جدل القمصان.. ماذا تقول القوانين في واقعة المغرب والجزائر؟
٢٢ أبريل ٢٠٢٤فصل جديد في الخلافات بين المغرب والجزائر، وهذه المرة يحمل طابعًا كرويًا بعد إلغاء مباراة فريقي اتحاد العاصمة الجزائري، وضيفه نهضة بركان المغربي في ذهاب نصف نهائي بطولة كأس الاتحاد الأفريقي.
سبب الإلغاء هو رفض لاعبي الفريق المغربي النزول إلى أرضية الميدان بعد مصادرة السلطات الجزائرية لقمصانهم التي تحتوي على خريطة المغرب، التي تضم كذلك إقليم الصحراء الغربية، وهو الإقليم الذي يؤكد المغرب سيادته التامة عليه، بينما تدعم الجزائر جبهة البوليساريو التي تطالب باستفتاء حول مصير الإقليم يفضي إلى انفصاله.
السلطات الجزائرية من جهتها تقول إن الفريق المغربي يضع "خريطة لا تتوافق مع خرائط الأمم المتحدة"، في حين يؤكد الفريق المغربي أنه سبق ولعب بنفس القميص في عدة مباريات من هذه المنافسة الأفريقية، كما يدعمه في هذا الإطار قرار الاتحاد الأفريقي لكرة القدم (كاف) الذي أكد أن القمصان معتمدة بالفعل من الهيئة القارية.
كاف أكد إحالة القضية على الأجهزة المختصة. فماذا يقول القانون في هذه الواقعة التي من المتوقع أن تصل إلى محكمة التحكيم الرياضية الدولية في حال لجأ الاتحاد الجزائري إلى هذه الهيئة، كما هدد، إن أصر الكاف على موقفه باعتماد القمصان؟
الجزائريون يستدلون بلوائح فيفا
يستدل الطرف الجزائري بقوانين الاتحاد الدولي لكرة القدم حسب تصريحات رئيس الاتحاد الجزائري لكرة القدم، وليد صادي، وكذلك المدير الرياضي لفريق اتحاد العاصمة توفيق قريشي. يلمح المسؤولون الجزائريون إلى لوائح الفيفا للمعدات الكروية، وتحديدا في المادة الرابعة.
تنصّ المادة الموجودة في هذه اللوائح، نسخة 2021، على التالي: "لا يجوز ارتداء أو استخدام أي عنصر (من أدوات اللعب أو الملابس أو المعدات الأخرى أو غير ذلك)، إذا رأى فيفا أنها: خطيرة أو مسيئة أو غير لائقة، أو تتضمن شعارات أو تصريحات أو صور سياسية أو دينية أو شخصية، وما لا يلتزم بالكامل بقوانين اللعبة".
وتتيح المادة الثامنة للفرق والمنتخبات، وضع شعارات ورموز خاصة بها، فضلا عن الأعلام الوطنية والجهوية، وكذلك عبارات معينة ولقب الفريق/النادي، ويجب على الفيفا أن يوافق على هذه الشعارات، فضلا عن الاتحادات المحلية والقارية.
كما تشير المادة الخامسة من القانون الرابع، ضمن قوانين اللعبة الذي يصدره مجلس الاتحاد الدولي لكرة القدم، الهيئة المقننة لكرة القدم داخل فيفا، أن المعدات " يجب ألا تحتوي على أي شعارات أو بيانات أو صور سياسية أو دينية أو شخصية. يجب على اللاعبين عدم الكشف عن الملابس تحت القمصان التي تظهر عليها شعارات أو بيانات أو صور سياسية أو دينية أو شخصية أو إعلانات بخلاف شعار الشركة المصنعة".
جدل سابق
ويشير موقع "ليت بلاي أول" الذي يدعم لعب الكرة دون أيّ شعارات حقوقية أو سياسية، أنه خلال المباريات المؤهلة التي سبقت كأس العالم لكرة القدم 2018، قام الفيفا بتأديب 20 فريقًا، ينتمون أو يمثلون 16 دولة بالإضافة إلى بلدان المملكة المتحدة، بسبب "انتهاكات تتعلق بالسياسة أثناء المباريات".
وفي عام 2013، أعلن فيفا عن قرارات تأديبية بحق الاتحاد الأرجنتيني لكرة القدم، بعد قيام بعض من لاعبي منتخب الأرجنتين برفع لافتة مكتوبا عليها "جزر فوكلاند أرجنتينية" قبل بداية مباراتهم الودية أمام سلوفينيا، في دلالة على نزاع مع المملكة المتحدة حول السيادة على هذه الجزر.
كما تم تغريم الاتحاد الأيرلندي لكرة القدم عام 2016 بسبب عرضه "رمزًا سياسيًا" لشارة تحيي الذكرى المئوية للانتفاضة ضد الحكم البريطاني. وفي عام 2021، أمر الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) أوكرانيا بإزالة شعار "سياسي" من قمصان المنتخب الأوكراني قبل انطلاق بطولة يورو 2020، هي عبارة "المجد لأبطالنا"، بعد النظر في شكوى تقدمت بها روسيا بهذا الشأن.
لكن لم يطالب يويفا أوكرانيا بحذف أي رسوم أو عبارات أخرى على قميص منتخبها الوطني ومنها عبارة "المجد لأوكرانيا" وخريطة تضم شبه جزيرة القرم رغم مطالبة روسيا بذلك. وتعترف جلّ دول العالم بالسيادة الأوكرانية على شبه جزيرة القرم وعدم شرعية قرار الضم الروسي.
كما لم يتدخل فيفا أو يويفا بأيّ إجراءات ضد المنتخبين النرويجي والألماني، بعد ارتداء اللاعبين قمصانا عليها عبارة "حقوق الإنسان - داخل وخارج الملعب" قبل مباراتين في تصفيات كأس العالم ضد جبل طارق وأيسلندا، في رسالة موجهة إلى قطر.
الكاف في صف المغرب
لكن من جانب آخر، تتيح القوانين للاتحادات القارية تنظيم شؤون منافساتها، وبما أن الاتحاد الأفريقي لكرة القدم قد أقر هذه القمصان للفريق المغربي في المنافسات السابقة، فهذا القرار قد يستدل به نهضة بركان في حال رفع القضية إلى المحكمة الرياضية الدولية، خصوصاً أن الاتحاد الجزائري أو أي طرف آخر لم يقدما أيّ شكوى ضد قميص الفريق المغربي في المباريات السابقة.
ومما قد يستدل به الطرف المغربي كذلك أن الاحتجاج على ارتداء هذه القمصان لم يكن بشكل رياضي أو خلال المنافسات الرياضية بل تمت مصادرتها في المطار، وهو ما أخرج النقاش من الجانب الرياضي الصرف إلى جانب أمني.
وهناك نقطة ثالثة قد يركز عليها الجانب المغربي أن الاتحاد الجزائري قام بتوفير قمصان بديلة لأجل ارتدائها، علمًا أن الاتحاد الجزائري غير مخول قانونيًا بالقيام بهذه الخطوة التي من اختصاص شركة خاصة يتعاقد معها الفريق المعني، ولا يمكن استبدال القمصان دون موافقة أو التنسيق مع الشركة ومع الفريق المتعاقد معها.
وهذه ثاني مرة في منافسات كرة القدم خلال أقل من سنتين يقع فيها نقاش قانوني بين المغرب والجزائر، فالمنتخب المغربي للمحليين لم يسافر إلى الجزائر للمشاركة في بطولة العام الماضي لأنه كان يطالب بتوفير رحلة مباشرة إلى الديار الجزائرية بمبرّر أن الخطوط الملكية المغربية هي الناقل الحصري للمنتخبات الوطنية المغربية.
وفي النهاية أُلغيت مباريات المنتخب المغربي في المنافسات، لكن لم تُتخذ أي عقوبات في الملف خصوصًا أن تلك الدورة كانت آخر دورة من هذه المنافسات ولم يتم تجديدها وهي غير معترف بها من طرف الاتحاد الدولي لكرة القدم.
ولن يتوقف النقاش هنا، فحتى مباراة الإياب بين نهضة بركان واتحاد العاصمة في المغرب مهددة بقوة بالإلغاء بحكم أنه لم تُجرَ مباراة الذهاب/ فضلا عن أن الطرف الجزائري يشير إلى أنه لن يلعب كذلك في المغرب ضد فريق يرتدي قمصانًا تحتوي خرطية ما تسميه الجزائر أراضي "الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية "التي تعلنها جبهة البوليساريو، ويعترف بها الاتحاد الأفريقي، لكن لا تعترف بها لا الجامعة العربية ولا الأمم المتحدة ولا الاتحاد الأوروبي.
ع.ا