Pressefreiheit unter Beschuss
٣١ مايو ٢٠٠٨عندما يرسل الصحافيون تقاريرهم من مواقع الحرب والأزمات، فإنهم يهدفون إلى تعريف الناس بما يدور في تلك المناطق الساخنة، بالصوت والصورة، لمساعدتهم على تكوين صورة موضوعية عن الأزمة. ولكي يتمكن الصحافيون من نقل تلك الصورة بدقة وصدق، فإنهم لا يحتاجون إلى القبول من جلانب الدولة أو الدول التي تجري على أراضيها الأحداث وحسب، لكن يجب أن يتمتعوا بحق الحماية كما يرى غونتر نوكه، مفوض شؤون حقوق الإنسان في حكومة ألمانيا الاتحادية. ويضيف نوكه في هذا الإطار، أنه على الدول أن تبدي اهتماماً أكبر بحرية الصحافة وصدق التقارير عن الحروب والأزمات إذا ما كان هدفها السياسي هو تخطي تلك الأزمات وتحقيق السلام.
اعتبار الصحافيين طابور خامس في الحرب
يرى أولريش تيلغنر، المراسل الألماني الشهير للشؤون الخارجية، أن المراسلين الحربيين في خطر تزداد وطأته باستمرار لأنهم، في أعين الأطراف المتنازعة، يعتبرون طابوراً خامساً في الحرب. ولذلك فأوضاعهم تزداد تعقيداً في ظل تلك الظروف، بالإضافة إلى تغير شروط العمل الإعلامي في كل العالم.
شتيفان باولي، يعمل كمراسل حربي في إذاعة هيسن الألمانية منذ 25 عاماً، ويؤكد على هذا التغير قائلاً: "بفضل الإمكانيات التقنية الحديثة، يمكننا اليوم بث تقاريرنا بشكل مباشر من فوق كل كثيب رمل في أرض المعركة. لكننا لم نعد ندري إطلاقاً ماذا يجري وراء هذا الكثيب". والسبب هو: "سحر الإرسال الحي"، الذي يدفع المراسل إلى البحث عن الجديد دون الحديث عن خلفيات الأحداث.
المراسلون المحليون هم الأكثر عرضة للخطر
والسؤال الذي يطرح نفسه، هو هل يؤدي الضغط الاقتصادي والتنافس بين القنوات التلفزيونية المختلفة، التي تحرص على ارتفاع نسبة مشاهديها، إلى تراجع محتوى البرامج المقدمة؟
يرى كريستوف ماريا فرودر أن هذه ليست هي المشكلة الوحيدة ولكن يضاف إليها المشاكل التي تواجه المراسلين في موقع الحدث، مثل ضيق الوقت وقصر مدة الإقامة، مما جعلهم يعتمدون باستمرار على المراسلين المحليين، الذين يبيعون ما يمتلكونه من معلومات. ويضيف كريستوف أن هذا الوضع له عواقب على نوعية التقرير، حيث أن الصحافي لا يستطيع مثلا أن يجري مقابلة حصرية لقناته، لأن المراسلين المحليين عادة ما يكونون هم الوسطاء ويوصلونه بالخبراء المشهورين، الذين سبق وأن ظهروا في قنوات مشهورة أخرى، مثل قناة سي.ان.ان الأمريكية.
والمراسلون المحليون هم أكثر الصحافيين عرضة للقتل، حيث تفوق نسبتهم 80 في المائة من ضحايا تلك الجرائم، حسب ميشائيل ريدسكه، المتحدث باسم الفرع الألماني لمنظمة "مراسلون بلا حدود". من ناحية أخرى، وجود هؤلاء المراسلين بشكل مستمر في موقع الحدث يجعلهم المصدر الرئيسي للصور هناك، لكن هذه الصور لا تتمتع بالضرورة بالمواصفات المهنية المطلوبة، كما يؤكد ريديسكه، ويضيف: "لا أعتقد أن أحداً يمتلك المعايير الكافية لتقييم تلك الصور في ذلك الوقت"، مشيراً إلى أن التأكد من صحة المصدر ومحتوى الصورة في مناطق الأزمات أضحى من اختصاص الصحافي وأن هذه المهمة تعد مهمة صعبة ومحفوفة بالمخاطر.
"الصور والتقارير قد تقرر نتيجة الحرب"
لقد أضحى من المعروف لدى الجيوش والقوات غير النظامية والمجموعات الإرهابية، أن التقارير والصور المنشورة تساهم في تقرير نتائج الحروب، كما يؤكد غونتر نوكه وهو ما دفع بعض أطراف النزاعات إلى محاولة التأثير على الصحافيين أو أذيتهم إلى حد قتل من ينشر عنهم تقارير لا تعجبهم.
وبمبادرة أطلقتها اليونان وفرنسا، بدأ مجلس الأمن في نهاية عام 2006 بالاهتمام بقضية الخطر المتزايد الذي يتعرض له الصحافيون في مناطق الأزمات، حسب ماريا تلاليان التي شاركت في مسودة إصدار قرار بهذا الشأن. ويرجو نص القرار من الأطراف المتنازعة أن تحترم الصحافيين والإعلاميين وأن توفر لهم حماية خاصة تساعدهم في أداء واجبهم.
ضرورة تفعيل القوانين لحماية الصحافيين
القرار 1738 الذي صدر في 20 ديسمبر/كانون الأول 2006 أدان قتل الصحافيين وأقر أنهم مدنيون يتمتعون بالحماية لأداء واجبهم. لكن المعضلة تنشأ من عدم ملاحقة المعتدين عليهم ومعاقبتهم إذ أن 9 من كل 10 حالات قتل صحافيين لا تتابع، كما قال موغنس شميت ممثل مدير هيئة اليونسكو المختص بالاتصال والإعلام.
وفي الواقع، فإن ما ينقص من أجل تحقيق الحماية للصحافيين والمراسلين ليس القوانين، بل تفعيل تلك القوانين. ولتحقيق ذلك، يجب أن تتوفر الإرادة السياسية، ولذلك فقد طالب القرار الصادر عن مجلس الأمن الدول بعرض ما تم اتخاذه من إجراءات بخصوص حماية الصحافيين وملاحقة المعتدين عليهم. وهو أمر لا يهم الصحافيين فقط، بل المجتمعات بأكملها، إذ أن الخطر الذي يتعرض له الصحافيون يزيد عن كونه مأساة فردية، بل هو اعتداء على حرية الصحافة نفسها.