حراس الحقيقة.. وثائقي DW حول خطر العمل الصحفي عبر العالم
٧ مايو ٢٠٢٢يلتقي الصحفي التركي الشهير جان دوندار مع مجموعة من المعارضين والمنفيين عبر العالم للحديث معهم حول مصير يشاركهم فيه. أنجز دوندار برفقة صحفية دويتشه فيله، ليندا فيريكي، سلسلة أفلام وثائقية تحت عنوان "حراس الحقيقة"، حيث يتم تسليط الضوء على سير ذاتية مبهرة لمجموعة من الشخصيات التي تدافع عن حرية الصحافة في الكثير من بلدان العالم.
هذا المقال بقلم ليندا فيريكي، وتبدأه بزيارتها للصحفية المكسيكية أنابيل هيرنانديز.
يجلس دوندار إلى جانبي وهو يقرأ أخر رسائل تويتر التي وصلته. يتابع حاليا وسما منتشراً في تركيا، ترجمته "لقد مات"، والحديث هنا عن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وذلك بعد نشر أحد المتابعين شريط فيديو حول الموضوع، ما خلق ضجة على المواقع الاجتماعية (تبين لاحقا أنه خبر كاذب).
قبل هذه الزيارة، قال لي دوندار، حين بدأنا العمل على هذا الفيلم: "عندما يغادر أردوغان سدة الحكم، سأكون في أول طائرة تسافر إلى اسطنبول". مصير دوندار متعلق بحكم أردوغان، فقد حُكم عليه، غيابيا، بـ27 عاما، ويؤكد الصحفي أن القضاء التركي تحت السيطرة الكاملة لحكومة أردوغان.
سبب هذه المتابعة أن دوندار كشف قبل سنوات، في إطار عمله كرئيس تحرير لصحيفة "جمهوريت"، إرسال تركيا أسلحة إلى سوريا، ما جعله يغادر البلد ويطلب اللجوء إلى ألمانيا، قبل الحكم عليه غيابيا.
هذا العمل الوثائقي بدأناه قبل زيارتنا إلى أنابيل قبل حوالي عام. السفر مع دوندار يعني التثبت قبل الوصول إلى حدود أيّ دولة أنها لن تشكل خطراً عليه، لأن السلطات التركية حاولت عبر إرسال "إشعار أحمر" إلى الانتربول ملاحقته في كل مكان.
لم يتفاعل الانتربول إيجابيا مع طلب أنقرة، وإلا فبمجرد تمرير جواز سفره عند مصلحة مراقبة الجوازات، سيومض إشعار أحمر، وهو ما يحدث غالبا عندما يتعلّق الأمر بأشخاص مطلوبين دوليا، يوجدون على قائمة الإرهاب والجرائم الخطيرة.
لكن رغم عدم قبول الانتربول للطلب، فهناك ما يثير المخاوف: الاتفاقيات الثنائية بين الدول التي تتيح القبض على المعارضين، لذلك كان لزاما تأكيد أمان السفر لدوندار والتأكد من وضع كل بلد على حدة قبل السفر.
مثال ذلك، نصحت الشرطة الألمانية دوندار بعدم السفر إلى إيطاليا، وهو ما جعلني أتأسف كثيرا لحكم أنني كنت أثق في تقييم الشرطة الإيطالية للموضوع. من جهته، دافع دوندار عن حريته: "إذا حبستني إيطاليا، ماذا يعني ذلك لحرية الصحافة في أوروبا؟".
رغم أننا نحاول تأكيد كل شيء، إلّا أن الوصول لوضع آمن بشكل تام أمر مستحيل، لذلك قررنا المضي قدما في رحلتنا في اتجاه المكسيك. لا يوجد بين هذا البلد وتركيا اتفاقية لتسليم المطلوبين، لكن مع ذلك، فالوضع هنا خطير للغاية، وتصنف المكسيك أنها الأخطر عبر العالم للصحفيين، منذ 2000، قُتل حوالي 150 صحفيا، في جرائم نادرا ما تم حلّها.
الشخصية الأخرى المركزية في هذا الوثائقي، هي الصحفية المكسيكية أنابيل هيرنانديز. وضعت حياتها على حافة الخطر عندما ركزت على قضايا المخدرات والفساد وسوء استخدام السلطة للنفوذ. في أحد الأيام، وقف 11 رجلا مسلحاً على باب بيتها، لكنها كانت محظوظة ولم تكن هناك حينها. منذ ذلك اليوم قرّرت اللجوء إلى الخارج.
لكن رغم ذلك، لم تتوقف عن التفكير في جرائم قتل الصحفيين "الغامضة" تعود من حين لآخر إلى بلدها للحديث مع مصادرها أو لتقابل ضحايا جرائم العنف. في كل زياراتها تكون تحت حماية خاصة 24 ساعة في اليوم. نحن أيضا، سافرنا إلى المكسيك تحت حماية حارسين شخصيين، فأسبوعا واحدا قبل سفرنا، قُتل صحفيان في البلد.
في مدخل البلدة الصغيرة تيكستلا، بولاية غيريرو، أوقفنا رجال مسلحون. السؤال هو ذاته: "لماذا تريدون التصوير؟" وهكذا يخبروننا ما هو المسموح من غير المسموح، ومتى يكون التصوير خطرا علينا.
التقينا ماريو، كان يحفر في الأرض على إحدى التلال. يبحث عن رفات شقيقه الذي اختطف فبل سنوات، ولم يظهر له أثر. تحاول هيرنانديز حلّ هذه القضية وتخفيف معاناة أسرته. الحراس يخبروننا بضرورة العودة إلى الطريق السريع قبل حلول الظلام لأن سرقة السيارات بقوة السلاح منتشرة بشكل يومي هنا.
نمت بشكل سيء خلال الليل، إذ لم أكن أشعر بالأمان. لكن عموما سيستغرق هذا الإحساس أسبوعا واحدا طوال وجودنا في المكسيك، بينما يحس صحافيون كثر هنا بهذا الإحساس بشكل شبه يومي.
عندما كنا نصوّر الوثائقي حول حياة أنابيل هيرنانديز، كان ضروريا العمل بحرص شديد، كل شيء سيظهر في الفيلم كان علينا مناقشته بالتفصيل، لأننا لم نكن نريد خلق المشاكل لها أو لعائلتنا. رغم لجوئها خارج البلد، فلا يزال أقرباؤها وأصدقاؤها يعيشون هنا، والخطر يبقى محدقا بهم.
تحمي هيرنانديز كذلك مصادرها. كان علينا إخفاء هوية هؤلاء المخبرين بشكل كامل. مع ذلك، أحسسنا بكم هي ثقة هيرنانديز تجاهنا كبيرة، أخذتنا إلى منزل والدتها روزا ماريا. كم كانت فخورة هذه الأم بابنتها، ورغم أنها لا تخفي قلقها، إلا أنها لم تقف يوما في وجهها، هي تعلم أن الحقيقة بالنسبة لأنابيل هيرنانديز أهم من سلامتها.
مواعيد البث
DW عربية
الثلاثاء 03 مايو/أيار 2022 – 16:03 UTC
الثلاثاء 03 مايو/أيار 2022 – 20:03 UTC
الإثنين 09 مايو/أيار 2022 – 03:00 UTC
الإثنين 09 مايو/أيار 2022 – 07:00 UTC
الإثنين 09 مايو/أيار 2022 – 13:00 UTC
الثلاثاء 10 مايو/أيار 2022 – 09:00 UTC
الأربعاء 11 مايو/أيار 2022 – 01:00 UTC
الخميس 12 مايو/أيار 2022 – 11:00 UTC
الخميس 12 مايو/أيار 2022 – 15:00 UTC
السبت 14 مايو/أيار 2022 - 05:00 UTC
ليندا فيريكي/ع.ا