Belgien Burka Verbot
١ مايو ٢٠١٠اقتراح القانون المقدم في بلجيكا بحظر النقاب وكل ما يغطي الوجه في الأماكن العامة، هو محاولة يقوم بها النواب البلجيكيون للتجاوب مع تزايد الأجواء المنتقدة للإسلام لدى المواطنين في بلجيكا. لكن قانون حظر البرقع يجب ألا ينسب إلى الشعوبيين اليمينيين المتطرفين فقط، لأن النواب الليبراليون الفرانكفونيون قاموا بتقديمه إلى البرلمان، كم انه لاقى دعما واسعا من أغلبية النواب.
وفي بلجيكا، كما هو الحال في بلاد أوروبية أخرى عديدة، تكونت مجتمعات موازية مطبوعة بصبغة إسلامية من مهاجرين غير مندمجين في المجتمعات الأوروبية. هذا التطور دفع الكثير من البلجيكيين إلى النظر بارتياب كبير إلى أحياء كاملة في العاصمة بروكسل، باعتبار أن هذه الأحياء بمثابة "اسطنبول صغرى" أو "مراكش صغرى". غير أن الملابس، التي تغطى جميع أجزاء الجسد لا يرتديها أحد في بروكسل، أما مرتديات النقاب فعددهن لا يتجاوز العشرات.
"ارتداء النقاب تعبير عن رفض الاندماج"
لكن حالة الإقصاء من المجتمع، الذي يعبر عنها ارتداء النقاب، لا تعجب الكثيرين في أوروبا، خاصة في بعض دول الاتحاد الأوروبي، التي تشهد نقاشا حول النقاب، على غرار بلجيكا، وفرنسا، وهولندا والدنمرك. فالنقاب يعني عند ترجمة معناه بالنسبة للشخص المقابل: "أنا لا أريد أن تربطني بك أية علاقة، كما أنه غير مسموح لك ولا حتى أن تنظر إلى عيني." وفي الواقع هذا التصور لا يتفق مع مجتمع أوروبي منفتح، خاصة أن النقاب ليس جزءا من الحرية الدينية وإنما تقليد وراثي يهدف إلى تجريد النساء من شخصيتهن واستقلالهن. لذلك فإن تدخل الدولة قانونيا في الحق الشخصي في كيفية ارتداء الملابس مشروع في هذا السياق.
وفي أوروبا يجري فهم الحجة، التي تقول إن النساء يجب عليهن أن يخفين مفاتنهن عن طريق ارتداء النقاب، على أنها معاداة شديدة للرجال، مما قد يعني أن كل الرجال "سيلتهمون" بتوجيه غريزي أية امرأة غير منقبة، وهو تصور عجيب بحد ذاته. وفي واقع الأمر يوجد إجماع داخل المجتمعات الأوروبية ضد التعري التام على الملأ، بيد أن إظهار الوجه وكذلك الشعر، ليس لها علاقة بالتعري ولا خطورة منه إطلاقا.
"حظر النقاب في بلجيكا لن يؤدي إلى تحسين اندماج المسلمات"
من المحزن وخصوصا في ألمانيا وهولندا أن تستأثر حركات يمينية متطرفة بتوجيه النقد للإسلام. لكن ليس كل من ينتقد تقاليد إسلامية يرى فيها تأخرا وتسلطا يعد من النازيين الجدد، أو من العنصريين. ورغم ذلك فإن حظر النقاب في بلجيكا لن يؤدي إلى تحسين اندماج المهاجرين المسلمين، بل على العكس من ذلك؛ فالنساء القليلات في بروكسل، اللاتي يتوجب عليهن ارتداء النقاب لن تتمكن أي واحدة منهن من مغادرة المنزل، وتوجد مخاطر من ألا تتحرر وفق أهداف المشرع القانوني (في بلجيكا)، بل تصبح محاصرة من قبل أسرتها.
وفضلا عن ذلك فإن حظر ارتداء النقاب في بلجيكا، الذي يمكن أن يقرر أيضا في فرنسا في مايو/ أيار يجب أن يكون بداية لتطور جديد في المجتمع وانطلاقا لنقاش نقدي حول المعايير التقليدية للإسلام والمجتمع الإسلامي. وفي هذا الإطار ينبغي أن يتم حظر تغطية الجسد كاملا في الأماكن العامة، وذلك ليس رفضا للدين، وإنما لاضطهاد النساء.
جدير بالذكر أن نواب البرلمان البلجيكي صوتوا لصالح قانون يحظر تغطية الوجه بصفة عامة ويشمل أقنعة الكرنفال خارج موسم الكرنفال، و كذلك أيضا خوذات الدرجات النارية. وإذا ضل أحد من رجال قبائل الطوارق الطريق ووصل إلى بروكسل، فعندها سيتحتم عليه كذلك أن ينزع شاشه (اللثام)، الذي بغطي به فمه وأنفه حماية لهما من رمال الصحراء.
المعلق: بيرند ريغرت / ترجمة ص. ش
مراجعة: لؤي المدهون