صحف أوروبية: "أمريكا ستذهب وإيران باقية"
٢٠ أغسطس ٢٠١٠صحيفة "فرانكفورته ألجماينة تسايتونغ" الألمانية علقت على ذلك بالقول:
"لا يمكن للولايات المتحدة أن تتملص من مسؤوليتها إزاء العراق، وستبقى على الأقل بالمعنى المجازي، مسؤولة عن البلاد التي تكبدت حوالي بليون دولار من أجل النظام الجديد الذي فرضته فيها بالقوة العسكرية. ولا يمكن ترك هذه النفقات تذهب سدى. بالنسبة إلى الرئيس أوباما الذي يعتمد اليوم في أفغانستان على ذلك الجنرال الذي أحدث قبل ثلاث سنوات الانعطاف في العراق، وأنقذه من الحرب الأهلية الشاملة، ستحل ساعة الحقيقة في عام 2011 عندما تظهر حاجة لبقاء جنود أمريكان وقتا أطول في البلاد وفي حال تقديم القيادة العراقية طلبا ترجو فيه تمديد أجل المهمة العسكرية".
أما صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية فتظهر شكها في جدوى هذه العملية حتى بعد الإنهاء الرسمي لحرب العراق:
"أمريكا كسبت الحرب في العراق، لكن هل يمكن القول فعلا إن الحرب كُسبت إذا كانت قد أزهقت 4000 من جنود التحالف أمريكي، وما لا يقل عن 100.000 شخص من العراقيين، كان يفترض أن يتم تحريرهم؟ وإذا كان قد تم إنفاق 2.300 مليار يورو، من المؤكد أنه كان يمكن استخدامها لأغراض أفضل؟ وإذا كان حلم المحافظين الجدد في إقامة منطقة منفتحة على الديمقراطية وعلى حل وسط للصراع الفلسطيني الإسرائيلي قد فشل على أرض الواقع السياسي والثقافي للشرق الأوسط؟"
صحيفة "له فيغارو" الفرنسية المحافظة تجري موازنة أكثر تشاؤما وتقول:
"إن انسحاب آخر القوات الأمريكية المقاتلة من العراق لا يبين نهاية مهمتها في العراق بقدرما يبين نهاية عهد بوش. لكن الموت يتربص في كل زاوية من طرق بغداد، كما أوضحت العملية الانتحارية يوم الثلاثاء. هذا الصراع لم يحسًن بأي صورة كانت العلاقات بين العالم العربي الإسلامي والولايات المتحدة، وهكذا يبقى تصور المحافظين الجدد في البيت الأبيض عن بناء شرق أوسط ديمقراطي كبير، على نسق النموذج العراقي تصورا مستحيل التحقيق."
صحيفة "لا ريبوبليكا" الإيطالية لا تعتقد أنه بإمكان العراق أن يتطلع نحو مستقبل مستقر وتقول:
"العراق الذي غادرته لتوها تحت أضواء عدسات التلفزيون آخر الوحدات الأمريكية المقاتلة الكبيرة باتجاه الكويت، هو بلاد جرى فيها العديد من الانتخابات، لكنها لم تتمكن من تشكيل حكومة. الانقسامات في البلاد عميقة ولا تنحصر في الكتل الإتنية الثلاث. وانطلاقا من خلفية هذه الصراعات تتحرك قوى خارجية... إذاً أمريكا تذهب الآن، وستذهب يوما ما إلى الأبد، لكن طهران تبقى، وتمارس نفوذا سيقوى بالتأكيد مع الانسحاب الأمريكي الجزئي حاليا، ولذلك لا يمكن على الدوام تبين نوعية التأثير الخارجي على بغداد، لكن الشيء الواضح، هو أن هذه التأثيرات تساهم في عرقلة تشكيل حكومة."
صحيفة "آ ب س" الإسبانية المحافظة تعبر عن الرأي التالي:
"نظم الرئيس الأمريكي باراك أوباما عملية انسحاب القوات المقاتلة الأمريكية بشكل مستتر إلى درجة بدت وكأنها عملية سرية. على الولايات المتحدة أن تستخلص من حرب العراق العبرة التالية: لا يكفي أن تنتصر قوة عظمى على عدوها عسكريا، إنما عليها أن تساعده على استعادة قوته. أوباما يترك الآن العراقيين لمصيرهم، وهو يريد أن تركز الولايات المتحدة على نفسها وأن لا تظهر سوى ميل قليل للعب دور السيادة في العالم. وسيثير هذا فرحة قوى أخرى ذات طموحات عالمية."
صحيفة "إنفورماسيون" الدانماركية تقارن بين حرب العراق وعمليات عسكرية أمريكية أخرى وتقول:
"إن انسحاب الولايات المتحدة الآن من العراق يأتي بعد سبع سنوات ومقتل 4415 من قواتها. وهذه الخسائر هي بالمقارنة مع خسائر الحروب في كوريا وفيتنام متواضعة، ففي الأولى خسرت الولايات المتحدة 53000 وفي الثانية 5800 جندي. لكن الحرب في العراق انتهت بشكل عام بتلك الأوضاع الجهنمية التي تنبأ بها الديكتاتور صدام حسين قبل إعدامه، علما بأن هذه الحرب شنت، كما ادعي، من أجل إزالة أسلحة الدمار الشامل غير الموجودة لصدام و إرساء دعائم الديمقراطية بعد ذلك في العراق وكافة العالم العربي. واليوم يأتي العراق في أول قائمة أخطر دول الأرض، اقتصاده منهار تماما، والحرب الأهلية في ثالث أكبر احتياطي نفطي في العالم باتت على الأبواب."
صحيفة "دي بريسه" النمساوية اليومية تذكر بالفضائح التي خيمت على المهمة الأمريكية في العراق خلال السنوات السبع الأخيرة وتقول:
"وزير الدفاع الأمريكي السابق دونالد رومسفيلد أراد حربا سريعة ورخيصة، لكنها تحولت إلى حرب طويلة وباهظة التكاليف، لكن يعتقد أن التكاليف السياسية التي تكبدتها الولايات المتحدة ذات وزن أكبر: فالحرب الهجومية وضعتها في دور المعتدي الذي يزدري القانون الدولي، وصور تعذيب المعتقلين في سجن أبو غريب على يد جنود أمريكيين، وفيديو إعدام ثائر جريح خلال الهجوم على الفلوجة، كل هذا قوض مصداقية الولايات المتحدة فيما يتعلق بحقوق الإنسان. وما هي المنجزات؟ مما لاشك أنها تكمن في إحلال نهاية الدكتاتور صدام حسين. لكن لماذا لم يحاول الأمريكان طرده من بغداد بدون حرب؟ إننا لن نعرف الجواب على ذلك أبدا."
إعداد: منى صالح
مراجعة: طارق أنكاي