جزيرة سومطرة الاندونيسية وحيدة أمام غضب الطبيعة
لم يكد مواطنو جنوب شرق آسيا يفيقون من كابوس تسونامي حتى ضرب زلزال عنيف المنطقة أمس وصلت شدته إلى ثماني درجات بمقياس ريختر، تبعه اليوم هزتان ارتداديتان قويتان أصابتا السكان بالذعر الشديد. وقد ارتفعت حصيلة ضحايا الزلزال الذي ضرب جزيرة سومطرة أمس إلى 400 قتيل. في حين يتوقع المسئولون أن يصل عدد الضحايا إلى نحو ألف خاصة مع سوء الأحوال الجوية التي تعيق جهود الإغاثة. هذا بالإضافة إلى تأكيد منظمة أوكسفام للإغاثة الدولية أن حجم الخسائر في جونونجسيتولي عاصمة نياس كبيرة جدا. وعلى الصعيد نفسه كانت وكالة الأرصاد الجوية اليابانية قد حذرت من خطر حصول هزات ارتدادية عنيفة في إندونيسيا والمنطقة بعد الزلزال. واعتبرت أن زلزال أمس هزة ارتدادية للزلزال الذي بلغت قوته 9 درجات يوم 26 ديسمبر/كانون الأول الماضي ونجمت عنه أمواج مد عاتية أدت إلى مصرع ما يقارب 300 ألف شخص.
مقارنة اليوم بالأمس
أظهرت دول المحيط الهندي قدرة واستعدادا على التعامل مع أمواج التسونامي العاتية، على عكس ما حدث في أعقاب زلزال ديسمبر. فقد كانت ردود الفعل سريعة وفعالة هذه المرة، وصدرت تحذيرات ودوت صفارات الإنذار وتم إجلاء عشرات الألوف. واستخدم رجال الشرطة والجنود والرهبان والصيادون والسكان العاديون في المناطق الساحلية المطلة على المحيط الهندي جميع الوسائل المتاحة للتحذير من احتمال حدوث أمواج مد في أعقاب الزلزال. وفي باندا اتشيه الأكثر تضررا من أمواج المد أواخر العام الماضي هرع السكان الفزعون إلى الشوارع بعد زلزال الأمس. وبدأت صفارات الإنذار تدوي على الساحل الشرقي لسريلانكا المنكوب بأمواج المد خلال ساعتين من وقوع الزلزال، وطافت عربات الشرطة المناطق الساحلية بمكبرات صوت تنصح الناس بالفرار إلى الداخل. وفي تايلاند حيث قتل نحو 5400 شخص في أمواج المد بعد زلزال 26 ديسمبر استخدم المسئولون كل شيء من الأبواق إلى اللاسلكي والهاتف لتوصيل الرسالة لان نظام الإنذار لم يركب بعد.
أنظمة الإنذار المبكر
نجحت التحذيرات التي أطلقها المواطنون في تحذير ألاف الأشخاص وجعلهم يحتمون تحسباً لحصول موجات تسونامي جديدة. واليوم بعد ثلاثة اشهر على أمواج المد البحري المدمرة التي أسفرت عن مقتل الآلاف العام الماضي في جنوب شرق آسيا، لا يزال نظام الإنذار المبكر المزمع إقامته في مراحله الأولى. فبعد مجموعة من الاقتراحات المتنافسة التي يهدف كل واحد منها إلى إقامة نظام إنذار إقليمي، اتفق مؤتمر نظمته الأمم المتحدة في باريس في الثامن من آذار/مارس على أن تبقى أنظمة الإنذار من اختصاص كل بلد لكن يجب التوصل إلى آلية إقليمية بحلول منتصف العام 2006.
هذا واختارت اندونيسيا نظاما مستوردا من ألمانيا بتكلف ستين مليون دولار، لكن هذه الألية التي لن تطبق قبل تشرين الأول/أكتوبر ويجب الانتظار حتى العام 2008 لكي تؤتي ثمارها. كما يفترض أن يكون لتايلاند نظامها الخاص بحلول نهاية نيسان/ابريل. وتعهدت الهند كذلك أن يكون لديها نظام بحلول العام 2007 بينما أشارت سريلانكا إلى أنها ستلجأ إلى نظام إنذار معمول به حاليا في الولايات المتحدة.
دراسات وأبحاث
توقع علماء زلازل بريطانيون حدوث الزلزال الذي سجل ليل الاثنين الثلاثاء قبالة سواحل اندونيسيا قبل أسبوعين على الأقل بعد ملاحظتهم قوة اشتداد الضغوط وتراكمها في المنطقة منذ الزلزال والمد البحري الكارثي الذي تبعه في 26 كانون الأول/ديسمبر الماضي. ففي دراسة نشرت في مجلة "نيتشر" العلمية البريطانية في 17 آذار/مارس الجاري أكد هذا الفريق أن هناك "احتمالا" لوقوع زلزال كبير في غرب جزيرة سومطرة الاندونيسية قد تبلغ قوته 8.5 درجات على مقياس ريشتر المفتوح وربما قد يتسبب بمد بحري (تسونامي). والزلزال الذي سجل الاثنين اثبت صحة توقعات هذا الفريق. فقد وقع على بعد حوالي 90 كلم إلى جنوب شرق جزيرة سينابنغ قبالة الساحل الجنوبي لجزيرة سومطرة.
وكان جون ماكلوسكي المسئول عن الدراسة والعالم في رصد الزلازل في جامعة الستر البريطانية قال "لا يوجد أدنى شك، أن حساباتنا تؤكد زيادة كبيرة جدا لضغوط على صدعين كبيرين في منطقة سومطرة". وأضاف "لا نريد إثارة الهلع، لكن بإمكاننا القول أن العديد من الزلازل والضغوط الكبيرة أدت إلى زلازل أخرى تابعة لها، ونعتبر أن الخطر قد ازداد إلى حد كبير". وخلص ماكلوسكي إلى القول "في ما يتعلق بالهزة الأرضية فان الصاعقة يمكن أن تضرب مرتين المكان نفسه"، لكنه اقر أن ليس بإمكان احد أن يقول بالتحديد متى سيحصل زلزال. إلا إن الخبراء يرون أن نظام الإنذار ليس بأهمية التحرك على الأرض وسرعة ردود الأفعال. وهو الأمر الذي أدركته السلطات الحكومية في الدول المتضررة هذه المرة.