عراقيون في ألمانيا: لجوء سياسي مع وقف التنفيذ
تقدم سبعة عراقيين بدعوى قضائية ضد قرار "الهيئة الفدرالية الألمانية للاجئين والمهاجرين" التي كانت قد أصدرت في وقت سابق قرارا إداريا يقضي برفع صفة اللجوء السياسي عن عدد من العراقيين الذين لجئوا إلى ألمانيا في عهد نظام الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين ما بين عامي 1998 و2000. وقد عللت الهيئة قرارها بأن شروط اللجوء السياسي قد انتفت بغياب هذا النظام وأن الظروف قد تغيرت في هذا البلد الذي صادق مؤخرا على دستور جديد.
حقائق وأرقام
حسب مصادر منظمة حقوق الإنسان الألمانية "من أجل اللاجئين" فان هذا القرار يشمل ما مجموعه 7000 عراقي، وأن الأمر لا يتعلق فقط بالعراقيين بل بعدة أشخاص من أفغانستان وكوسوفو، على اعتبار أن القانون الألماني للاجئين يمنح هذه الصفة بناء على أوضاع معينة وعندما تنتفي هذه الأوضاع فإن المشرع الألماني له الحق في مراجعة هذا القانون كلما اقتضت الضرورة ذلك. وحسب نفس المصادر، فإن هذه الوضعية اشتدت حدتها منذ سنة 2002، حيث جردت "الهيئة الفدرالية للاجئين والمهاجرين" في السنة نفسها حوالي 2200 شخص من حق الاعتراف بهم كلاجئين سياسيين. وفي سنة 2004 بلغ عددهم 18000 وتم إعادة النظر هذه السنة في 5700 ملف تم الاعتراف بـ 169 منها فقط.
أراء ومواقف
خلف هذا القرار، خصوصا في شقه المتعلق بالعراق، استياء عاما وردود أفعال متباينة من جهات سياسية وقانونية فاعله، فالسيدة ماري لويز بيك عن حزب الخضر والمسؤولة الفدرالية عن المهاجرين واللاجئين انتقدت هذا القرار ودعت إلى استثناء العراقيين منه. أما منظمة "من أجل اللاجئين" فترى أنه يجب طرح السؤال حول الوضعية القانونية الصعبة التي سيعيشون فيها هؤلاء بعد التراجع عن الاعتراف بهم. أما الناشط الحقوقي العراقي الدكتور كاظم حبيب المقيم في برلين فانه يوجه نداء للمسؤولين الألمان ومن خلالهم إلى كل الحكومات الأوروبية يدعوهم فيه الى ضرورة النظر في وضعية هؤلاء من زاوية إنسانية على اعتبار أن العراق يشهد حاليا حربا غير معلنة وأن الأرقام تؤكد ذلك. ففي الشهر الأخير وحده تراوح متوسط عدد القتلى ما بين 60 الى 65 شخص في اليوم الواحد. أما حسين وهو شاب عراقي يقيم في بون فيرى أن مشاهد الرعب والقتل اليومي على شاشات التلفزيون كل مساء تعطينا صورة عن حقيقة الوضع في العراق. ايلاكا هيرمس عن "مؤسسة الاستشارة القانونية للمهاجرين واللاجئين" بمدينة ترير ترى هي الاخرى أن غياب الأمن في العراق وانتشار مظاهر الفوضى والدمار يفرضا علينا التراجع عن هذا القرار، فالدولة في العراق لا تستطيع أن تحمي حتى أجهزتها وبالتالي فإنها غير قادرة عن حماية مواطنيها، كما أن هذا القرار يعني رمي هؤلاء إلى جحيم مؤكد. وتضيف قائلة: "أن العراق لا يزال يشهد حربا وبالتالي تسري على هؤلاء معاهدة جنيف التي تحمي الشعوب التي ترزح تحت حالة الحرب. "
الانعكاسات النفسية والمادية للقرار
إن تجريد هؤلاء وغيرهم من حق اللجوء في ألمانيا سيدخلهم وذويهم في حلقة مفرغة ستؤثر من دون شك عليهم وعلى أوضاعهم، فهذا القرار وان كان لا يعني ترحيلهم إلا أنه يجعلهم ينتقلون من وضعية قانونية طبيعية كانوا يتمتعون بها تضمن لهم العيش الكريم والعمل إلى دوامة الإقامة المعلقة المعروف بـ "دولدونغ". وهذا النوع من القامة يجب تجدده كل ثلاثة شهور مع الحرمان من حق الشغل، مما سيكون له انعكاسات نفسية ومادية مباشرة على وضعية المعنيين، يدخلهم في اضطراب نفسي ودوامة الخوف من الترحيل. وقد يترتب على هذا الوضع الاضطرار إلى زيارة الأطباء النفسيين، إضافة إلى أن فقدانهم لحق العمل يعني أن على الدولة أن تتكلف بهم وكل هذا سيكون بكل تأكيد على حساب ميزانية الدولة التي هي في غنى عن مصاريف إضافية يمكن توفيرها بتخليها عن هذا القرار الذي يعلق مصيرهم ومستقبلهم.
محمد مسعاد