أوروبا وجهة اللاجئين الأولى
١١ مايو ٢٠١٥نظرا للارتفاع المتزايد لعدد اللاجئين في ألمانيا يطالب أعضاء المجلس الاستشاري للهجرة والاندماج السياسيين الألمان والأوروبيين بالإسراع في اتخاذ التدابير اللازمة لاحتواء هذه الأزمة. وترى رئيسة المجلس الاستشاري للهجرة والاندماج كريستين لانغنفيلد أن برنامج "دبلن 2" باء بالفشل، وحسب هذا البرنامج فإنه يتوجب على اللاجئين البقاء في أول دولة دخلوا إليها في الاتحاد الأوروبي لكن الواقع يثبت العكس. "فمن أصل 450 ألف لاجئ سوري وطأت أقدامهم إيطاليا لم يبق منهم سوى مئات قليلة ، أما الأغلبية فقد تركت إيطاليا إلى الأبد" كما قالت كريستين لانغنفيلد، ويرجع السبب إلى أن برنامج "دبلن 2" يُثقل كاهل الدول المُستضيفة زيادة على أن هذه الدول غير قادرة احتواء هذه الأزمة لوحدها.
واقترح المجلس الاستشاري للهجرة والاندماج في تقريره السنوي أن يختار اللاجئ بنفسه البلد الذي يريد الإقامة فيه بعد الاعتراف بطلب لجوئه، وبتقديم المساعدات اللوجستية والمادية الكافية للدول الرئيسية التي تستقبل المهاجرين غير النظاميين. في المقابل يجب على الدول الرئيسية المُستضيفة، إيطاليا واليونان ومالطا وإسبانيا، أن تأخذ وظيفتها على محمل جد وتقوم بالنظر في طلبات اللجوء وتوفير السكن الملائم للاجئين، وفي هذا السياق تضيف كريستين لانغنفيلد: "في هذه الحالة لن يبق النظر في طلبات اللجوء وترحيل من لم يُقبل طلبه ضمن اختصاصات بلدان شمال أوروبا، فيما ستحصل بلدان جنوب أوروبا المُستضيفة دعم يكفي لمواجهة الأفواج الهائلة من اللاجئين غير النظاميين".
أزمة تتطلب التعاون بين دول الاتحاد الأوروبي
ندد أعضاء المجلس الاستشاري للهجرة والاندماج بما يحدث حاليا من حوادث وكوارث أثناء تدفق المهاجرين غير النظاميين عبر مياه البحر الأبيض المتوسط، وقال المجلس إنه يتعين على أوروبا أن تتحمل مسؤوليتها الإنسانية وأن تكثّف من عمليات الإنقاذ. كما نصح الخبراء بضرورة تأمين استضافة جماعية للاجئين غير النظاميين والنظر في طلبات لجوئهم. ويأمل المجلس الاستشاري للهجرة والاندماج أن ينهج الاتحاد الأوروبي نهجا أكثر تنظيما ، وان يلتزم أعضاء الاتحاد تنفيذ تعهداتهم في التعامل مع هذه القضية. وفي هذا الصدد قالت رئيسة المجلس كريستين لانغنفيلد: "هذا التعاون بين أعضاء الاتحاد الأوروبي سيكون بمثابة اختبار لقدرتهم في التغلب على هذه الأزمة".
ويطرح اختلاف أسباب اللجوء من شخص لآخر مشكلة حقيقية، فكل حالة لها وضعها الخاص، ولا يُقبل طلب اللجوء من لاجئ إلا إذا كان هذا الشخص مضطهدا سياسيا أو أن حياته مهددة. ولكن أعدادا كبيرة من الوافدين من دول الجنوب إلى أوروبا هم لاجئون لأغراض اقتصادية، ويقول هاينس فاسمان، أستاذ الجغرافيا التطبيقية والتخطيط الإقليمي في جامعة فيينا، في هذا الصدد: "ليس لدينا إجابات قاطعة على هذه الحالات". ويرى الخبير في علم الجغرافيا أنه يجب على المسؤولين اتخاذ تدابير طويلة الأمد وينتقد السياسيين قائلا: "نسمع منذ سنوات عديدة الكثير عن مكافحة أسباب هذه الهجرة ولكن لا شيء تغير حتى الآن". ومع ذلك لا يفقد الأستاذ الجامعي الأمل تماما ويشير إلى مشاريع واعدة لازالت في قيد التخطيط، مشاريع مثل مساعدة المهاجرين الراغبين في العودة إلى بلدانهم لبداية حياة جديدة هناك.
ألمانيا بحاجة إلى المهاجرين في سوق العمل ولكن!
يدعو المجلس الاستشاري للهجرة والاندماج ألمانيا إلى استضافة المزيد من المهاجرين ، ويقول فيلفريد بوس، أستاذ البحوث التربوية في الجامعة التقنية بمدينة دورتموند: " تأكدوا بأن المهاجرين هم الذين سيساهمون بعملهم هنا في ألمانيا لدفع رواتبكم التقاعدية". من جانب آخر تأكد الأرقام الصادرة عن مكتب الإحصاء الألماني، فيما يخص النمو السكاني، نظرية الأستاذ الجامعي بوس وزملائه، فبحلول عام 2060 سيتقلص عدد سكان ألمانيا من 80 مليون و8 مائة ألف نسمة حاليا إلى 73 مليون و100 ألف نسمة. ويرى الخبراء أنه إذا تقلص متوسط الهجرة في ألمانيا فإن عدد السكان سيصل خلال 45 عاما القادمة ربما إلى 67 مليون و6 مائة ألف نسمة فقط، وثلثهم سيكون في سن التقاعد، أما حاليا فإن خمس السكان في سن التقاعد.
أما أعضاء المجلس الاستشاري للهجرة والاندماج فيرون أن المناخ الاجتماعي في ألمانيا يفتقر للأجواء المناسبة للمهاجرين وإلى ثقافة الترحيب بهم، ويقول الأستاذ الجامعي بوس: "الخوف من المهاجرين يحجب عن أنظارنا الفرص الموعودة". رغم ذلك يرى المجلس الاستشاري للهجرة والاندماج أن سياسة الهجرة الألمانية تسير في الطريق الصحيح، وتحول ألمانيا إلى بلد للهجرة هو في مرحلة متقدمة جدا وتصف رئيسة المجلس كريستين لانغنفيلد ذلك بالقول: "نحن أفضل مما نعتقد"، بل أن المجلس الاستشاري للهجرة والاندماج يرى أن ألمانيا نجحت خصوصا في التدابير المعتمدة لجلب الأكاديميين والمهنيين المتخصصين، لكن رئيسة المجلس ترى أن على ألمانيا بذل مزيد من الجهود للتعريف بخصوصياتها في الخارج.