زيارة الصدر للسعودية والإمارات – مساع حميدة أم تبديل ولاءات؟
١٤ أغسطس ٢٠١٧
زيارة الزعيم الشيعي العراقي مقتدى الصدر للإمارات العربية المتحدة وذلك بعد اسبوعين على زيارة نادرة قام بها الى السعودية ، وما رشح عنها من تصريحات سياسة عن ضرورة تقوية العلاقات بين الدولتين الخليجيتين والعراق، لكن بعض المراقبين أعتبر بأن لهذه الزيارة دلالات أخرى، بعد ألتقطوا تصريحات لوزير الداخلية العراقي قاسم الأعرجي من طهران، أكد فيها أن السعودية طلبت من بلاده بشكل رسمي التوسط بينها وبين إيران من أجل خفض التوتر القائم.
من جانبها أبدت الإمارات رغبتها قبيل زيارة الصدر اليوم الاثنين (14 آب/ أغسطس) في تقوية العلاقات مع العراق.
"عودة العراق إلى الحضن العربي"
يؤكد المحلل السياسي العراقي أحمد الأبيض في حوار مع DW عربية على أهمية زيارة مقتدى الصدر للرياض وأبو ظبي، مؤكدا أن الصدر "يمثل توجها سياسا هاما داخل العراق"، كما أن هذه الزيارة تعتبر "مؤشرا على إمكانية عودة العراق للحضن العربي، وهو ما سيعني المشاركة العربية بشكل أكبر في إعادة الإعمار والتنمية الاقتصادية".
وكان مكتب الصدر قد أكد بناء على أخبار نشرتها وكالة رويترز الإخبارية أن الاجتماع مع الأمير محمد بن سلمان في نهاية يوليو/ تموز أسفر عن اتفاق على دراسة استثمارات محتملة في المناطق الشيعية في جنوب العراق. كما أعلن الصدر عن قرار سعودي بالتبرع بمبلغ عشرة ملايين دولار لمساعدة العراقيين النازحين بسبب الحرب على تنظيم "الدولة الإسلامية" على أن تتسلم الحكومة العراقية المبلغ.
بيد أن الأبيض ألمح في حواره إلى أمر آخر قال إن الصدر يسعى إلى تحقيقه ولم تتناوله وسائل الإعلام بشكل كاف وهو حاجة الزعيم الشيعي نفسه لهذه الزيارة، إن أنه ـ بحسب الأبيض ـ بحاجة إلى أموال ودعم سياسي لمواجهة الخصوم داخل البيت الشيعي، لذلك كان اختيار الرياض وأبو ظبي من أجل البحث عن مصادر دعم جديدة. ويرى الخبير العراقي أن الصدر مدرك أن المنطقة الخليجية مقبلة على تغييرات كبيرة في سياساتها، وهو ما ظهر مؤخرا في الأزمة القطرية، والتغييرات السعودية الداخلية. هذه الأمور يريد أن يستغلها الصدر لصالحه، وكذلك من أجل إيصال رسائل إلى الولايات المتحدة بأنه قادر على لعب دور مؤثر ويمكن التعويل عليه سياسيا.
وساطة أم احتواء لإيران وقطر
إلا أن سليمان النمر، مدير الملتقى الخليجي للدراسات ومقره الرياض، لا يرى من جانبه "أن العراق قادر على لعب دور وسيط مع إيران في المرحلة الحالية". لكن الخبير في الشأن السعودي يرى في حوار مع DW عربية أن الرياض قررت احتواء النفوذ الايراني في العراق، وكذلك "استباق السياسة القطرية، وتحجيم دورها في المنطقة". ويرى النمر "أن السعودية لم توسط العراق بل أرادت إيصال رسائل حسن نية إلى إيران والشيعة العرب بأنها معنية بخفض الأزمة". وأكد مدير الملتقى الخليجي أن الوساطة تعني "وجود أليات متابعة، وحلول مطروحة وتوافق من الأطراف المعنية، وهو أمر لا يستطيع العراق تقديمه بالوقت الحاضر".
إلا أن الخبير والمحلل الإماراتي خالد القاسمي يرى أن طلب السعودية للعراق التوسط مع إيران هو دلالة على "براغماتية السياسة السعودية الخارجية، وقدرتها على المواءمة مع التطورات الخارجية. وقال القاسمي: "بهذا الطلب السعودي تظهر الرياض نفسها أمام الشيعة العرب بأنها تريد المصالحة وخفض التوتر، وهو ما لا تقبله إيران". وأكد الخبير الإماراتي أن السياسة الإيرانية في المنطقة مبنية على الابتزاز، وهو ما ظهر مؤخرا في فيما عرف بـ"خلية العبدلي" التي كشفت عن طبيعة السياسة الإيرانية في المنطقة، بحسب القاسمي.
فتح معبر عرعر ـ أولى خطوات التقارب
من جهة أخرى يرى الخبير العراقي الأبيض أن الولايات المتحدة أرسلت إشارات إلى السعودية والامارات بضرورة تحسين العلاقة مع العراق. وأوضح "الأمريكان دعموا حكومة العبادي، خصوصا أنها تميزت بانخفاض الخطاب الطائفي، بالرغم من الضعف الذي يعتري أعمال هذه الحكومة".
ويتابع الأبيض بأن المواطنين العراقيين بدأوا بالاستشعار أن العرب سيشاركون في إعادة إعمار العراق، وأشار الخبير العراقي إلى خطوة فتح منفذ عرعر الحدودي مع السعودية وقال إن "هذه الاجراءات تسهل حركة المسافرين والبضائع، وستؤدي إلى توطيد أكبر للعلاقات".
وأعلن مجلس محافظة الأنبار اليوم عن افتتاح منفذ عرعر الحدودي بشكل دائم مع السعودية، بهدف التبادل التجاري. والمنفذ الحدودي كان قد أغلق قبل أكثر من 26 عاما، وكان يتم فتحه سنوياً أمام الحجاج العراقيين ويعاد إغلاقه بعد انتهاء الموسم.
ردود الفعل الشيعية
ويبقى السؤال عن مدى موقف الشيعية في العراق من الخطوة التي قام بها مقتدى الصدر؟ في هذا الصدد لا يعتقد الأبيض أن خطوة الصدر ستقسم الصف الشيعي في العراق، ويقول "هناك معارضة شيعية سياسية قوية ضد الصدر، إلا أن هذه المعارضة من قبل الساسة فقط، وليس على المستوى الشعبي"، لكنه أستدرك أن "هناك إرهاصات فقط على المستوى الشعبي، إلا أنها ستختفى فور رؤية أية إنجازات على الأرض تحسن من المستوى الحياتي للشعب العراقي".
ويرى الأبيض أن العراقيين سنة وشيعة دفعوا ثمنا باهظا على الأرض جراء السياسية الإيرانية في المنطقة، إذ حاولت إيران تحويل السياسة العراقية كتابع لها، وهو ما يفسر وجود قيادات شيعية مرتبطة مع إيران تقف ضد تحركات الصدر.
الكاتب: علاء جمعة