سيناريو "هوليودي" مثير.. كيف جرت زيارة بايدن إلى كييف؟
٢١ فبراير ٢٠٢٣كان الرئيس الأمريكي جو بايدن يقضي عطلة نهاية أسبوع هادئة في البيت الأبيض، حيث انضم إلى زوجته جيل بايدن لتناول العشاء في مطعم خلال جولة نادرة في واشنطن يوم السبت.
وعادة ما تنطوي رحلة رئيس أمريكي إلى الخارج على إجراءات أمنية مشددة لدرجة أن مدناً بأكملها تتوقف عندما يصل إليها الرئيس رفيع المستوى.
زيارة مفاجئة.. لمن؟
كانت زيارة الرئيس جو بايدن المفاجئة إلى كييف يوم الاثنين مختلفة لأسباب عديدة. وكانت الرحلة هي الأولى التي يقوم بها رئيس أمريكي إلى منطقة حرب دون وجود الجيش الأمريكي على الأرض، مما جعل الأمر أكثر صعوبة من منظور أمني، وفقاً للبيت الأبيض.
لكن وراء الكواليس، كان المسؤولون في البيت الأبيض ووكالات أخرى يخططون بشكل مكثف لبايدن للقيام برحلة "غير معلنة" إلى كييف لإظهار التضامن مع أوكرانيا قبل أيام من الذكرى السنوية الأولى للغزو الروسي.
وبعد تخطيط على مدى أشهر، قرر بايدن يوم الجمعة المضي قدماً في الرحلة، وفقاً للبيت الأبيض.
وظلت الرحلة التي سبقت زيارة مقررة لبولندا في وقت لاحق اليوم (الاثنين 21 فبراير/ شباط 2023)، سرية لأسباب أمنية. ونفى البيت الأبيض مرارا شائعات بأن بايدن سيستغل الفرصة لزيارة أوكرانيا المجاورة. ومع ذلك، تم إبلاغ روسيا قبل وقت قصير من الرحلة، وفقا لمستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان.
وعادة ما يرافق الرئيس الأمريكي حاشية كبيرة، بما في ذلك حشد من الصحفيين وأفراد الأمن. ويسافر بايدن عادة في سيارة ليموزين مدرعة خاصة به ، يطلق عليها اسم الوحش. ولكن في رحلته من واشنطن إلى كييف ، عبر ألمانيا وبولندا، سافر صحفيان فقط مع الرئيس الأمريكي، ووفقا لهما، كانت زيارة رئاسية خارجة عن المألوف.
فيلم هوليودي
وقال مسؤولون بالبيت الأبيض إن بايدن نُقل إلى قاعدة أندروز المشتركة خارج واشنطن وغادر الساعة (0915 بتوقيت جرينتش) يوم الأحد على متن طائرة تابعة لسلاح الجو برفقة عدد من مساعديه. ورافقه وفد إعلامي محدود للغاية لم يضم سوى مراسل ومصور بدلا من الوفد الكبير المعتاد.
وطار بايدن ليلاً إلى قاعدة رامشتاين الجوية الأمريكية في ألمانيا، حيث زُوًدت الطائرة بالوقود، قبل أن يتوجه إلى رزيسزو في جنوب شرق بولندا قرب الحدود الأوكرانية.
في هذا المكان كانت قافلة من سيارات الدفع الرباعي والشاحنات الصغيرة وغيرها من المركبات تنتظر لنقل بايدن إلى محطة السكك الحديدية في برزيميسل، وهي بلدة صغيرة تبعد حوالي 90 كيلومتراً. وبعد ساعة واحدة بالسيارة، وصل إلى برزيميسل، وهي مدينة تقع على الحدود بين بولندا وأوكرانيا.
قطار "الظلام"
اقتربت السيارة التي كان على متنها الرئيس الأمريكي من القطار المنتظر قدر الإمكان للسماح لبايدن بالصعود في أسرع وقت ممكن، وربما دون إعطاء أي شخص فرصة للتعرف عليه.
بعدها استقل بايدن القطار ليل الأحد إلى كييف في رحلة استمرت عشر ساعات. سار القطار في الظلام وعلى متنه وجود أمني مكثف. ووفقاً للصحفيين اللذين كانا يسافران معه، كان القطار مكوناً من حوالي ثماني عربات، شغل أفراد الأمن العديد منها.
وعبر القطار الحدود الأوكرانية في حوالي الساعة 10 مساء ووصل إلى كييف في الساعة 8 صباحا في اليوم التالي، بعد رحلة بالقطار استغرقت 10 ساعات عبر أوكرانيا التي مزقتها الحرب.
توقف القطار في محطة كييف-باسازهيرسكي في العاصمة الأوكرانية في نحو الساعة (0600 بتوقيت جرينتش) أمس الاثنين. ثم أُخليت المنطقة المحيطة بالرصيف، حيث كانت تنتظر بايدن السفيرة الأمريكية في أوكرانيا بريدجيت برينك.
ومن محطة السكك الحديدية، كانت هناك رحلة أخرى في قافلة من المركبات المدرعة إلى القصر الرئاسي، حيث التقى بايدن بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
وقال بايدن بعد نزوله من القطار "من الجيد أن أعود إلى كييف". وكانت الزيارة التي لا تنسى قصيرة أيضاً، حيث عاد بايدن ومن كانوا برفته في القطار إلى بولندا بعد حوالي خمس ساعات.
روسيا كانت تعلم
وقال مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان، الذي رافق الرئيس، إن المسؤولين الأمريكيين أبلغوا نظراءهم الروس بأن بايدن سيتوجه إلى كييف. وأضاف للصحفيين في مؤتمر عبر الهاتف: "لقد فعلنا ذلك قبل بضع ساعات من مغادرته لأغراض عدم التضارب".
وقال سوليفان إن الرحلة "تطلبت جهداً أمنياً وعملياً ولوجستياً من المتخصصين في مختلف إدارات الحكومة الأمريكية للقيام بمهمة محفوفة بالمخاطر بطبيعتها".
ويعيش سكان كييف تحت التهديد المستمر لهجمات الصواريخ والطائرات المسيرة الروسية.
وعقب زيارته، عاد بايدن إلى القطار في رحلة إلى برزيميسل. وبعد وصوله إلى هناك، شق طريقه إلى وارسو التي وصلها ليل الاثنين.
ولم يتم الإعلان عن تفاصيل رحلة بايدن غير المسبوقة إلا بعد أن كان الرئيس الأمريكي في طريقه بالفعل من رزيشوف إلى وارسو مساء الاثنين، حيث من المتوقع أن يجري محادثات مع الرئيس البولندي أندريه دودا ويلقي خطاباً في القلعة الملكية في وارسو قبل الذكرى السنوية الأولى لغزو موسكو الكامل، من بين أمور أخرى.
ع.ح./ح.ز. (رويترز، د ب أ)