دمشق تختار المناورة السياسية، و"تحاول تقسيم المعارضة"
٣ نوفمبر ٢٠١١رغم إعلان الحكومة السورية اليوم عن موافقتها على ورقة مبادرة جامعة الدول العربية بوقف أعمال العنف في سوريا، إلا أن أعمال العنف وسقوط القتلى والاحتجاجات المطالبة بتنحي الرئيس بشار الأسد ما زالت مستمرة وبالأخص في مدينة حمص. وهذا على الرغم من أن الاتفاق الذي أعلنت الجامعة العربية أمس التوصل إليه، يقضي بسحب فوري لكل القوات والعناصر الإستخباراتية من الشوارع ووقف أعمال العنف من أجل التوصل إلى حل للأزمة في البلاد.
والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا السياق هو عن دور المعارضة السورية في الداخل والخارج والتي أبدت انقسامها، وظهر تباين الآراء في صفوفها حيال المبادرة العربية التي قادتها قطر. قوى المعارضة في الداخل رحبت بالمبادرة، بينما شككت أوساط المعارضة في الخارج عموماً بنوايا الحكومة السورية ومصداقيتها في تنفيذ بنود الاتفاقية.
محاولة تقسيم المعارضة
وعن ذلك يقول الدكتور خطار أبو دياب، أستاذ العلوم السياسية في جامعة السوربون بباريس، في حديث خاص مع دويتشه فيله، إن النظام السوري، ومن خلال رفضه الواضح لتحديد آليات الحوار وإذا ما كان الحوار مع المعارضة سيجرى في القاهرة أم لا، "أراد اللعب على أوتار تقسيم المعارضة السورية إلى معارضة في الداخل، وأخرى في الخارج، والتفريق ما بين معارض مقبول وآخر غير مقبول."
ويضيف أبو دياب شارحاً الوضع الحالي للمعارضة في سوريا: "هيئة التنسيق المحلية الموجودة في الداخل فيها رموز وطنية معارضة جيدة. ولكن هناك شكوك حول مدى قبول النظام بها أو مدى ترابط بعضها، ولو بشكل غير مقصود، بسياسات النظام. والمجلس الوطني في الخارج لا زال في بداياته ولم يكتسب بعد صفة تمثيلية." لكن وبغض النظر عن قوى المعارضة في سوريا وخارجها، يؤكد أبو دياب أن الشارع السوري هوالذي يسبق كل قوى المعارضة بجميع أطيافها وأن الحوار الفعلي لن يتم في سوريا إلا إذا تم الرجوع إلى رأي الشارع السوري.
مصداقية النظام السوري
ومع استمرار أعمال العنف وقتل المدنيين في سوريا غداة موافقة الحكومة السورية على مبادرة الجامعة العربية، يبرز سؤال آخر عن مصداقية النظام السوري وإن كان هو فعلاً جاد في إنهاء الأزمة في سوريا والكف عن إراقة الدماء. على هذا الصعيد يرى خطار أبو دياب أن هدف موافقة النظام السوري الفعلي على المبادرة هذه هو "العمل على منع نزع غطاء الشرعية العربي عنه" وأنه إن كان هناك حوار ستقيمه الحكومة السورية مع المعارضة، فإن هذا الحوار يجب أن يكون هدفه هو "تنظيم سبل انتقال السلطة بطرق سلمية. أي بمعنى إقرار الرئيس بشار الأسد بوجوب التنحي وقبول تنظيم انتخابات في مدى زمن معين من اجل نقل السلطة. من دون ذلك تبقى أي حوارات أخرى وهمية."
شرعية المطالبة بالتنحي
ويرى الخبير اللبناني أن المبادرة العربية هذه لها بعض أوجه الشبه مع مبادرة مجلس التعاون الخليجي لحل الأزمة في اليمن، والتي لا تزال "تترنح حتى الآن". وحسب رأيه فإن هذه المبادرة تعطي النظام السوري الفرصة مجدداً، ملبية بذلك رغبة روسيا وإيران، غير أنه يرى أن الوقت لمثل هذه الفرص قد فات وأن الأمر تأخر كثيراً. وهذا بدوره يعطي، كما يقول أبو دياب، الشرعية للجهات المعارضة التي تطالب بشار الأسد بالتنحي كحد أدنى لإجراء الحوار مع النظام، كما صرح مثلاً أسامة الحمصي، عضو الهيئة العامة للثورة السورية.
ويتابع أبو دياب: "شلال الدماء الذي شهدته سوريا على مدى الشهر الثمانية الماضية يعطي الشرعية لقوى المعارضة بالمطالبة بتنحي بشار الأسد كشرط أساسي للحوار مع النظام السوري." لكن الخبير السوري يرى أن النظام لن يقوم، كما تنص المبادرة، بسحب قوات الأمن و "الشبيحة" من المدن السورية، "لأن ذلك سيؤدي في نهاية المطاف إلى سقوطه".
نادر الصراص
مراجعة: محمد المزياني