خبير: حرب غزة ستعمق الخلافات الأمريكية الإسرائيلية
٤ أغسطس ٢٠١٤ألقت عمليات الجيش الإسرائيلي والحرب في غزة بظلالها على العلاقة بين واشنطن وتل أبيب وأدت إلى توتر وتباين في المواقف بينهما وخاصة مع تفاقم الوضع الإنساني في القطاع، وقيام الجيش الإسرائيلي بقصف مدارس في غزة تدار من قبل وكالة الأونروا والأنباء عن تجسس أجهزة أمن إسرائيلية على مكالمات وزير الخارجية الأمريكية جون كيري. وعلى خلفية ذلك باتت تُطرح أسئلة على شكل العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل مستقبلاً. DWعربية حاورت أستاذ العلوم السياسية في جامعة جورج واشنطن، نبيل ميخائيل، حول هذه القضية وقضايا أخرى:
DWعربية: حرب غزة أصبحت مثار جدل وخلاف وانتقادات بين إسرائيل وأمريكا، كيف سينعكس ذلك على العلاقة بينهما؟
نبيل ميخائيل: أمريكا تعارض إسرائيل في حرب غزة، ولكن الموقف يختلف داخل واشنطن، فالكونغرس يؤيد إسرائيل وأقر دعماً فورياً لها بمبلغ يتجاوز 200 مليون دولار لمنظومتها الدفاعية المعروفة باسم القبة الحديدية. لكن هناك انتقادات إسرائيلية لوزير الخارجية الأمريكي جون كيري ولمحاولاته فرض حلول ترفضها إسرائيل. الصورة متداخلة ومحيرة للغاية. نعم هناك اتفاق أمريكي إسرائيلي على بدء الحرب في غزة وأوباما يتحمل مسؤولية ذلك، لكن مع استمرار الحرب هناك تساؤلات يطرحها الكثيرون ويطرحها الإعلام الأمريكي أيضاً، عن مسؤولية أمريكا عن أعمال إسرائيل العسكرية في غزة وأيضاً عن شكل العلاقة مستقبلاً بين واشنطن وتل أبيب.
وهنا يتبادر إلى الذهن سؤال عن مسؤولية ودور أمريكا في حرب غزة؟
لاشك أن هناك مسؤولية أمريكية، فما كان لإسرائيل أن تقوم بعمل عسكري في غزة لو لم تخطر واشنطن مسبقاً، بل وحتى هناك صحف أمريكية وخاصة الصادرة في نيويورك تشير إلى فرض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو رأيه على أوباما شخصياً، بأنه يستطيع التعامل مع خطر حماس وأن يقوم الجيش الإسرائيلي بعمل عسكري في غزة وعلى واشنطن أن تذعن له (نتانياهو). وهذه الأمور تطرح تساؤلات فيما إذا كانت إسرائيل قد مارست فعلاً الضغط على البيت الأبيض رغم توتر العلاقات بين نتانياهو وأوباما شخصياً لكي لا تعترض أمريكا على عمليات إسرائيل في غزة.
هل يعني ذلك أن العلاقة بين واشنطن وتل أبيب ستشهد مزيداً من التوتر؟
نعم ستشهد العلاقة توتراً لعدم وجود اتفاق بين واشنطن وتل أبيب على خطوات إسرائيل العسكرية في غزة، فحتى لو وافقت أمريكا على حرب غزة، هناك أسئلة تطرحها واشنطن على تل أبيب حول كيفية خروج إسرائيل من غزة وما هو مستقبل عملية السلام ومستقبل قطاع غزة؟ وما مدى تنسيق إسرائيل وأمريكا في الحرب على الإرهاب؟
ومن هنا يمكن القول إن العلاقة بين واشنطن وتل أبيب ستشهد توتراً في المستقبل القريب، حتى مع وجود اتفاق بينها في الحاضر على العديد من القضايا الهامة. لكن أمريكا ستواجه إسرائيل وتحاسبها على ما قامت به في غزة، لأن الحرب أدت إلى تعقيد الأمور ومأساة إنسانية في القطاع.
إذن ستشهد العلاقة الأمريكية- الإسرائيلية أزمة فعلية؟
هذا طرح واقعي ومنطقي وربما سيكون سيناريو المستقبل، وفي الغالب ستكون هناك خلافات مع مؤسسات أمريكية وبالتحديد وزارة الخارجية التي تهاجم إسرائيل وتضغط عليها لإجبارها على القبول باتفاقيات هدنة لتهدئة الموقف الحالي في غزة. فسنشهد خلافات أمريكية إسرائيلية، أرجو أن تؤدي إلى وقف القتال وألا تكون محاولات لإدارة الصراع. إذ يجب أن تتركز الخلافات مع إسرائيل على وقف القتال في غزة ومحاولة دعم الموقف الفلسطيني، لأن إسرائيل هاجمت غزة عندما لاحظت عدم وجود تأييد أمريكي للفلسطينيين.
ولكن هذا التوتر ألا يمكن أن يؤثر على جهود جون كيري وأمريكا الراهنة ومحاولاتها التوسط للتهدئة ووقف إطلاق النار على الأقل؟
هذا أمر واقعي، لأن تلك التطورات السلبية يمكن أن تؤثر وتعرقل مساعي كيري لوقف إطلاق النار. لكن على كيري أن يطرح الرؤية المستقبلية لشكل العلاقات الأمريكية بما فيها التعاون العسكري والمخابراتي والحرب على الإرهاب والصراعات التي تشهدها المنطقة وخاصة في سوريا والعراق.
ولكن على كيري التركيز على وقف إطلاق النار والمأساة الإنسانية التي يشهدها قطاع غزة وترتيب العلاقات الأمنية بين إسرائيل والقطاع. وأظن أن كيري في حاجة لدعم البيت الأبيض ودعم الرئيس باراك أوباما، ودعم مبادرته لوقف إطلاق النار والتهدئة في غزة.
وهل في يد كير ولدى البيت الأبيض وسائل وأوراق يمكن استخدامها للضغط على إسرائيل وإلزامها بقبول التهدئة ووقف إطلاق النار وبدء محادثات مع الفلسطينيين وربما مع حماس أيضاً؟
في الحقيقة من الصعب الإجابة على هذا السؤال، لكني أميل إلى الاعتقاد بأن كيري سينجح في مساعيه ومبادرته لو كان هناك دعم أوروبي أيضاً له. فلا أظن أن إسرائيل تستطيع معارضة مصروالدول العربية والمضي في حرب غزة ولا تستطيع تجاهل غضب الرأي العام الأوروبي والاحتجاجات التي تشهدها أوروبا.
وهناك حديث عن مبادرة فرنسية، أصبحت فرنسية- ألمانية، فلو كانت هناك ضغوط أوروبية ودعم لجهود كيري، أعتقد أن إسرائيل ستكون في موقف محرج وستتكلل جهود الوساطة بالنجاح في وقف إطلاق النار.
وماذا بالنسبة للمستقبل، وهذه الحرب التي نشهدها في غزة والخلاف والتوتر في العلاقة بين واشنطن وتل أبيب، كيف ستنعكس على مفاوضات السلام المستقبلية وربما محاولات جديدة للإدارة الأمريكية لإعادة الفلسطينيين والإسرائيليين إلى طاولة المفاوضات؟
باختصار، يجب على واشنطن أن تدعم السلطة الفلسطينية بعد حرب غزة، وهذا سيؤدي إلى إجماع فلسطيني ومجهود مشترك يدعمه الغرب وتدعمه ألمانيا وفرنسا ويدعمه الغرب والدول العربية أيضاً، بحيث يمكن طرح الملف الفلسطيني مرة أخرى على الساحة الدولية وإعلان دولة فلسطينية تشمل قطاع غزة ولا تنتهك حدودها ولا تتعرض للعدوان من أي دولة.
إذن ستبقى أمريكا وسيطاً للسلام والتفاوض بعد حرب غزة أيضاً وستقبل إسرائيل بذلك؟
ستبقى الوسيط إذا تم التركيز على اتفاق نهائي بين إسرائيل ودولة فلسطين، لكن ستبقى هناك مشاكل عالقة مثل القدس والمستوطنات. ويجب إشراك أطراف دولية أخرى، خصوصاً إذا فشلت أمريكا في انتزاع تنازلات من إسرائيل، وعلى واشنطن إقناع الفلسطينيين أن أمريكا الدولة العظمى ترحب وتدعم قيام دولة فلسطينية.
نبيل ميخائيل: أستاذ العلوم السياسية في جامعة جورج واشنطن في أمريكا