سماء المغرب لا تسع نجومه، والهجرة صارت سبيلا للشهرة
١٤ مارس ٢٠١٢بعد أقل من أسبوع يتقرر من سينال لقب "عرب آيدول" أو "محبوب العرب"، برنامج اكتشاف المواهب الغنائية الذي تبثه قناة mbc السعودية من دبي، ويتطلع المغاربة إلى أن يكون هذا اللقب في نسخته الأولى مغربيا من نصيب "دنيا بطمة" التي تأهلت للنهائي بعدما اجتازت كل مراحل البرنامج بنجاح، وإجماع عدد من المتتبعين على موهبتها الفريدة وأدائها المميز لمختلف أنواع الموسيقى.
وتنتمي دنيا إلى عائلة فنية معروفة في المغرب حيث أن عمها الراحل"العربي بطمة" هو أحد أبرز وجوه فرقة ناس الغيوان الموسيقية المغربية الشهيرة، وسبق أن شاركت دنيا في برنامج مغربي لاكتشاف المواهب، ورغم تميز صوتها إلا أنها لم تتمكن من نيل اللقب. قصة بطمة فتحت النقاش من جديد حول أسباب هجرة المواهب المغربية إلى الخارج.
مواهب فنية "مهاجرة"
مشاركة بطمة في "استوديو دوزيم" الذي تبثه القناة الثانية المغربية انتهت بمشاكل بين النجمة الصاعدة و إدارة البرنامج، إلا أن دنيا حاولت تحقيق شهرة في بلدها من خلال أغنية خاصة بها، بيد أن الأخيرة لم يكن لها الصدى الكبير، بعدها ستشد الشابة التي لم تتجاوز ربيعها العشرين الرحال إلى لبنان بعدما تم انتقاءها من بين عشرات المشاركين في كاستينغ "عرب آيدول" ليبدأ مسار التألق.
وحول ظاهرة هجرة المواهب المغربية إلى برامج أجنبية يقول نعمان لحلو فنان مغربي وأستاذ موسيقى لـ DW إنه من حيث المبدأ ضد "هجرة الأصوات المغربية"، لكن يحق للجميع أن يجرب حظه والفرص التي تتاح له أينما كانت. أما عن أسباب هذه "الهجرة" فيعتبر الخبير الفني أن صناعة الفن في المغرب صناعة "محتشمة جدا"، ولا يمكن مقارنتها بنظيرتها في مصر ولبنان كما أن هناك تقصيرا إعلاميا تجاه هاته المواهب مشيرا إلى ضرورة تغيير المنظومة الإعلامية المغربية. ويضيف في سياق المقارنة بين البرامج المغربية والمشرقية أن قناة MBC مثلا لها نسبة متابعة كبيرة في العالم وإمكانيات الإنتاج لديها هي عشر مرات ضعف إمكانيات القناة الثانية مثلا التي تبث "استوديو دوزيم".
قصة دنيا هي قصة من بين أخرى لمواهب لها نفس التجربة، مواهب تبزغ في المغرب وتضطر للهجرة إلى برامج أجنبية لتنطلق، والمفارقة أن الجمهور المغربي نفسه يتعرف عليها ويدعمها في البرامج الأجنبية أكثر من المحلية. و من أبرز الأسماء، هاجر عدنان التي نالت لقب "ستارأكاديمي المغرب الكبير" الذي تبثه قناة النسمة التونسية بعدما "لم ينصفها" برنامج "استوديو دوزيم"، وفيه أيضا شاركت ضياء الطيبي التي لم يتعرف عليها الجمهور المغربي فعليا سوى خلال مشاركتها في استارأكاديمي لبنان ثم أسماء الأزرق التي تألقت في برنامج "نجم الخليج" بعدما مشاركة متواضعة في نفس البرنامج المغربي.
وتقول أسماء، طالبة صحافية إنها تابعت دنيا خلال مشاركتها في "استديو دوزيم" و"عرب آيدول" و"شتان ما بين المشاركتين، فالأخير فتح لها المجال للشهرة على نطاق واسع بشكل لم تظهر به في البرنامج المغربي"، وتضيف أن هناك أسماء عديدة سارت على نفس المنوال و نجحت في ذلك، "فأحيانا يكون خوض غمار التباري على المستوى العربي والدولي أفضل لأن ذلك يخلق روح التباري و التنافس، ويستفيد المشارك أكثر كما يحاول أن يبصم اسمه و اسم بلده ".
ضعف الإنتاج والإعلام
أما زياد، طالب جامعي فيعتقد أن السبب في عدم شهرة المواهب المغربية هو ضعف سوق الإنتاج، بالإضافة إلى أن البرامج المغربية تركز على الأغاني المغربية التي لا يفهمها ولا يعرفها كثيرون.
وتتعدد الأسماء والتجارب لكن الهدف واحد، الشهرة. ويقول الحلو إن من يتشبث بهويته فقط هو من يصر على الانطلاق من المغرب، ويضيف قائلا" يبقى السؤال هل يبحث الفنان الذي يطمح للنجومية على الفن أو إلى الإعلام والشهرة" بمعنى أن البرامج المغربية لا تتيح نفس الشهرة، لكنها تمكن الفنان من التشبت بهويته.
وبرنامج "استوديو دوزيم" هو أول برنامج مغربي من نوعه لاكتشاف المواهب انطلق منذ سنوات ويستقبل سنويا مواهب في الموسيقى العربية والغربية يتعرف عليها الجمهور المغربي وهو من يختار الفائز باللقب. ويقول لحلو إن هذا البرنامج ورغم إمكانياته المتواضعة لكنه يطلق هذه المواهب ويتيح لها فرصة الظهور، "والباقي عليهم إذ أن الفنان يجب أن يكون قادرا على ترويج موهبته بنفسه بعد البرنامج و إن لم ينجح فتلك مشكلته".
ويعتقد مراقبون أن السبب في عدم تجاوز شهرة "استوديو دوزيم" لحدود المغرب هو اقتصاره على المواهب المغربية والغناء المغربي والغربي فقط، لكن لحلو يقول إن البرنامج في نسخته الجديدة يسعى لأن يكون "مغاربيا" ويجري مباريات كاستينغ في دول المغرب الكبير بالإضافة و فرنسا و"هي الخطوة التي من شأنها أن تعزز شهرة البرنامج خارج المغرب".
تجاوب الجمهور عبر فيسبوك واليوتوب
ويعتقد لحلو أن "المدرسة المغربية تختلف عن المدرسة المشرقية" معتبرا أن المشارقة "ظهوريون" يهتمون بالإعلام والظهور أكثر من المغاربة، وهذا مما يفسر نجاح برامجهم إعلاميا، واستفادة المواهب المغربية من هذا النجاح لتحقيق الشهرة على أكبر مستوى، بيد أن إعلاميين مغاربة يعتبرون أن الفنانين المغاربة لا يهتمون بما يكفي بالإعلام بل يتهربون منه أحيانا.
واعتبر لحلو أن هناك خللا في التواصل بين المشرق والمغرب، وأضاف يقول "هم يعتبرون أننا لا نقوم بإيصال ما لدينا لهم و أنا أقول إنهم يضعون أنفسهم في قوقعة ولا يهتمون بما حولهم"، مشيرا إلى نقطة أخرى تفسر اهتمام الجمهور المغربي بالبرامج الأجنبية أكثر وهي أن المغاربة يهملون بعضهم ويهتمون بكل ما هو أجنبي وهو ما يصفه الخبير الفني بـ"عقدة الدونية".
وعلى الفيسبوك اطلقت صحفات تدعم دنيا بطمة خلال مشاركتها في "عرب آيدول" وصل عدد المشتركين في إحداها إلى حوالي 100.000 مشجع ينظمون حملة للتصويت بكثافة لها ويجمعون صورها والأغاني التي أدتها، ويناقشون مواقف أعضاء لجنة التحكيم بخصوصها. أما على اليوتوب فقد تابع ملايين المشاهدين العرب مقاطع من حلقات البرنامج أدت فيها دنيا أغاني كلاسيكية طربية وأخرى شبابية.
سهام أشطو- الرباط
مراجعة: منصف السليمي