زمان المؤسسين: معرض للعصور الألمانية في برلين

أقام متحف التاريخ الألماني في برلين معرضا يجسد فترات عصور التاريخ الألماني وخاصة من خلال التركيز على عصر مؤسسي ألمانيا الحديثة وعلى رأسهم رجال الصناعة. في ذلك الوقت (أي ما بين 1848 و 1871) كانت أماني كثير من المواطنين الألمان أن يشهدوا تغييرات سياسية أن تتوحد ممالكهم. لذلك شملت أروقة المعرض على معروضات تجسد تلك الحقبة الزمنية، مثل تمثال للقيصر فريدريش فلهلم الرابع بكل ما يعانيه هذا التمثال من ضربات على الأنف وبعض الثقوب الغائرة في جبهته. يذكر أن هذا القيصر قد أثار بعض الأشواق اللبرالية في نفوس المواطنين ولكنه لم يستطع التقدم في هذا الطريق لتمسكه بنظامه الوراثي.

رموز الصناعة عاشوا ثورة مارس

كما ضمت أجنحة المعرض لعبة خشبية لتذكر بذلك الزمان 1848/49، حيث يمكن للمرء أن يشاهد تلك المتاريس المحترقة التي تعبر عن الغضب السياسي والمواطنين الحانقين الذين يشاهدون ما يجري من نوافذ منازلهم. وأشارت أمينة المعرض أولريكه لاوفر أن هذه اللعبة قد أثارت حماسها لأنها قرأت المذكرات التي كتبها سيمنز وكارو عن فترة شبابهما. وأشارت إلى أن هاينرش كارو كان طفلا صغيرا وعندما خرج من منزله كان قد شاهد الموتى الأوائل الذين سقطوا في تلك الثورة. و أضافت أمينة المعرض أنها لحظات جميلة أن عاش أولئك المؤسسون تلك الثورة وشاركوا فيها.

ومع هذه الثورة بدأ عهد الازدهار الاقتصادي وانبثاق الطبقات الوسطى في ألمانيا. وهذا العصر بعد توحيد الممالك الألمانية يطلق عليه "زمان المؤسسين". غير أن متحف التاريخ الألماني يريد بمعرضه الحالي أن يعيد تعريف "زمان المؤسسين" بحيث يصبح "فجر الصناعة الألمانية".

السكك الحديدية وشبكة الاتصالات

العلم والمعرفة ونواتجها من صناعات وابتكارات كانت مفاتيح للتنوير الحضاري وانقشاع عصور الظلام وانبلاج النور من بين جنبات المجتمع. ولذا فمع تطور الصناعة المستمر في بعض المناطق مثل منطقة الرور تم وضع الأساس لشبكة السكك الحديدية وطرق النقل الجديدة. وقد قامت السكك الحديدية والسفن البخارية بنقل البضائع والتلغرافات بالأخبار، الأمر الذي جعل المجتمع في حالة حراك مستمر من خلال عملية التواصل هذه.

وعائلات رجال الصناعة كان لها تأثير كبير في صورة ألمانيا مثل عمالقة الفولاذ كروب وشتيم وكبار الماليين أوبنهايم وفاربنغ وروتشيلد ومخترعات سيمنز. ونتيجة لذلك فقد توطن رأس المال في منطقة الراين وفرانكفورت وأوبنهايم ولكنه لم يدخل برلين بعد.

والقفزة المالية التي حدثت بعد تأسيس الرايخ الألماني في 1871 أدت إلى ازدهار اقتصادي جديد هو الذي يمكن أن نطلق عليه "زمان المؤسسين" الذي انتهى بعد سنوات قليلة إلى "أزمة المؤسسين". ومن تعدى منهم هذه الأزمة فقد احتفلوا بما أنجزوه و الآخرون كان عليهم أن يبدؤوا من جديد.