دعوة الغرباء على الطعام في نوادي العشاء البرلينية
١ يوليو ٢٠١٢عبر الشبكة العنكبوتية يعرف الضيوف أين سيكون العشاء ولكنهم لا يعرفون من سيقدم لهم الوجبات المختلفة. قبل أيام من موعد الللقاء يُعلن صاحب الدار عن استعداده لاستقبال عشرة أشخاص في بيته الخاص ويقدم لهم وليمة العشاء، لكنه لايذكر ما هو نوع الطعام. إنه لا يقدم الصَدَقة، بل إن الشيف الموهوب يتقاضى تكلفة الوجبات، ليس من باب الربح، بل من باب تسوية الخسارة المادية التي ربما يتحملها هو بنفسه، إذا كان عدد الضيوف أقل بكثير من كمية الطعام التي يُعِدّها لهم.
كان هدف الفكرة هو التعرف على الناس وعلى المدينة التي يسكنون بها. وقد بدأها غرباء المدينة الذين جاؤوا إليها من بلدان ومدن أخرى.، وها هي الفكرة تنتشر اليوم في مدن ألمانية كثيرة ويَقدُم عليها إلى جانب الألمان أشخاص من كل الجنسيات.
أجواء حميمية
في برلين يقدم ماركو تِيّلاّ وصديقته كيارا تسانيلا فيرّو لضيوفهم وجبة العشاء من أربعة أطباق. بدءاً من المقبلات، مروراً بالوجبة الأساسية الأولى والثانية وتنتهي الوجبة بطبق حلوى شهي. أصحاب الدار هذه المرة إيطاليون وسوف يقدمون اليوم الوجبات الإيطالية ويعرّفون ضيوفهم بالمناطق التي تقدم بها هذه الوجبات ويحكون لهم قصص وحوادث طريفة عن بلدهم.
لم يعرف أحد الآخر ولكن سرعان ما تحولت الجلسة إلى جلسة حميمية، وكأنهم يتقابلون كل يوم. فبعدما يستقبل صاحب الوليمة ضيوفه ويرشدهم واحداً تلو الآخر إلى غرفة الطعام، يجلس هؤلاء في البداية مع بعضهم البعض وكل يحاول تفحص الآخر، من هو هذا الشخص الجالس أمامي؟ من أي بلد هو قادم؟ ماذا يعمل؟ هذه الأسئلة تراود أذهان الضيوف. وما أن يمضي وقتاً ما، وبعد شرب أول كأس شامبانيا مثلاُ يبدأ التحرر من الخجل والاستغراب ويبدون وكأنهم أصدقاء. وهذا هو الهدف من وجود ما يسمى بالمطاعم البديلة أو نوادي العشاء المنزلية.
في برلين كما في المدن الأخرى لا يعرف صاحب الدار من هم زواره من قبل، لكنه يعرف عن طريق البريد الإلكتروني من أي بلد هم قادمون وإلى أي ثقافة ينتمون، لذلك وكما يقول ماركو تِيّلاّ صاحب الوليمة في برلين: "إنني أحاول أن أطهي طعاماً يرضي كل الأذواق ولكن لا أحيد عن التقاليد الإيطالية."
أفق مفتوح ومزاجات مرحة
ليست هذه الطريقة محببة عند كل الناس، فقليلون هم من يسمحون بدخول الغرباء إلى بيوتهم. ولكن في برلين كما في المدن الألمانية الكبرى أصبحت هذه الفكرة منتشرة، وأصبح عدد من يقوم بمثل هذه المهمة لابأس به.
وكما تقول كيارا تسانيلا فيرّو: "إن أغلب الضيوف من برلين ولكن هناك ضيوف من لندن ونيويورك وحتى سياح من مدن مختلفة يريدون أن يتعرفوا على برلين." وتضيف: "هذه فرصة لهم لأن يتعرفوا على أهل المدينة، ليعرفوا ما هي معالم المدينة وكيفية التجوال بها." وهنا في نوادي العشاء "من لا يخجل لا يبقى جائعاً".
بينما نغرق بالحديث عن المدينة وعن مواضيع أخرى يقدم لنا أصحاب الدار الوجبات واحدة تلو أخرى. مع كل وجبة يقدمون مشروبها الخاص الذي يناسبها. في البداية قدموا لنا كأس شامانيا ومع وجبة المقبلات كأس نبيذ أبيض، مع الوجبات الرئيسية الأولى والثانية النبيذ الأحمر الذي يتناسب معها. وما أن انتهينا من الوجبات حتى بدأت مبادلة أرقام الهواتف والعناوين والأمنيات لأن نلتقي مرة أخرى على طاولة السفرة أو في رحلة في نهاية الإسبوع إلى مكان جميل من معالم برلين. ونكون بذلك توصلنا إلى الهدف الذي تصبو المطاعم البديلة.
في النهاية قدم كل شخص منا مبلغ معقول لأصحاب الدار وكان المبلغ هذه المرة لا يتجاوز الخمسة والأربعين يورو.
إليزابيت يان / فؤاد آل عواد
مراجعة: سمر كرم