انه غادر البلاد. ونعتقد انه ما زال داخل ليبيا. ونعتقد انه إما في طرابلس او بالقرب من طرابلس. سيتم العثور عليه إن عاجلا أم آجلا سواء حيا ومقبوضا عليه وهذه أفضل نتيجة نريدها او اذا قاوم فسيكون ميتا".
وفي غضون ذلك اندلعت اشتباكات بين الثوار وقوات القذافي في مناطق من طرابلس. وغطى الدخان سماء العاصمة فيما كانت أصوات الانفجارات والرشاشات تهز مناطق من العاصمة. وحول هذا الأمر الجو الاحتفالي الذي ساد العاصمة إلى خوف وإرباك وفوضى.
جمال العريبي – طرابلس
مراجعة: منصف السليمي