سنة دولية للبطاطس كأهم محصول لمكافحة الجوع
١٩ أكتوبر ٢٠٠٧أعلنت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة يوم أمس الخميس 18 تشرين الأول/ أكتوبر الانطلاق الرسمي لـ"السنة الدولية للبطاطا 2008"، الذي حددته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2005. واختيار البطاطا (البطاطس) دون غيرها من محاصيل الأرض الأخرى للدفاع عن الجائعين لم يأت من فراغ، فهي تشكل القاعدة الغذائية الأساسية للكثير من شعوب العالم. كما أن البطاطا (البطاطس) تساهم مساهمة كبيرة في خلق نوع من الأمن الغذائي، مقللة بذلك من خطر نشوب المجاعات في الكثير من الدول النامية، ناهيك عن احتوائها على مواد ضرورية كفيتامين سي والبوتاسيوم بالإضافة إلى قدرتها على مواجهة نقص التغذية. وخلال هذه السنة الدولية، سيتم دعم الأبحاث المتعلقة بتطوير نظم زراعة البطاطا (البطاطس) وبإيجاد الحلول لمشكلة تناقص إنتاجها، إضافة إلى المشاكل البيئية المؤثرة في ذلك. من جانب آخر سيتم كذلك تسليط الضوء على مشكلة اختفاء بعض أصنافها من سلة الغذاء العالمية.
الجدير بالذكر أن فعاليات السنة الدولية للبطاطا كانت قد بدأت فعلاً بسلسلة من الفعاليات والاجتماعات الدولية، كان أولها اجتماعا لرابطة البطاطا (البطاطس) الأمريكية في منتصف آب/أغسطس الماضي، واجتماعا آخر في بلجيكا تحت عنوان "بطاطا أوروبا 2007" عقد في مطلع الشهر الماضي. ومن المقرر أن تعقد المزيد من اللقاءات والندوات الدولية خلال الفترة القادمة.
المركز الدولي لبحوث البطاطا في بيرو
يوجد هناك العديد من البحوث، التي ساهمت في اكتشاف أصناف جديدة من هذا المحصول، الذي ما زال يجد طريقه إلى موائد الفقراء والأغنياء على حد السواء، حتى أن عدد هذه الأصناف تجاوز اليوم 5000 صنفاً، غير أن أكثر هذه الأصناف انتشاراً لا يتجاوز الألف صنف. ويعد المركز الدولي لأبحاث البطاطا (البطاطس) في العاصمة البيروفية ليما، الذي يحظى بدعم وزارة التنمية والتعاون العلمي الألمانية، من المراكز الرائدة في مجال تهجين أنواع جديدة من البطاطا العادية والحلوة. ويضع المسؤولون في هذا المركز نصب أعينهم التقليل من حدة المجاعات وتوفير نوع من الأمن الغذائي في البلدان النامية من خلال تحسين الاستفادة من الموارد الطبيعية في منطقة جبال الانديز.
البطاطا لمواجهة نقص المياه
ولا ترغب المؤسسة الأممية في دعم الأبحاث المتعلقة بزراعة البطاطا (البطاطس) فحسب، بل في دعم تلك المتعلقة بالزراعة عموماً، وفي البلدان النامية بشكل خاص. عن هذا يقول الخبير الزراعي السويسري توماس غاس: " لا محيص عن القيام بأبحاث للتغلب على الأمراض المدمرة التي تصيب هذا المحصول". ويذكر غاس بالمجاعة الكبرى التي ألمت بأيرلندا في منتصف القرن التاسع عشر وأدت إلى موت وهجرة مئات الآلاف من الأشخاص، عندما أدى فطر قاتل، نقل من المكسيك، إلى تدمير محصول البطاطا (البطاطس) بأكمله، وهي كانت تعتبر الغذاء الرئيسي للأيرلنديين.
ولا تقتصر أهمية البطاطا (البطاطس) بين شعوب الأرض على أهميتها الغذائية فحسب، بل تتجاوز ذلك من خلال تفاقم مشكلة نضوب مصادر المياه الحلوة في العديد من مناطق العالم، فيبدو أن البطاطا (البطاطس) تساهم ولو بصورة جزئية في حل هذه المشكلة من خلال مقاومتها للجفاف. وقد دفع هذا الأمر بالخبراء الصينيين إلى التخطيط لزراعة البطاطا (البطاطس) بدلاً عن الأرز والقمح كطريقة لمكافحة الجفاف الذي تواجهه الصين سنوياً. فالبطاطا (البطاطس) ، كما أثبت الباحثون الصينيون، أكثر مقاومة للجفاف من الأرز والقمح، الأمر الذي يتناسب مع تفشي ظاهرة الجفاف في الأراضي المزروعة في الصين والتي بلغت قرابة 60 بالمائة من مجمل مساحة هذه الأراضي.
البطاطا صديقة المائدة الألمانية
للبطاطا (البطاطس) مكانة متميزة بين وجبات المطبخ الأوروبي بشكل عام و الألماني بشكل خاص، فهي تدخل في إعداد الكثير من هذه الوجبات، حتى أن سكان بافاريا اصطلحوا على تسميتها بتفاح الأرض. الجدير بالذكر أن أول الشعوب التي عرفت البطاطا (البطاطس)، كانت شعوب أمريكا الجنوبية ومن بينهم شعب الانكا، الذي كان يزرعها في مناطق جبال الأنديز ويعتبرها من الثمار المقدسة لدرجة أنه منحها إلها وطقوس خاصة بها. ولم تنتشر البطاطا (البطاطس) في ربوع القارة الأوروبية إلا بعد استعمار أوروبا للقارة الأمريكية. وكانت نبتتها البنفسجية الباسقة تعتبر في البدء نوع من نباتات الزينة النادرة، لكنها سرعان ما انتشرت في أماكن أخرى من القارة في منتصف القرن السادس عشر لتستخدم في البدء كعلف للخنازير. ولم تشق البطاطا (البطاطس) طريقها إلى المائدة الأوروبية إلا مع تفاقم المجاعات التي رافقت حرب الثلاثين عام (1618-1648).