جني الأرباح والإضرار بالغرب.. هل تستخدم روسيا "سلاح النفط"؟
١٩ فبراير ٢٠٢٣في مواجهة العقوبات المفروضة عليها، تخطط موسكو لخفض إنتاجها من النفط بحوالي 500 ألف برميل يومياً. المخاوف كبيرة من مساهمة الإجراء في رفع أسعار النفط على المستوى العالمي، خصوصا مع زيادة الحاجة إليه إثر رفع الصين كل القيود التي وضعتها إبان فترة كورونا.
الإنتاج النفطي يعد مصدرا كبيرا للدخل لروسيا، وركزت عليه بشكل كبير لإنعاش اقتصادها في مواجهة العقوبات الغربية. ورغم العقوبات، رفعت روسيا صادراتها من النفط بنسبة 1,5 بالمئة خلال 2022 عن العام الذي سبقه بعد زيادة صادرتها للهند والصين.
من جهة أخرى، تخفيض روسيا لإنتاجها النفطي قد يخلق تحديات كبيرة لخطط مجموعة السبع في وضع سقف لسعر النفط الروسي، وهي آلية كانت تهدف إلى ضمان استمرار تدفق النفط الروسي إلى السوق العالمية ومنع أي ارتفاع كبير في الأسعار، خصوصا مع المعاناة العالمية من ارتفاع معدلات التضخم.
لماذا تفكر روسيا في خفض الإنتاج؟
إلا أن تسقيف أسعار النفط الروسي على الصعيد الأوروبي جعل من الصعب على موسكو الاستمرار في نفس النسق من التصدير، ما أدى إلى بيعها النفط بتخفيض كبير، وإنفاق الكثير على التأمين وعلى نفقات النقل بسبب غياب التعاون الذي كانت تحظى به سابقا.
لذلك يعد خفض الإنتاج خطة روسية لتحويل السوق الدولية إلى سوق للبيع وليس للشراء، وفق تأكيد بيارن شيلدروب، كبير محللي السلع في المجموعة البنكية SEB AB ، لكنه يشير كذلك إلى إن موسكو تعاني من نقص منشآت التخزين محليًا وارتفاع تكاليف تخزين النفط في الخارج.
ويرى خبراء أن روسيا لم يكن لديها من خيار لخفض الإنتاج بسبب العقوبات المفروضة عليها. منتجو النفط الروسي يعانون كذلك من نقص مساحة التخزين حيث تضطر الناقلات الآن إلى قضاء وقت أكبر في البحر لإيصال الشحنات إلى وجهات بعيدة في آسيا، خصوصا مع غياب زبائن جدد.
لذلك يظهر أن موسكو "قررت القيام بهذه الخطوة حتى تضمن أن صادراتها تتجه فقط إلى الصين والهند وغيرها منالبلدان التي لم تتخذ قرار تسقيف أسعار النفط" تؤكد تاتيانا أورلوفا، كبيرة الاقتصاديين في أكسفورد إيكونوميكس.
من جهة أخرى، قفز عجز ميزانية الحكومة الروسية إلى 25 مليار دولار (23,4 مليار يورو) الشهر الماضي، وهو أكبر عجز يسجل منذ سنوات، ويعود تحديدا إلى تراجع عائدات النفط والغاز إلى النصف تقريبًا ، حيث انخفضت بنسبة 46 بالمائة ، حسب بيانات وزارة المالية الروسية.
لذلك من مصلحة روسيا ارتفاع أسعار النفط إلى مستويات أكبر، حتى تستطيع تحقيق مداخيل جديدة وخفض نسبة تراجع الصادرات، وكذلك التسبب بمشاكل جديدة للاقتصادات الغربية التي تعاني من ارتفاع نسب التضخم. ولذلك يمكن لموسكو أن تذهب أكثر في خفض الإنتاج.
فشل الخطة؟
لكن موسكو لم تنجح في استخدام الغاز كسلاح عندما أوقفت جل صادراتها إلى دول في الاتحاد الأوروبي أو خفضت التصدير تحت مبررات منها عمليات صيانة أو مطالبتها بدفع الفواتير بالروبل، مستغلة كونها صاحبة الحيز الأكبر في سوق الغاز الأوروبية.
في البداية ظهر المخطط وكأنه نجح، خصوصاً مع ارتفاع أسعار الغاز في السوق المحلية، لكن استطاعت هذه الدول تجاوز التحدي، ووجدت موّردين آخرين كالنرويج وقطر والولايات المتحدة، كما نجحت خطط خفض استخدام الغاز، ما أدى إلى تراجع أسعار الغاز أوروبياً.
ويشير شيلدروب إلى أن موسكو مقتنعة بأن استخدام الغاز الطبيعي كسلاح كان ناجحاً لكن لفترة قصيرة جدا، لذلك هي تعدّ نفسها لاحتمال ألا ينجح كذلك مخطط "تسلبح النفط" أو أن يكون تأثيره قصيرا للغاية.
كذلك يمكن أن تجد موسكو صعوبة كبيرة في جني أرباح كبيرة من "تسليح النفط" بحكم وجود منتجين كثر عبر العالم، ويمكن للمتضررين إيجاد بدائل، كما أن تحالف "أوبك بلس" لمنتجي النفط قد يتخذ مواقف مناهضة لروسيا إن اتخذت قرار خفض الإنتاج من جانب واحد، ما يجعل "أوبك بلس" تذهب نحو زيادة الإنتاج، وهو ما سيضرّ كثيرا بالخطوة الروسية وفق تأكيد شيلدروب.
أشتوش باندي /إ.ع