مصر الجديدة تهضم حقوق سجناء الرأي
١١ يناير ٢٠١٤شكل موت المدون السكندري الشاب خالد سعيد أمام جيرانه بعد تعرضه للضرب من رجال شرطة بملابس مدنية بداية للثورة الشعبية التي اندلعت ضد نظام مبارك بعد سبعة شهور من مقتله. وتقول الناشطة اليسارية السكندرية أيضا ماهينور المصري إن حادثة خالد سعيد كانت نقطة تحول وتضيف: "بعدها ركزنا في عملنا بقوة أكبر على موضوعات عنف الشرطة والتعذيب والقتل الممنهج من قبل وزارة الداخلية".
واليوم وبعد ثلاث سنوات ونصف من مقتل خالد سعيد وبعد الإطاحة برئيسين للجمهورية لم يتم حتى الآن إدانة قتلة المدون الشاب. والأدهى هو أن ماهينور المصري وستة نشطاء آخرين ينتمون لحركة 6 أبريل حكم على كل منهم بالحبس لمدة عامين وغرامة 50 ألف جنيه مصري (حوالي 5 آلاف يورو). هذا الحكم صدر عن محكمة جنح الرمل، والسبب هو تظاهرهم أمام محكمة جنايات الإسكندرية ومخالفة قانون تنظيم التظاهر أثناء محاكمة المتهمين بقتل خالد سعيد.
تنامي حالات التعذيب
وتكتظ السجون في مصر بالسجناء، كما لم يحدث منذ فترة طويلة. فالآلاف من أنصار الرئيس المخلوع من قبل الجيش "محمد مرسي" ألقي القبض عليهم، ومن بينهم جميع قيادات جماعة الإخوان المسلمين تقريبا. لكن يتزايد الآن أيضا عدد الناشطين العلمانيين والمعارضين للنظام قيد الاحتجاز. وتشير الأخبار التي تخرج من زنازين السجون إلى أن التعذيب الممنهج لا يزال موجودا على جدول أعمال قوات الأمن. وتقول هند نافع بدوي المسؤولة عن تسجيل التجاوزات على الحقوق المدنية بمركز هشام مبارك للقانون في القاهرة:" قبل الثورة وبعدها مباشرة كنا نواجه في المتوسط حالة واحدة من حالات التعذيب كل يومين، واليوم أصبح هناك أربع أو خمس حالات يوميا."
ورغم أن وضع حد لعنف الشرطة كان واحدا من المطالب الرئيسية للثورة في عام 2011، فلايزال يتم حتى الآن انتظار القيام بإصلاح قوات الأمن. ومع أن الدستور الجديد الذي سيستفتي عليه الشعب في 14 و 15 يناير/ كانون الثاني 2014 يحظر صراحة جميع أشكال التعذيب، يتم في الوقت نفسه منح وزارة الداخلية درجة أكبر من الاستقلالية عن ذي قبل. ومن خلال ذلك يكون من الصعب القيام بمراقبة محايدة لعمل قوات الأمن."
"انتقام الشرطة"
أفاد كثير من السجناء أن العنف يبدأ بالفعل في مراكز وأقسام الشرطة من خلال توجيه ضربات وإهانات. ويحدث ذلك الإجراء الذي يسميه المصريون بسخرية "حفلة تعذيب" مباشرة بعد عملية إلقاء القبض على ألأشخاص. و في السجن يصل الأمر إلى التعرض لصدمات كهربائية وطرق تعذيب أخرى. وتؤكد هند البدوي أن التعذيب لا يقتصر على السجناء السياسيين فقط. فقوات الأمن تقوم بحملة ثأر ضد أتباع مرسي والمناضلين الثوريين الشباب، "ما يحدث يبدو قويا جدا كأنه رد انتقامي على ثورة 25 يناير من عام 2011.
وبين الثوار المحتجزين يوجد كثيرون من أعضاء حركة 6 أبريل أيضا. تلك الحركة التي ساهمت بشكل كبير من خلال احتجاجاتها السلمية في سقوط نظام حسني مبارك. مؤسس الحركة هو أحمد ماهر، الذي حكم عليه في ديسمبر/ كانون الأول بالسجن لمدة ثلاث سنوات. وتمكن ماهر من تهريب رسائل من سجن طره، شديد الحراسة بالقاهرة، كتبها على ورق التواليت والمناديل ووصف فيها ظروف الحجز بأنها بائسة، ومن بين ما كتب ماهر: القراءة والكتابة ممنوعان. ويقوم المسؤولون بتعذيب أي شخص يضبطوا معه قلما أو ورقة.
سجناء مضربون عن الطعام
ووفقا لما ذكره محامون فإن نشطاء بارزين مثل أحمد ماهر وغيره يحتجزون مثل الإرهابيين في حبس انفرادي. ولا يسمح لأسرهم بزيارتهم. كما أنهم في غالب الأحوال لا تتوفر لهم استشارة قانونية أو رعاية طبية معقولة. وغالبا ما يتم احتجاز السجناء الأقل شهرة في مجموعات تصل إلى 60 شخصا في زنازين صغيرة، و ينامون على أرضية خرسانية عارية. وبحسب أقوال نشطاء حقوق الإنسان فإن بعض الأماكن يجري فيها احتجاز المراهقين مع البالغين. وشرع العشرات من السجناء في الأيام الماضية في الإضراب عن الطعام احتجاجا على ظروف الاحتجاز.
حتى النشطاء ذوي الخبرة تبدو عليهم حالة صدمة من موجة العنف الجديدة. وأوضحت منال حسن، زوجة المدون المعروف علاء عبد الفتاح في مقابلة مع بوابة الأخبار المصرية "مصرين" حول اعتقاله في نوفمبر/ تشرين الثاني: "عندما طلبنا من الشرطة أن تظهر لنا أمر التفتيش صار الأمر كما لو أننا قد أسئنا إليهم." وأضافت بأن رجال الشرطة قاموا إثر ذلك بضربها هي وزوجها بوحشية وبتوجيه السباب لهم، وتم اقتياد علاء حافي القدمين ومرتديا بيجامة النوم. وبات علاء عبد الفتاح ألان مهدد، هو ورموز سابقون من رموز الثورة، بأن يصدر ضدهم عقوبات قضائية بسبب المشاركة في مظاهرة لم تحصل على ترخيص.