حائز نوبل في أزمة - عشرات القتلى بمظاهرات في إثيوبيا
٢٦ أكتوبر ٢٠١٩قتل 67 شخصاً في منطقة أوروميا الإثيوبية هذا الأسبوع خلال احتجاجات ضد رئيس الحكومة آبيي أحمد تحولت إلى اشتباكات عرقية، بحسب ما ذكرت الشرطة الجمعة (25 أكتوبر/ تشرين الأول).
وصرح كيفيالو تيفيرا قائد الشرطة في الإقليم "قتل ما مجموعه 67 شخصا في أوروميا"، مضيفاً أن "هناك نحو 55 قتلوا في صراع في ما بينهم، والبقية قتلوا بيد قوات الأمن"، وأوضح أن 62 محتجا قتلوا بينما قتل خمسة من الشرطة، وأضاف أن 13 قتلوا بالرصاص وأن الباقين قتلوا نتيجة إصابات الرشق بالحجارة.
وقالت وزارة الدفاع إن الجيش انتشر في سبع مدن شهدت احتجاجات هذا الأسبوع. وقال الميجر جنرال محمد تيسيما في مؤتمر صحفي في أديس أبابا إن القوات انتشرت "لتهدئة الموقف بالتعاون مع الشيوخ وضباط الأمن في الأقاليم".
واندلعت أعمال العنف يوم الأربعاء في العاصمة قبل أن تمتد إلى منطقة أوروميا إثر نزول أنصار المعارضة للشارع وحرق إطارات سيارات وإقامة حواجز وسد الطرقات في مدن عدة، وذلك بعد أن اتهم المعارض البارز جوهر محمد قوات الأمن بمحاولة تنسيق اعتداء ضده، وهو ما نفاه مسؤولون في الشرطة. وقال جوهر إن الشرطة طوقت منزله وحاولت سحب التصريح الأمني الذي يحمله.
وكان للمعارض جوهر محمد دور أساسي في التظاهرات المناهضة للحكومة التي أدت إلى الاطاحة بسلف آبيي وتعيين الأخير في نيسان/ أبريل 2018 رئيساً للحكومة وهو إصلاحي من عرقية الأورومو. وكانت عرقية التيغراي التي لا تمثل سوى 6 بالمئة من السكان، هيمنت فترة طويلة على حكم إثيوبيا.
وقال جوهر في منزله ومكتبه المحاط بحراسة مشددة في وسط العاصمة أديس أبابا: "أغلبية الناس تعتقد أن العملية الانتقالية خرجت عن مسارها وأن هناك ردة إلى نظام استبدادي"، مضيفاً أن "الحزب الحاكم وما يتبناه من نهج سيواجه تحدياً خطيراً ليس في الانتخابات فحسب بل قبل الانتخابات أيضاً".
ولم ترد المتحدثة باسم رئيس الوزراء على اتصالات هاتفية للحصول على تعليق، كما لم يعلق آبيي أحمد على العنف الذي اندلع هذا الأسبوع.
آبي أحمد يواجه أزمة!
وفاز آبيي أحمد هذا الشهر بجائزة نوبل للسلام لإنجازاته في مجال صنع السلام الإقليمي. ويبرز العنف المعضلة التي تواجه آبيي أحمد الذي يتعين عليه الاحتفاظ بشعبيته في النظام الاتحادي القائم على الأعراق في إثيوبيا على ألا يبدو منحازاً لجماعة معينة. لكن صناع الملوك مثل قطب الإعلام جوهر يحاولون إظهار تأثيرهم الآن.
وقال جوهر إن مؤيديه لم يعودوا يصدقون وعود آبيي أحمد الإصلاحية، متهماً إياه بالمركزية في الحكم وقمع المعارضة وسجن المعارضين السياسيين مثلما كان يفعل سابقوه.
وتقول منظمة العفو الدولية إنه منذ تولى آبيي أحمد السلطة جرت عدة موجات من الاعتقالات الجماعية لأشخاص من عرقية الأورومو ممن تعتقد السلطات أنهم يعارضون الحكومة. وقال فيسيها تيكلي الباحث في شؤون إثيوبيا بمنظمة العفو الدولية إن المعتقلين لم توجه لهم اتهامات ولم يقدموا للمحاكمة.
وقال جوهر إنّ الترشح بمواجهة آبيي أحمد "احتمال وارد" رغم قوله إنّه قد يتراجع ويدعمه إذا غيّر مساره، وأوضح: "أوّد أن يكون لدي دور فعال في الانتخابات المقبلة. أريد أن أكون متأكداً أن النفوذ الذي أملكه في البلد له مساهمة إيجابية".
وجوهر متّهم من خصومه بأنه يحض على الكراهية العرقية في ثاني أكثر بلدان إفريقيا سكاناً (110 ملايين نسمة).
أصدقاء الأمس.. أعداء اليوم
وكانت تصريحات جوهر أقوى انتقاد لآبيي أحمد الذي ظهر معه كثيراً في الصور العام الماضي. لكن هذا الخلاف بينهما جاء بعد تصريحات مبطنة أدلى بها آبيي أحمد في البرلمان يوم الثلاثاء. وقال رئيس الوزراء دون ذكر أي اسم "مُلاك وسائل الإعلام الذين لا يحملون جوازات سفر إثيوبية يتلاعبون بالطرفين ... إذا كان هذا سيقوض سلام إثيوبيا ووجودها سنتخذ إجراءات" لمواجهته. واعتبرت هذه التصريحات على نطاق واسع إشارة إلى جوهر المولود في إثيوبيا لكنه يحمل جواز سفر أمريكياً وعاد من المنفى العام الماضي.
وكانت جبهة تحرير شعوب تيغراي وراء الإطاحة العنيفة بالنظام العسكري الماركسي في 1991 وهيمنت حتى 2018 على التحالف الحاكم في اثيوبيا منذ ذلك التاريخ "الجبهة الثورية للشعب الإثيوبي". لكن المظاهرات التي قادتها العرقيتان الأكبر في البلاد الأورومو والتيغراي هزمت هذه الجبهة.
وقال ميهاري تاديلي مارو وهو محلل سياسي في أديس أبابا "بالنسبة لرئيس وزراء تعتمد شرعيته الشعبية على انفتاحه يمكن أن تمثل الاحتجاجات الأخيرة في أوروميا انتحارا سياسيا". وأضاف "إنها تشير إلى خسارة ذات شأن لقاعدة قوة شعبية دفعت به إلى السلطة".
وإذا جرت انتخابات العام المقبل بنزاهة كما وعد آبيي أحمد فستكون اختبارا لمدى قدرة رئيس الوزراء الشاب على حشد بلاده المتصدعة التي يسكنها أكثر من مئة مليون نسمة وراءه ومواصلة الانفتاح في اقتصادها الذي تسيطر عليه الدولة.
ع.ح./ص.ش. (أ ف ب، رويترز)