دور محدود للبنوك المركزية الوطنية في الحد من التضخم
٢٠ نوفمبر ٢٠٠٦يسعى البنك المركزي الأوربي إلى الحفاظ على قيمة اليورو والحد من التضخم المتوقع خلال هذا العام والذي يليه، لذلك يتعامل مع البنوك الوطنية وأسواق المال بحذر على الرغم من الانتعاش الاقتصادي المتوقع في منطقة اليورو لعام 2007، كما بدا ذلك واضحاً في التقرير الشهري الذي أصدره يوم الخميس الفائت.
والحذر الأوربي ليس جديداً فمنذ نهاية عام 2005 وحتى الآن تم رفع سعر الفائدة أربع مرات توخيا لـ "الحذر"، ويتوقع الخبراء أن تستمر إدارة البنك المركزي الأوروبي في حذرها وترفع سعر الفائدة الشهر القادم من 2,25 إلى 2,5 في المائة. أما على الطرف الآخر من الأطلسي، حيث يوجه البنك المركزي الأمريكي "صندوق الاحتياط الاتحادي" سياسة الفائدة الأمريكية، تم وقف دورة زيادة سعر الفائدة دون وجود خطط لزيادة جديدة، بل أن بعض المتعاملين في سوق البورصة يتوقعون تخفيض سعر الفائدة التي تساوي الآن 5,25 في المائة.
تأثير العولمة على التضخم المالي
ولكن ما مدى التأثير المتبادل بين البنوك المركزية في ظل العولمة الحالية؟ وهل يمكن لقرار البنك المركزي الأوربي برفع سعر الفائدة على سبيل المثال أن يؤثر على سياسة الفائدة الأمريكية رغم أن البنكين مستقلين عن بعضهما تماماً؟ كارستن يونيوس مدير قسم سوق المال لدى ديكا بنك الألماني يرى أن الاقتصاد القومي الأمريكي كبير جداً وبالتالي لا يتأثر كثيراً بالتجارة الخارجية، على العكس من منطقة اليورو التي تتأثر بشكل كبير بالتصدير. ويتابع يونيوس قائلا: "لذلك لا نستغرب مراقبة الأوربيين الشديدة لتطور سياسة الفائدة الأمريكية، ففي مؤتمر صحفي عقده مؤخراً مدير البنك المركزي الأوربي أعرب عن قلقه من احتمال ركود الاقتصاد الأمريكي".
وإذا انتقل تأثير هذا الركود إلى أوربا حسب رأي الاقتصادية كلوديا فيند، العاملة لدى لاندس بنك هسين/تورينغن، فان البنك المركزي الأوربي سوف يتمهل في رفع سعر الفائدة حتى لا ترتفع معها قيمة اليورو وبالتالي تنعكس سلبيا على الصادرات إلى الأسواق الأمريكية. كذلك يرى الاقتصادي ميشائيل شوبيرت، العامل لدى البنك التجاري، أن هناك على الأقل تأثير عالمي غير مباشر "فإذا كان الاقتصاد الأمريكي بصفته قائداً للاقتصاد العالمي بحالة جيدة فإن ذلك ينعكس على الاقتصاد الأوربي أيضا والذي بدوره يؤثر على تطور التضخم".
دور محدود للبنوك المركزية الوطنية
لا توجد أي منطقة اقتصادية في العالم معزولة تماماً في ظل العولمة، فقد جاء في دراسة لمنظمة الأمن والتعاون الاقتصادي في أوروبا (OECD) أن " 70 بالمائة من التضخم يعود إلى أسباب عالمية، وهذا يعني أن البنوك المركزية الوطنية تستطيع أن تتحكم فقط بـ 30 بالمائة من التضخم"، وفي هذا السياق يورد الاقتصادي الألماني يونيوس مثالاً الصين، فحين دخلت منظمة التجارة العالمية انعكس ذلك على الأسعار التي انخفضت في أمريكا وأوربا ولاسيما الصناعات النسيجية.
ويؤكد شوبيرت، الاقتصادي الألماني لدى البنك التجاري، على ذلك التأثير المحدود ويحذر من الدور المتنامي الذي تلعبه المؤثرات الخارجية في رفع قيمة التضخم بقوله: "صحيح أن كل واحد مسئول عن سعر فائدته وبامكانه أن يغيره في بلاده، ولكن هناك التأثيرات الخارجية أيضاً، فالإدارة العالمية للمال في القرن القادم سوف تؤثر على التضخم في كل أنحاء العالم وهذا يشكل تحدياً يتطلب إيجاد حلول جديدة".