صادرات ألمانية مثيرة للجدل – لمعجون الأسنان أم للأسلحة الكيماوية؟
٢١ سبتمبر ٢٠١٣توجد الكثير من الأشياء التي يمكن استخدامها لأغراض الشر أو الخير على حد سواء، فبمؤشر ليزر على سبيل المثال يمكن توضيح بعض الأمور في محاضرة علمية. لكن يمكن استخدامه أيضاً إلى عيني طيار لإعماء عينيه، ما يشكل تهديداً لحركة النقل الجوي كثيراً. إذا، فالمسألة متوقفة على الاستخدام الصحيح.
ما يوضحه مثال مؤشر الليزر على نطاق محدود، هو ما يُسمى أيضاً على الصعيد الدولي بالمواد ثنائية الاستخدام. المواد التي تصدر باعتبارها مخصصة لاستخدامات سلمية فقط، يمكن أن تُوظف في شن الحروب أو الممارسات القمعية. وتصدير مثل هذه المواد غير محظور عموماً، لكن في البدء يجب الموافقة على تصدير هذه المواد من قبل الحكومة الألمانية وفق الضوابط الأوروبية للبضائع ثنائية الاستخدام.
مواد حربية أم معجون أسنان؟
بعد استفسار من حزب اليسار في البرلمان الألماني "بوندستاغ" أكدت الحكومة الألمانية أنه تم تصدير مثل هذه البضائع ثنائية الاستخدام إلى سوريا بين عامي 2002 و2003 وبين عامي 2005 و2006. وهذه المواد كانت تزن 93.040 كلغم من مادة فلوريد الهيدروجين و6400 كلغم من مادة فلوريد الصوديوم و12 طناً من ثنائي فلوريد هيدروجين الأمونيوم. وجميع هذه العناصر الثلاثة يمكن أن تستخدم في إنتاج غاز الأعصاب السارين.
لكن توجد لها العديد من الاستخدامات للأغراض المدنية أيضاً في الصناعات الكيماوية، كإنتاج معجون الأسنان على سبيل المثال في الصناعات النفطية. ويرى الخبراء أن المسؤولية السياسية عن ذلك تتحملها حكومة المستشار الألماني السابق غيرهارد شرودر، وفيما بعد الائتلاف الموسع بين الحزب الاشتراكي الديمقراطي والحزب المسيحي الديمقراطي بزعامة أنغيلا ميركل. في أول رد فعل لها على ذلك قالت ميركل إنه "وفق كل المعلومات المتاحة لدي"، فإن هذه المواد الكيماوية تستخدم للأغراض السلمية. ويجب أن نتحقق من كل شيء عدا ذلك.
ربما للاستخدام السلمي
يؤكد خبير الأسلحة الكيماوية رالف تراب في حوار مع DW أن المواد المعنية يمكن أن تستخدم في إنتاج السارين. لكن إنتاج مواد كيماوية حربية يحتاج إلى الكثير من المواد الإضافية الأخرى. والحصول على هذه المواد الخام في السوق العالمية سهل تقريباً، كما يؤكد الخبير الألماني. ويشير تراب إلى أنه من الناحية النظرية يمكن لسوريا أيضاً إنتاج هذه المواد بمفردها على الرغم من أنها تفتقر إلى صناعية كيماوية متقدمة.
لكن خبير DW في الشؤون السورية إبراهيم محمد يرى أن الاستخدام السلمي للمواد الكيماوية المصدرة من ألمانيا إلى سوريا معقولاً. ويضيف محمد بالقول: "إذا كانت هذه المواد الكيماوية قد بيعت لمشاريع صناعية خاصة في سوريا، فإنا أميل إلى أن أنها استخدمت لأغراض سلمية". وبحسب الخبير في الشؤون السورية فإنه يوجد في سوريا مثل هذه الصناعات النفطية التي يمكن أن تُستخدم فيها هذه المواد، إضافة إلى الصناعات الدوائية وصناعة الحديد والصلب. وهذا ما يراه أيضاً يرى الصحافي الألماني المختص في شؤون البيئة فيرنر إيكرت.
ويضيف إيكرت بالقول: "ليس من المحتمل جداً أن يشتري المرء مثل هذه المواد المتعددة الاستخدامات من منطقة دائمة التشكك مثل أوروبا، من أجل أن يصنع منها غازات سامة". ويشير الصحافي الألماني إلى أنه من السهل على الحكومة السورية شراء مثل هذه المواد من الصين من أجل إنتاج أسلحة كيماوية، "فالصين لا تسأل عن الغاية من استخدامها، إذ لا توجد إجراءات معقدة للموافقة على بيعها".
الجدل حول السيطرة على الصادرات
أما من جانب السياسة الألمانية فيوجد للوهلة الأولى تقييم يثير التناقض بعض الشيء لهذا الأمر. فسياسيو حزب الخضر يطالبون بآليات سيطرة والتزامات أشد صرامة لتصدير المواد ثنائية الاستخدام، هذا على الرغم من الحزب اشترك في الحكومات الألمانية بين عامي 1998 و2005. المتحدث في شؤون السياسة الاقتصادية للحزب توبياس ليندنر يتساءل في حوار مع DW بالقول: "لماذا تم تصدير مثل هذه المواد إلى بلد لم يوقع على معاهدة الأمم المتحدة لحظر الأسلحة الكيماوية"، لكنه يشدد في الوقت نفسه على أنه وفق الضوابط التي كانت سارية آنذاك تمت الصفقات بشكل دقيق. ويشير إلى أنه كان من الضروري ربما تشديد هذه الضوابط آنذاك.
أما مارتين ليندنر من الحزب الديمقراطي الحر المشارك في الائتلاف الحاكم في ألمانيا حالياً، فعلى العكس من ذلك يدافع على الضوابط السارية بشان التصدير، وذلك على الرغم من أن حزبه كان في تلك الفترة في صفوف المعارضة. ويقول ليندنر: "لا يوجد بلد في الاتحاد الأوروبي يحرص على هذا الموضوع مثل ألمانيا. وباعتباري سياسياً مختصاً بالقطاع الاقتصادي يجب أن أنبه إلى أن ألمانيا كبلد مصدر يجب أن تدافع عن مصالحها". ويتهم ليندنر حزبي الخضر والاشتراكي الديمقراطي بالازدواجية.
لكن المواد المعنية المصدرة إلى سوريا لم تكن مهمة كثيراً من الناحية الاقتصادية، إذ بلغ سعرها الإجمالي قرابة 174 ألف يورو. وللمقارنة فإن الاقتصاد الألماني صدر في العام الماضي بضائع بقيمة 1.1 تريليون يورو.