زيارة بن غفير للأقصى- هل تعيق تطوير علاقات إسرائيل مع العرب؟
٥ يناير ٢٠٢٣زيارة وزير الأمن الإسرائيل إيتمار بن غفير إلى منطقة الحرم القدسي المعروفة عند اليهود بـ"بجبل الهيكل"، يمكن أن تكون لها عواقب كبيرة على علاقات إسرائيل مع جيرانها من الدول العربية. فقد وصف فلسطينيون الزيارة بالاستفزازية ومقدمة محتملة لمحاولة السيطرة الكاملة على مجمع الأقصى الذي يعتبر أقدس مكان لدى اليهود، وثالث أقدس مكان لدى المسلمين.
الأمم المتحدة والولايات المتحدة وألمانيا والعديد من الدول عبرت عن قلقها من زيارة بن غفير. كما أدانت الدول العربية التي تقيم علاقات مع إسرائيل (مصر والأردن والإمارات والبحرين والمغرب والسودان) بالإضافة إلى السعودية، تلك الزيارة.
رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، أكد في بيان عقب الزيارة أن "الوضع القائم" في الموقع المقدس الذي يقع تحت وصاية الأردن، لن يتغير.
وتشير عبارة "الوضع القائم" إلى الاحترام المتبادل بين أتباع الديانات والقواعد المتعلقة بزيارة الموقع، علي سبيل المثال يسمح لليهود بالزيارة فقط بدون الصلاة فيه، في حين يسمح للمسلمين بالدخول إلى الموقع والصلاة فيه مع بعض القيود.
في الماضي كان الموقع ساحة لمواجهات متكررة بين قوات الأمن الإسرائيلية والمسلمين المتجهين لصلاة الجمعة في الأقصى، وآخرها كان في أبريل/ نيسان الماضي.
الأولوية للعلاقات الخارجية
جاءت زيارة بن غفير في الوقت الذي يسعى فيه نتانياهو لتطوير العلاقات مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والقادة الآخرين في المنطقة. "وأي تحرك للضم الرسمي أو تقويض الوضع الراهن في الحرم الشريف/ جبل الهيكل، قد يشكل تحديا لقدرة إسرائيل في الحفاظ على اتفاقات أبراهام وضم أعضاء جدد إليها مثل السعودية"، يقول هيوغ لوفات، الباحث السياسي في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، ويضيف لـ DW أن نتانياهو يفضل إبعاد النظر عن الأماكن المقدسة، والتركيز على "تهميش الفلسطينيين على الساحتين الإقليمية والدولية، وتعزيز جبهة عربية مؤيدة لإسرائيل ضد إيران".
ويؤيد وجهة النظر هذه أيضا بيتر لينتل، الباحث في معهد دراسات الشؤون الأمنية والدولية في برلين (SWP)، ويقول في حواره مع DW: "نتانياهو سيفضل إبعاد النظر عن ائتلافه مع الأحزاب اليمينية واليمينية المتطرفة، من خلال دعوته المجتمع الدولي للمساعدة في صفقة سلام أخرى بدل التركيز على الوضع في إسرائيل والأراضي الفلسطينية".
ويضيف لينتل أن "الحكومة الإسرائيلية الجديدة لديها اهتمام مركزي بتوسيع اتفاقيات التطبيع وخاصة مع العربية السعودية". والتطبيع مع السعودية سيمثل خطوة مهمة في مواجهة إيران، التي هي خصم (منافس) لإسرائيل والسعودية معاً.
السير على حبل منصوب
الإدانة السعودية لزيارة بن غفير قد تعرقل تعزيز العلاقات الثنائية، ولكن لن تؤدي بالضرورة إلى تجميدها تماما. إذ "تنظر السعودية بإيجابية إلى عودة نتانياهو، وخاصة فيما يتعلق باحتواء إيران"، يقول سيباستيان زونس الباحث في مركز الأبحاث التطبيقية بالشراكة مع الشرق (CARPO) في بون. ويضيف في حواره مع DW أن السعوديين "من ناحية أخرى يخشون في نفس الوقت من زيادة التصعيد مع إيران، كما يشعرون بالقلق من تقويض القضية الفلسطينية أكثر".
خاصة وأن الملك سلمان بن عبد العزيز قد أعلن مرارا وتكرارا أن السعودية ستواصل دعم القضية الفلسطينية، أي حل الدولتين. لكن حل الدولتين لا يلوح في الأفق القريب، وبالتالي فإن تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل سيستغرق وقتا طويلا أيضا.
"[السعودية] ملتزمة بالقضية الفلسطينية، وبالتالي فإن إضعاف الفلسطينيين أكثر يمثل مشكلة لها لأسباب دعائية واعتبارات سياسية حقيقية" يقول زونس ويضيف لـ DW: "أعتقد أن التطبيع مع إسرائيل لن يحدث قبل موت الملك سلمان، بغض النظر عمن يحكم إسرائيل. والتطبيع لن يتم بشكل تلقائي في عهد محمد بن سلمان أيضا".
وزير الخارجية الإسرائيلي الجديد، إيلي كوهين، الذي يهدف إلى توسيع الاتفاقيات، أكّد، من جانبه، على المزايا الاقتصادية للعلاقات الثنائية مع الجيران العرب. وقال في بيان: "إن علاقات إسرائيل مع الشركاء الجدد حققت تبادلا تجاريا بقيمة 2,85 مليار دولار عام 2022 ومساهمة كبيرة في الأمن والاستقرار في المنطقة". كما أعلن كوهين أنه يخطط لتوسيع العلاقات مع الدول العربية في قمة يقودها المغرب في آذار/ مارس المقبل.
وأكد ذلك نتانياهو أيضا، حيث صرح للصحافيين قائلا "نحن مصممون على تعميق العلاقات مع ست دول عربية وإضافة اتفاقيات تاريخية مع المزيد من الدول العربية".
جنيفر هولايس/ عارف جابو