حرب النجوم: كثير من الترفيه وقليل من السياسة
تشكل سلسلة أفلام حرب النجوم ظاهرة فريدة في تاريخ السينما، فمنذ عشرين عاماً والمخرج الأمريكي جورج لوكس يعكف على عمل أفلام هذه السلسلة. أخرج منها حتى الآن ستة أجزاء، حققت نجاحاً مادياً هائلاً، كما استقطبت حولها عدد كبير من المعجبين والمعجبات. تدور أحداث السلسلة حول الصراع الأبدي بين الخير والشر في إطار خيال علمي، وتقع الأحداث في الزمن المستقبل، أبطال السلسلة خليط من البشر والكائنات المستنسخة وأجهزة الإنسان الآلي. والموضوع الرئيسي هو حماية المجرة من هجوم الأشرار أو جماعة السيث. ويرى البعض في أفلام حرب النجوم أنها أفلام ضعيفة المحتوى لكنها مليئة بالخدع السينمائية المبهرة، غير أن الفيلم الأخير نجح في إثارة جدل سياسي كبير في الولايات المتحدة.
جدل سياسي
فاحتواء الفيلم على بعض العناصر مثل معركة بين الخير والشر، وجمهورية تتحول إلى إمبراطورية توسعية جعل بعض المراقبين يسارعون إلى إقامة شبه ما بين الجزء الأخير من سلسلة أفلام "حرب النجوم" وإدارة الرئيس الاميركي جورج بوش الداعي إلى مكافحة الشر ونشر الديموقراطية. واندلع الجدل حول سطرين من حوار فيلم "الجزء الثالث: انتقام السيث"، حيث تقول شخصية الفيلم التي ستتحول فيما بعد إلى مقاتل الشر دارك فايدر في الفيلم "إما أن تكونوا معي أو أن تكونوا ضدي"، ما يشبه إلى حد بعيد إعلانا بات شهيرا قال فيه بوش بعد اعتداءات 11 ايلول/سبتمبر 2001 "إما أن تكونوا معنا أو أن تكونوا مع الإرهابيين".
وفي الفيلم تحضر الأميرة بادميه اميدالا جلسة تصويت في مجلس شيوخ المجرة تمنح سلطة مطلقة إلى المستشار بالباتين لشن حرب على قوى الشر، فتقول "هكذا تموت الحرية، وسط الترحيب والتصفيق". في هذه الجملة أيضا استشف بعض المراقبين تلميحا واضحا إلى الحرب على العراق وسلسلة القوانين الأمنية التي اقرها الكونغرس الاميركي بعد 11 ايلول/سبتمبر وندد بها المدافعون عن الحريات الفردية. وأوضح المخرج جورج لوكاس الاحد الماضي في مهرجان كان للسينما في فرنسا أن سلسلة "حرب النجوم" تكشف كيف "تتحول ديموقراطية الى دكتاتورية".غير ان جمعية "لوكاس فيلم" نفت ان تكون لها اي نوايا مبيتة وقالت لين فوكس الناطقة باسمها لوكالة فرانس برس إن "هذه الحوارات كتبت منذ وقت طويل، قبل فترة من دخول جورج بوش إلى البيت الأبيض".
وبالطبع رسخ هذا الكلام لدى بعض المجموعات المحافظة القناعة بان سيناريو آخر أفلام هذه السلسلة الشهيرة يخفي توجهات سياسية. وتساءل موقع "باباه.كوم" على الانترنت الداعي إلى "مكافحة الدعاية المناهضة لاميركا في هوليوود" ان "بلادنا في حرب ولوكاس يتحفنا بقذارات كهذه؟"، داعيا إلى مقاطعة الفيلم. من ناحية أخرى استخدم خصوم إدارة بوش فيلم جورج لوكاس، على خلفية أزمة حادة يشهدها حاليا مجلس الشيوخ بين الجمهوريين والديموقراطيين، وأطلق موقع "موف اون.اورغ" اليساري على الانترنت نداء من وحي "حرب النجوم" حيث كتب "أنقذوا الجمهورية"، معتبرا ان بدء عرض الفيلم يمثل "فرصة جيدة لتوعية الجمهور وتسليته في آن". وعمد ليو برودي الأستاذ في جامعة جنوب كاليفورنيا إلى التخفيف من حدة الجدل فقال لوكالة فرانس برس ان "أي فيلم حرب يمكن ربطه بالأحداث الراهنة. فحين ستكتب أطروحات في السنوات المقبلة حول تأثير اميركا التي تخوض حربا على افلام مطلع القرن الواحد والعشرين، فسيكون من السهل على واضعي هذه الاطروحات والفرضيات إيجاد نقاط تشابه في حرب النجوم بالطبع، إنما كذلك في افلام مثل ملكوت السماوات وحرب طروادة".
أرباح هائلة
غير أن هذا الجدل السياسي لم يمنع النجاح منقطع النظير الذي حظي به الجزء الأخير من الفيلم منذ بدء عرضه يوم الخميس الماضي في أمريكا. فأصبح "حرب النجوم - انتقام السيث" ثاني أفضل فيلم بعد الفيلم الشهير الرجل العنكبوت في تحقيق أعلى الإيرادات السينمائية على الإطلاق في ثلاثة أيام. وحقق الفيلم مبيعات تذاكر قدرها 5ر108 مليون دولار منذ يوم الجمعة الماضي ليرتفع إجمالي إيراداته إلى 5ر158 مليون دولار منذ بدء عرضه بعد منتصف يوم الخميس الماضي في أمريكا الشمالية. وتسجل إيراداته في أربعة أيام رقما قياسيا جديدا يتجاوز الإيرادات التي حققها فيلم "عودة ماتريكس" عام 2003 وقدرها 3ر134 مليون دولار. كما حققت إيرادات الفيلم يوم الخميس الماضي وقدرها 50 مليون دولار رقما قياسيا تجاوز إيرادات اليوم الواحد التي حققها فيلم الرسوم المتحركة "شريك الجزء الثاني" وقدرها 8ر44 مليون دولار العام الماضي.
والطريف أن بعد أيام فقط من عرض الفيلم وجدت نسخ غير أصلية من أقراص الفيديو الرقمية المسجل عليها الفيلم طريقها للبيع في شوارع بكين. وبدأ عرض الفيلم في شتى أنحاء الصين بمنتصف ليل يوم الخميس تقريبا في نفس توقيت عرضه لأول مرة في شتى أنحاء العالم في محاولة للتغلب على القرصنة. ولكن النسخ غير الأصلية كانت متاحة في كل مكان اليوم الأحد. وقال بائع في بكين وهو يسحب أحد الأقراص من وراء شجرة ويعرضه للبيع مقابل سبعة يوان (58 سنتا أمريكيا) "وصلت هذه النسخ صباح اليوم. النوعية جيدة للغاية وهي ليست مثل النسخ التي يجرى تصويرها من داخل قاعات السينما". وتقدر رابطة موشون بيكتشر الأمريكية أن نحو 95 بالمئة من أقراص الفيديو الرقمية التي تباع في الصين غير أصلية مما كلف صناعة السينما الأمريكية 280 مليون دولار العام الماضي فقط. ومع ارتفاع أسعار تذاكر دور يتوقع أن توجه الأقراص المنسوخة ضربة قوية لمبيعات السينما الصينية.