حي مولنبيك - كرة القدم لمواجهة الأفكار المتطرفة
٦ يونيو ٢٠١٦على جانب الملعب تهتف مجموعة من الأطفال الصغار:"هيا أيها الشباب، هيا يا شباب"، بهدف تشجيع زملائهم الكبار. كما رسم اأطفال ألوان علم بلجيكا على خدودهم. في ذلك اليوم كانت هناك مقابلة بين "أكاديمية شبيبة مولنبيك" وبين ناد آخر لكرة القدم من لندن. تم تأسيس هذين الناديين لكرة القدم من أجل مكافحة التهميش والتطرف، حيث إنهما يروجان للاندماج والتسامح.
وأُقيمت المباراة في ملعب سيبلبيرغ الصغير بحي مولنبيك الذي ارتبط إسمه بالاعتداءات الإرهابية التي ضربت باريس وبروكسيل، علما أن بعض المتورطين في تلك الاعتداءات ينحدرون من هذا الحي. وبعد يوم من وقوع هجمات باريس ألقت الشرطة أمام عدسات الكاميرات القبض على احد المشتبه بهم بالقرب من ملعب سيبلبيرغ ، حيث وانتشرت تلك المشاهد عبر العالم.
مولنبيك - نقص في التمويل
محمد تابقالت يقول والبهجة تغمره:"وأخيرا نحصل على الاهتمام! انظروا، هناك صحفيون من بريطانيا ومن جميع أنحاء أوروبا. وأخيرا سيرى الناس ماذا نفعل هنا، وما هي المواهب الموجودة عندنا". تابقالت يناضل منذ 15 عاما من أجل خدمة النشء في كرة القدم بحي مولنبيك. وبدأ التزامه في هذا المجال الرياضي مع الشباب عندما علم من بعض الآباء عن تعرض أبنائهم للتمييز في كرة القدم بسبب أصولهم المغربية. وإثرها أقدم تابقالت على تكوين فرقة للشباب، وهي "أكاديمية شباب مولنبيك".
لم يعد يكفي فريق واحد لضم كل الأطفال المنحدرين من عائلات مهاجرة من كلا الجنسين. وقد تم تمويل التدريبات فقط من المساهمات المالية لأولياء الأطفال. ورغم كل الجهود المبذولة لم يكن هناك دعم مالي أو رعاية من طرف مؤسسات معينة. وبالنظر إلى الاعتداءات الإرهابية في باريس وبروكسيل يقول محمد تابقالت:"بعد كل ما حصل هنا في مولنبيك، فنحن في حاجة إلى الكثير من المال والعاملين". وأوضح تابقالت أن "ذلك له انعكاسات نفسية على الأطفال. ونحن غير قادرين على تقديم تأطير حقيقي للأطفال بالمال الذي نتوفر عليه". ويأمل تابقالت في أن تساهم زيارة الفريق الضيف من لندن في جلب الاهتمام الضروري ليحصل ناديه على دعم مالي.
التغلب على ظواهر التطرف
حقق نادي كرة القدم من لندن نجاحا يحلم به محمد تابقالت منذ مدة، فالنادي اللندني يمنح لأكثر من 600 شابة وشاب فرصة التدريب ويقدم المشورة عبر أخصائيين في علم النفس ودورات الاندماج. هذا النادي أسسته أنا برييور، تاجرة سابقة في التحف الفنية، حيث إنها التزمت بعد اعتداءات لندن الإرهابية في عام 2005 بتنظيم حفلات بين السكان من ثقافات مختلفة. وخلال إحدى تلك الحفلات علمت أن الأطفال في حيها لا يتوفرون على فضاء للعب كرة القدم، وعليه بدأت برييور في جمع تبرعات لتغطية تكاليف الملعب المحلي واكتسبت مدربين متطوعين، وبذلك تأسس نادي كرة القدم اللندني.
ورغم التأطير الجيد، فإن النادي لا يستطيع ضمان الحماية الكاملة ضد التأثيرات الراديكالية. ويقول شمندر تالوار:"قبل شهور كشف لي لاعبون عن أخبار حصلوا عليها في هواتفهم، وهي عبارة عن محاولات من قبل تنظيم داعش بهدف تجنيد آخرين.
ويقول عزالدين أحد المدربين لدى فريق حي مولنبيك :"قبل خمس سنوات تحدث إلي أناس هنا في مولنبيك وطلبوا مني أن أسافر إلى سوريا، في تلك الفترة لم يكن للموضوع أهمية في وسائل الإعلام. لم أكن أعرف شيئا عن ذلك. وقد أقنعني والدي والإمام في المسجد بعدم تلبية الدعوة".
ويعبر محمد تابقالت عن أسفه لعدم وجوده في مثل تلك الظروف للدفاع عن لاعبيه الصغار، ويقول:"لو كان لدينا مال أكثر وما يكفي من الأطر الضرورية، لتمكنا من التعامل مع تلك الظروف على الوجه الصحيح، لكن إلى حد الآن لا يمكننا سوى تقديم تدريبات في كرة القدم".
ضياع الوقت في الشارع - ما هوالبديل؟
يعبر محمد تابقالت عن فخره بالنجاحات الرياضية التي أحرزها فريقه الفتي، إذ إن طفلين موهوبين من مولنبيك التحقا بالأكاديمية الوطنية لكرة القدم ببلجيكا، وهما يتدربان حاليا ضمن صفوف النشء البلجيكي. بعد انتهاء المباراة الودية بين الفريقين من بروكسيل ولندن بفوز الضيوف، تصافح اللاعبون الصغار فيما بينهم، ليتركوا المجال لفريقي الإناث من المدينتين.
وقد عبرت أنا برييور عن دهشتها للمفعول الإيجابي للرياضة الجماعية في نفوس الشباب، وتقول:"إنهم يتعلمون العمل الجماعي ة من أجل هدف واحد، وهو التضامن فيما بينهم. كما إنهمم مضطرين لحضور التدريبات في أوقات محددة، حتى يتعلمون الانضباط ، إنه أفضل بديل في مواجهة التأثير السيء لعصابات الشوارع".
أما محمد الشاب من حي مولنبيك فيقول:"الشيء الجميل في كرة القدم هو أن لدي الآن ما أفعله في وقت فراغي، فهناك أقران لي يتسكعون طوال النهار في الشوارع". والآن فهو يقف على جتنب الملعب ويشجع فريق الإناث.
"كرة القدم هي عبارة عن موطن"
البنت اقرأ تقول:"نحن نريد بهذه الزيارة توجيه رسالة مفادها أن الإرهاب لن يفرق بيننا. كرة القدم تشكل للبعض موطنا يحميهم من المشاكل"، كما تقول الشابة التي تلعب في صفوف فريق الإناث اللندني.
ويشير محمد تابقالت بعد انتهاء المباراتين بحي مولنبيك إلى أنه سيكون سعيدا لو تلقى فريقه الدعوة للسفر إلى لندن مستقبلا، ويقول:"وقد نحصل على بعض الدعم المالي من إدارة المدينة".