دورتموند: مدينة تحافظ على تراثها وتتأهب لدخول عصر المعلوماتية

أول ما يطالع زائر دورتموند عندما يخرج من محطة القطار المركزية فيها هو مبنى دار نشر هارينبرغ Harenberg الذي يشكل بداية لشارع تجاري مفعم بالحيوية. ويضم الشارع محلات تجارية تعود إلى خمسينات القرن العشرين. وعلى يمينه يشمخ مبنى مكتبة المدينة الضخم الذي تم بناءه من الفولاذ والزجاج. ويعد هذا المبنى من روائع الهندسة المعمارية المعاصرة.

جامعة ومدرسة موسيقية عريقة

تضم دورتموند جامعة كبيرة يعود تاريخها إلى على عام 1968. وهي تدرّس بشكل رئيسي العلوم الطبيعية والهندسية والاقتصاد والإدارة. ويبرز من بين الفروع الهندسية تقنية المعلوماتية التي أصبحت أهم فرع اقتصادي في المدينة بعد انتهاء دور قطاع الفحم الحجري الذي اشتهرت به حتى فترة ليست بالبعيدة. أما اختصاص الإدارة فيها فهو متخصص بشكل أساسي في مؤسسات الدولة الألمانية الرسمية. وفي إطار تخصصات الأعمال يوجد فيها إضافة إلى الكلية التابعة للجامعة، كلية خاصة بإدارة الأعمال الدولية International School of Management ، لاسيما إدارة المؤسسات السياحية وتنظيم المؤتمرات والمهرجانات واللقاءات العامة. ويوجد في دورتموند مدرسة شهيرة لتعليم الموسيقى. وتعد هذه المدرسة من أعرق المدارس الموسيقية، إذا يعود إنشائها إلى عام 1901، وهي واحدة من أهم رموزها.

على الصعيد الاقتصادي نجحت سلطات المدينة خلال السنوات القليلة الماضية في تعبيد طريقها باتجاه أن تصبح أحد أهم مراكز تطوير تقنية المعلوماتية في ألمانيا. ويتم ذلك في إطار ما يسمى مشروع دورتموند الذي يتم تنفيذه بالتعاون مع شركتي تيسن كروب Thyssen Krupp والاستشارات مكينسي McKinsey. ويتوقع المراقبون أن تصبح المدينة بفضل هذا المشروع، وبحكم وجود أكثر من 25 معهدا لتكنولوجيا المعلوماتية ورشة ضخمة للإبداع والتجديد في المستقبل المنظور.

قصور وقلاع

ومن أهم معالم دورتموند المعروفة بماضيها النبيل وقصورها الجميلة، قلعتها التي تعود إلى عام 775 ميلادية. وهي تقع عند التقاء نهري الرور وإيمس Ems. وإلى جانب القلعة تقع كنيستها العريقة سانت بيتر التي يعود ماضيها الى عام 1100 ميلادية. ومن معالمها المشهورة كذلك قصر المياه الواقع في منطقة الباختال، والذي يعد تحفة تجمع فن العديد من المدارس المعمارية. وفي ضاحية ابلاربك يقع قصر رودنبرج الذي بني عام 1290 على يد ديدريش فون رودنبرج. وقد تحول اليوم إلى مكان للتعليم والتدريس بعد ترميمه وتجديده عام 1996.

مسارح وأندية

أسس مسرح مدينة دورتموند عام 1904، وهو أحد أهم الأماكن التي يتردد عليها زائر المدينة بسبب العروض المتنوعة التي يقدمها في مجالي الأوبرا والمسرح. ومن مسارحها الهامة مسرح دبيوت الذي أُنشئ في شمالها على أنقاض محطة القطار السابقة. وفي عام 2002 أقيم بناء حديث ضخم لإحياء الحفلات الموسيقية. وقد تم بناءه من الفولاذ والزجاج، كما تم تصميه بشكل يسمح بإعطاء صدى الموسيقى طابعا فريدا. ومن أندية دورتموند المعروفة لقضاء أوقات الفراع نادي الشبيبة الذي أقيم عام 1968. وقد تخصص هذا النادي بتقديم الموسيقى الصاخبة، لاسيما التي تعجب المراهقين حيث يقدم 250 حفلة موسيقية من ضمنها عشرات الحفلات التي تشجع الشباب على الإبداع الفني. أما نادي موسيقى الجاز دوميسيل فيعد من أفضل نوادي الجاز في العالم. وعليه فإنه يشكل ملتقى لهواة هذه الموسيقى والمبدعين فيها من مختلف أنحاء المعمورة.

متاحف لكل الأذواق

أما أشهر متاحف دورتموند فهو متحف الفن الحديث الذي أقيم عام 1947. ويضم هذا المتحف رسوما وقطعا فنية تجسد القرن العشرين. ومن بينها أعمال فنانين مشهورين مثل الكسي فون يافيسكي ومارسيل دوخامب ويوسف يويس. وفي متحف الفنون والتاريخ يجد المرء بناء في غاية الروعة على شكل برج قام بتصميمه المعماري البارع هوجو شتاينبخ عام 1924. ويركز هذا المتحف على تاريخ المدينة وعلى استضافة معارض لتحف فنية من مختلف أنحاء العالم. وينقل متحف ادلرتوم زائره إلى العصور الوسطى، إذ يعرض أدوات ووسائل اعتمد عليها الناس في حياتهم خلال هذه العصور. ومن المتاحف الأخرى المعروفة في دورتموند أيضا متحف الطبيعة الذي يركز على تاريخ الكرة الأرضية وتطور الحياة عليها.