حظر التمويل الخارجي للأئمة في النمسا..أصداء واسعة بألمانيا
١٧ فبراير ٢٠١٩خلق التمويل الخارجي للمساجد حالة غليان في النمسا، خاصة بعد إغلاق سبعة مساجد وطرد عشرات من الأئمة العام الماضي. ويعود السبب في ذلك إلى الحملة التي شنتها الحكومة النمساوية للاشتباه في حصول رجال الدين على دعم مالي مباشر من هيئة الشؤون الدينية التركية. و منذ عام 2015، يحظر قانون خاص بالإسلام في النمسا التمويل الخارجي. وينص هذا القانون أيضاً على أنه يجب على المؤسسة الدينية المُعترف بها بحسب القانون العام تغطية مصاريف الخدمات الدينية من مصادر تمويل محلية. وعلى النقيض من ألمانيا، فالإسلام والمسلمون في النمسا معترف بهم قانونياً منذ 100 عام.
قانون ضد المسلمين؟
هناك العديد من الدعاوى القضائية المعلقة ضد هذا القانون، وينتظر كثيرون بترقب البث فيها. ويتهم المنتقدون الدولة النمساوية بالتدخل في الشؤون الداخلية للمؤمنين. ولا تثير الدعاوى القضائية بشكل كبير قلق الحكومة الشعبية اليمينية المحافظة للمستشار سيباستيان كورتس. وهناك بدأ تطبيق القانون وفقا لصياغته الحرفية. وسيتم مراجعة ستين إماماً من بين 260 إمام موجودين في النمسا. البروفيسور جورج لينباخر، عضو المحكمة الدستورية النمساوية، يشرح في مقابلة له مع DW أنه، وفقا للنص القانوني، يجب دفع أجرة "الإمام العادي" من المصادر المحلية. في ألمانيا، ولا يطالب بعض الساسة من المعسكر المحافظ والشعبي اليميني فحسب بأن تأخذ ألمانيا هذا القانون كمثال، وإنما هناك أيضاً مطالب بالتحرك ضد التمويل الخارجي من قبل المعسكرات السياسية الأخرى.
ويطالب فولكر بيك، العضو من حزب الخضر منذ سنوات والمعارض بشدة للجمعيات الإسلامية في ألمانيا، البوندستاغ بالتحرك ضد التمويل الخارجي . في محادثة له مع DW، يؤيد قانون الشفافية الذي يشمل المنظمات غير الحكومية والمجتمعات الدينية على حد سواء. ويضيف بأن هذا يمكن أن يكشف عن التدفقات المالية من الخارج - وهو أمر مطلوب على وجه السرعة: "نحن نعلم كيف يسير التمويل الخارجي بالنسبة لتركيا، لكن لا نعلم شيئاً عما يجري من قبل الدول العربية ودول شمال أفريقيا هنا".
المطالبة بمزيد من الانفتاح والشفافية
الأمر المثير للجدل حول هذا الاقتراح هو أن الساسة الألمان بالتحديد كانوا في الماضي ضد قوانين مماثلة في كل من إسرائيل أو روسيا، حيث تُجبر هناك المنظمات غير الحكومية الأجنبية بطرق مختلفة على الكشف عن مصادر تمويلها. ولا يرى بيك في هذا تناقضاً، لأن التشريع الروسي كان واضحاً أن له دوافع سياسية، وهذا سبب يمنع المقارنة. في روسيا، تُجبر المنظمات غير الحكومية ذات التوجه السياسي على الإعلان عن نفسها كعميل أجنبي بأمر من وزارة العدل. ويقول بيك: " هذا ليس ضروري، من أجل الشفافية. الأمر يتعلق أكثر بالتشهير بمنظمات حقوق الإنسان".
وحول مدى أهمية مراقبة التدفقات المالية الأجنبية، يشير بيك إلى "الطابع المزدوج" للمنظمات الإسلامية، ويقول: "العديد من اتحادات المساجد، الموجودة هنا، تعمل في بلدانها كحركة سياسية أو كحزب سياسي". ويذكر على سبيل المثال، الاتحاد التركي للجمعيات الثقافية الإسلامية في أوروبا (ATIB)، والذي يتخذ من كولونيا مقراً له، ويُعرف في كثير من الأحيان باسم الذراع الألماني لتنظيم "الذئاب الرمادية"، والذي يُعتبر حزباً قومياً في تركيا. وكمثال آخر، تذكر الجمعية الإسلامية التركية "ملِّي غوروش" Milli Görüs، ومقرها في كولونيا أيضاً، والتي كانت في الأصل جزءاً من حزب أربكان في تركيا. ويعتبر السياسي التركي نجم الدين أربكان المرشد السياسي للرئيس التركي الحالي رجب طيب أردوغان وحزبه حزب العدالة والتنمية. وتخضع "ملِّي غوروش" منذ سنوات لمراقبة هيئة حماية الدستور، وفي نفس الوقت يراقبها عضو في المجلس الإسلامي في ألمانيا.
"قانون خاص بالمسلمين"
خلال حديثه مع DW، عبّر رئيس المجلس الإسلامي في ألمانيا، برهان كيسيس، عن قلقه من الموضوع، إذ قال بأن الجدل يُظهر مدى ضآلة معرفة الرأي العام الألماني بما وصفه بـ "البنية التحتية للإسلام، وقال :"لا أعرف مسجداً واحداً، يُمول من الخارج". وتحدث كيسيس عن حالات معزولة وأنه هناك فرق بين رواتب الأئمة من تركيا والتكاليف الجارية للمساجد.
" تمويل الاتحادات الإسلامية في ألمانيا ذاتي مائة في المائة و يتكون من رسوم العضوية والتبرعات". لا توجد إحصائيات رسمية حول هذا الموضوع. و يحذر كيسيس الساسة الألمان من الوقوع في "المصيدة النمساوية" ووضع "قانون خاص بالمسلمين"، وهن هذا يقول :"إذا كان القانون يشكل عامة الناس، فذلك جيد. لكن إن كان خاص بالمسلمين فقط، نحن بالطبع ضد ذلك".
بالنسبة لفولكر بيك، فيرى أنّ هناك أقليات دينية أصغر من الخارج تمكنت من تمويل نفسها في ألمانيا بالكامل، ودون رأس مال أجنبي، ويقول :"على المرء أن يقول للمسلمين، أنت عظماء، ويمكنكم تمويل أنفسكم".
في النمسا، أخذ النقاش في الآونة الأخيرة منعطفاً جديداً بالكامل. ففي دعوة عامة للمساعدة، اتجه رئيس الاتحاد الإسلامي المنتخب حديثاً، أوميت فورال، إلى الرأي العام، مشيراً إلى أنه بعد عمليات طرد الأئمة، لم يعد هناك عدد كاف من الأئمة للحفاظ على تسيير المساجد.
ريشارد أ. فوكس/ إ.م