سوريا - من ضامن للاستقرار إلى عامل لانعدام الأمن
١٠ يونيو ٢٠١١لن يتسبب المفاعل النووي بتصميم كوري شمالي في أي ضرر ما، فالمنشأة النووية التي تقول تقديرات الوكالة الدولية للطاقة الذرية إنها تصلح أيضا لإنتاج البلوتونيوم الذي يمكن استخدامه في صناعة الأسلحة النووية، لم تعد موجودة بعد أن قامت المقاتلات الإسرائيلية بتدمير موقع دير الزور في عام 2007. ومع ذلك، فإن الشكوك حول طبيعة نظام بشار الأسد تتأكد. إذ إنه لا يقتصر على قمع الحركة الديمقراطية في البلاد بوحشية كما نعلم، ولكنه يلجأ، من أجل تثبيت حكمه على ما يبدو، إلى الورقة النووية والتعاون مع كوريا الشمالية وهي دولة أخرى منبوذة على الصعيد الدولي.
لقد انتهكت سوريا التزاماتها الدولية وعليها أن تتحمل مسؤولية ذلك أمام مجلس الأمن الدولي. وقد حال الفيتو الروسي والصيني حتى الآن دون إدانتها. لكن على روسيا والصين عدم الانسياق وراء وهم، إذ أن سوريا لم تعد ضامنا لاستقرار منطقة الشرق الأوسط، بل إنها أصبحت عاملا خطيرا لانعدام الأمن. لقد أظهرت ذلك الأحداث التي شهدتها المنطقة الحدودية في هضبة الجولان وكذلك كيف تسبب القتل الجماعي في تدفق اللاجئين من شمال غرب البلاد إلى تركيا. لقد حولت الحملة العسكرية والإجراءات القمعية التي قام بها الجهاز الأمني السوري بلدة جسر الشغور، الواقعة شمال غرب البلاد، إلى بلدة مهجورة. سوريا على شفى الانزلاق في حرب أهلية يمكن أن تؤدي إلى نزوح جماعي يصعب التنبؤ بعواقبه، ليس فقط على الجارة تركيا وإنما على المنطقة بأسرها.
لقد كان رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان من بين السياسيين القلائل، الذين كان بشار الأسد يصغي إلى آرائهم. تنازلات نظام الأسد الوحيدة منذ اندلاع الحركة الديمقراطية، هو العفو عن جماعة الإخوان المسلمين المحظورة ومنح المواطنة للأكراد الذين لا يحملون الجنسية، في خطوة لضمان رضا الحكومة التركية. لكن وبعد التقارير المروعة عن حملات التطهير التي يقوم بها الجيش السوري في المنطقة الحدودية مع تركيا، بدأ يزيد الشعور في تركيا بالذعر إزاء سياسة الأسد غير الإنسانية.
كما تفيد تقارير للمعارضين للنظام السوري أن حتى الأطفال أضحوا معرضين للخطر، لاسيما أن العشرات منهم لقوا حتفهم منذ اندلاع الاضطرابات، فقد قتل بعضهم بطلقات الرصاص وهم في منزلهم، فيما قتل آخرون في انفجار قنابل يدوية في حافلات النقل المدرسي كما اختفى البعض الآخر في غرف التعذيب التابعة للنظام.
لقد فرضت الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي في أيار/مايو الماضي عقوبات على الرئيس السوري من بينها قيود على السفر، يمكن أن تتبعها عقوبات أخرى. وينبغي أن تشارك تركيا وروسيا والصين في الضغط الذي يمارسه المجتمع الدولي على سوريا. إن التحجج بالقول بأن الأسد يضمن الاستقرار داخليا والسلام خارجيا، بات مستهلكا، فحتى تعاونه المؤقت في الحرب الدولية على الإرهاب كان نابعا من حسابات متعلقة بالسلطة. ومن لا يزال يحمي الزعيم المستبد، فإنه قد أخطأ تقدير الوضع.
دانيل شيشكيفيتز
مراجعة: شمس العياري