جائزة أفضل مدرسة في ألمانيا لعام 2011
٧ يوليو ٢٠١١تحث شعار"لنعطي عملية التعلم أجنحة" قامت مؤسستا بوش وهايدرهوف الوقفيتان عام 2006 بإطلاق جائزة سنوية لاختيار أفضل مدرسة في ألمانيا. وتهدف المؤسستان عبر منح هذه الجائزة إلى تكريم العمل التربوي في ألمانيا، والرفع من مستوى الاهتمام به . وتشمل الجائزة عدة فروع، أبرزها جائزة مالية قيمتها 100.000 يورو لأفضل مدرسة، إضافة إلى جوائز أخرى تستفيد منها أربع مدارس بقيمة 25.000 يورو لكل مدرسة.
وكانت المنافسة قوية على جائزة هذا العام. فبعد ثلاث مراحل من تصفيات تقدمت لها 119 مدرسة من جميع الولايات الألمانية، وقع الاختيار على مدرسة غيورغ - كريستوف ليشتن بيرغ بمدينة غوتنغن لتفوز بلقب أفضل مدرسة في ألمانيا لعام 2011.
وقد اعتمدت لجنة التحكيم على ستة معايير في تقييم المدارس المرشحة، حيث تم التركيز على أداء المدرسة وتنوعها وجودة التدريس والمسؤولية والنشاطات المدرسية بالإضافة الى معيار النوعية التأهيلية للمؤسسة.
نظام تدريسي متميز في ألمانيا
بحسب لجنة التحكيم تعد مدرسة كريستوف ليشتن بيرغ مدرسة "نموذجية"، حيث يتعلم التلاميذ في مجموعات صغيرة تتألف كل منها من ستة تلاميذ. ومن حين لآخر تتم عملية تبادل بين أفراد المجموعات، لكي يتاح للتلاميذ فرصة التعرف على بعضهم البعض. ويشرح لنا معاون مدير المدرسة السيد رولف راليه (Rolf Ralle) كيفية تطبيق هذا النظام فيقول: "لدينا نظام فريد من نوعه في ألمانيا، حيث نسعى إلى رفع الضغط عن التلاميذ، فجميع تلاميذ المرحلة الأساسية ينتقلون إلى المرحلة المتوسطة، دون امتحانات أو علامات".
حتى مستوى الصف الثامن لا توجد درجات تحدد وضع النجاح أو الرسوب. فالتقييم يتم بشكل فردي لكل تلميذ من قبل الأستاذ المختص بمادة التدريس، حيث ليس هناك ما يحدد قرار النجاح أو الرسوب. مثل هذا التقييم هو مهم جدا حيث يشجع التواصل مع الأهالي لمتابعة مسار التلميذ. وبنهاية العام الدراسي ينتقل جميع تلاميذ المستوى الدراسي إلى المستوى الأعلى، حيث لا يرسب منهم أحد ، إلا إذا فضل الأهل أن يعيد الإبن أو البنت تلك السنة الدراسية، بعد التشاور مع الجهاز التدريسي المسؤول.
ورغم أن تأسيس المدرسة يعود إلى عام 1975 فقط إلا أنها استطاعت أن تحقق نتائج رائعة كما يذكر معاون المدير راليه: "حوالي 25 % من تلاميذ المدرسة يحصلون على العلامات المتميزة في امتحانات الثانوية العامة، ونصف التلاميذ الذين تم تصنيفهم في المرحلة الابتدائية (أي قبل الصف الخامس) على أنهم "ضعفاء في الفصل"، ينجحون في الحصول على الشهادة الثانوية، حيث ينهج كثير منهم لاحقا مسار التعليم الجامعي".
أهمية التعاون بين أولياء التلاميذ والمدرسة
يعول القائمون على المدرسة كثيراً على التعاون مع أولياء التلاميذ. فهؤلاء يتاح لهم فرصة تقديم " ما قاموا به من أعمال يدوية أو فنية أو اختراعات أمام أهاليهم، وذلك في أربع مناسبات خلال كل عام". ويزور المدرسون أحياناً هذه اللقاءات التي تتم بين المجموعات الطلابية والأهالي. ويتم في هذه اللقاءات المسائية، التي تضم التلاميذ والأولياء والمعلمين، مناقشة كل ما يتعلق بالتلاميذ وشؤونهم المدرسية أو الصعوبات التي يواجهونها. كما يتم الحديث في هذه اللقاءات عن الرحلات المدرسية والبرامج التدريبية التي يمكن أن يخضع لها التلاميذ خارج المدرسة.
ويغتنم العديد من أهالي التلاميذ الفرصة ليتبادلوا الخبرات مع غيرهم من الأسر الأخرى حول أفضل الأساليب للتعامل مع الأبناء والبنات. كما يلجأ المدرسون إلى الأهالي باستمرار من أجل متابعة كل الصعوبات التي تواجه أبناءهم وبناتهم. وتتذكر إحدى الأمهات، كيف أنها فوجئت بطلب إحدى المعلمات بالسماح لها بزيارة بنتها مرتين في الشهر، حتى تشرح لها بعض الدروس المستعصية عليها "ودون أخذ مقابل طبعاً".
المتميزون: مساعدة للمعلم وللزملاء في الفصل
"يسعدنا أن تشمل مدرستنا تلاميذ ينتمون إلى ثقافات متعددة ومن أصول مهاجرة". ومن هؤلاء التلميذ منصور، الذي هاجر والداه من لبنان إلى ألمانيا قبل أكثر من 30 عاماً كما يضيف معاون مدير المدرسة السيد راليه.
في البداية درس منصور في مدرسة أخرى حتى الصف السادس، إلى أن جاءته فرصة الانتقال إلى مدرسة ليشتن بيرغ، وهنا وجد ظروفاً أفضل. حيث لم يتم التعامل معه بطريقة مختلفة مقارنة مع الآخرين. ويضيف منصور: "لدينا مدرسون رائعون، ففي البداية كان لدي بعض الصعوبات في الرياضيات، وبسرعة استطعت أن أحسن مستواي، بمساعدة المدرس الذي بقي معي أحياناً، إلى ما بعد الدوام الرسمي من أجل شرح بعض الأمور".
ويتعلم في هذه المدرسة عدد آخر من التلاميذ الذين ينحدرون من أصول مهاجرة، كما يضيف منصور: "لدي في المدرسة بعض الزملاء من أصول مغربية أو تركية، أو إيرانية، وغير ذلك".
وعلى الرغم من أن منصور يحب اللغات الأجنبية كثيراً ويتعلمها بشكل ممتاز، إلا أنه لا يزال محتاراً في موضوع اختيار الشعبة التي سيدرسها في الجامعة مستقبلا غير أنه يستدرك : "أحب دراسة اللغات، ولكني أحب الهندسة والاختراعات أيضاً".
ويستمتع منصور بروح التعاون السائدة بين التلاميذ، "فهنا لا يحتاج المرء إلى أن يكون أنانياً، أو يركز على تحصيل العلامات المتميزة، بل إننا نتعلم بشكل جماعي في مجموعات صغيرة، تضم تلاميذ بمستويات مختلفة، بحيث يساعد ذوو المستويات الجيدة، زملائهم ذوي المستوى الأقل".
وهذا بالضبط هو الهدف الذي تنشده المدرسة من خطتها التعليمية هذه، كما يقول معاون المدير راليه: "في مدرستنا يساعد التلاميذ المتميزون زملاءهم ذوي المستويات الأقل، فالمعلم لا يستطيع وحده أن يشرف طول الوقت على 30 طالباً ".
فلاح الياس
مراجعة: عبدالحي العلمي