علاء الأسواني: احذروا الغشاء الصيني...!
٨ أغسطس ٢٠١٧السؤال الأول:
ــــــــــــــــــــ
- ماذا تفعل لو تقدم لخطبة ابنتك شاب ثري وممتاز علما وخلقا لكنه مطلق ولم ينجب؟ غالبا لن تتسرع في رفض هذا الشاب وستقول لنفسك ربما يكون غير مسئول عن فشل زيجته الأولى..
السؤال الثاني:
ـــــــــــــــــــــ
- ماذا تفعل لو أخبرك ابنك الشاب أنه يريد الزواج من سيدة مطلقة لأنه يحبها..؟ غالبا سترفض الفكرة من أساسها وسيكون منطقك أن ابنك يتزوج للمرة الأولى ومن حقه أن يتزوج بنتا بكرا وليس سيدة مطلقة.
الفرق بين الحالتين يعكس مفهومنا الحقيقي لقيمة المرأة. برغم كل الكلام الرنان والشعارات الجميلة لازلنا نعتبر المرأة، أساسا، جسدا مخلوقا لإمتاع الرجل. إن انزعاجك من زواج ابنك بمطلقة يشبه انزعاج الزبون الذي يملك ثمن سيارة جديدة ويرفض شراء سيارة مستعملة لأنه يريد أن يكون أول من يركب السيارة، تماما كما تريد لابنك أن يكون أول من يستمتع بجسد عروسه.. هناك نظرتان للمرأة: النظرة المتحضرة ترى في المرأة إنسانا حدث أنه أنثى كما أن الرجل انسان حدث أنه ذكر وهي تؤمن أن المرأة كائن مساو للرجل تماما في الحقوق والقدرات وهي لا تستدعي الأنوثة إلا في الحياة الخاصة.
الإنسان المتحضر يتعامل مع المرأة كإنسان ولا يفكر في أنوثتها إلا إذا أحبها أو تزوجها. منذ القرن التاسع عشر ناضلت المرأة المصرية وحققت إنجازات مهمة في مجال المساواة بالرجل، فحصلت على حق التصويت ودخلت الجامعة والبرلمان والحكومة كوزيرة بل أن مصر كلها احتفلت عام 1933 بالمصرية لطفية النادي، أول امرأة تقود طائرة في مصر وأفريقيا وثاني قائدة طائرة على مستوى العالم بعد الأميركية اميليا ايرهارت.
في السبعينيات من القرن الماضي تضاعف سعر النفط (بفضل حرب أكتوبر) مما أعطى لأنظمة الخليج قوة اقتصادية غير مسبوقة ولأن هذه الأنظمة قائمة على التحالف بين العائلات المالكة ومشايخ الوهابيين، فقد وجد حكام الخليج أن نشر المذهب الوهابي يحقق لهم استقرارا سياسيا، وتم انفاق مليارات الدولارات لنشر المذهب الوهابي عن طريق وسائل الإعلام والجمعيات الوهابية في كل أنحاء العالم، أضف ذلك ان ملايين المصريين عملوا سنوات في الخليج وعادوا مشبعين بالأفكار الوهابية.
الوهابيون يعتبرون المرأة مصدر غواية للرجل وأداة لمتعته الجنسية وماكينة إنجاب أطفال وخادمة بيت وأي وظيفة أخرى للمرأة عندهم أقل أهمية. إنهم يؤمنون أن الرجل من حقه أن يتزوج طفلة في العاشرة مادامت تطيق المعاشرة، كما أن المرأة في عقيدتهم ـــ حتى لو كانت غير راغبة في الجنس ــ يجب أن تلبي دعوة زوجها في الفراش، وإلا باتت تلعنها الملائكة. الغريب ان مصر حتى السبعينيات لم تعرف التحرش الجنسي إلا نادرا بينما ينتشر التحرش الآن بيننا كالوباء. ما الذي جعل المصريين يمتنعون عن التحرش بالمصريات عندما كن يرتدين المايوهات وفساتين السهرة والملابس القصيرة، بينما هم الآن يتحرشون بنساء معظمهن محجبات؟!
السبب ان نظرتنا للمرأة تغيرت. إذا فكرت في المرأة على أنها إنسان مثلك سيصعب عليك نفسيا التحرش بها، أما إذا اعتبرتها أداة جنسية وكنت شابا لا تستطيع الزواج وأمكنك في الزحام أن تداعب آلة جنسية (زوجة) مملوكة لشخص آخر وتفلت من العقاب، فلن تتردد لأنك تتحرش بجسد لا تعتبره إنسانا له مشاعر.
الغريب أن الوهابيين يعتبرون ثياب المرأة سبب التحرش بها، أي أنهم يعذرون الجاني ويلومون الضحية. هذا المنطق الشاذ يتجاهل حقيقة أن التحرش منتشر بشكل واسع في السعودية وأفغانستان حيث النساء منتقبات. وإذا كنا سنعذر المتحرش برغبته الجنسية فلابد إذن أن نعذر من يسرق سيارة فاخرة لأنه يريدها ولايملك ثمنها وسيقودنا ذلك إلى التماس الأعذار للصوص جميعا. يجب علينا نحن المصريين أن نستعيد نظرتنا الإنسانية المحترمة للمرأة. إن الأمثلة على احتقارنا للمرأة كثيرة منها مثلا أننا نمدح أي شخص بقوله: إنه ذكر كأن الذكورة هي المجد والأنوثة حقارة وعندما تحدث مشاجرات في الأحياء الشعبية كثيرا ما يتم إذلال رجل بإرغامه على ارتداء ملابس نسائية (علامة الخزى والعار )..
لازال الرجل الشرقي يحرص على أن يفض غشاء البكارة للعروس ليلة الزفاف. أي طالب في الطب يعلم أن هناك أنواعا عديدة من غشاء البكارة لا تتمزق بالممارسة الجنسية، كما أن هناك ممارسات جنسية كثيرة ستترك غشاء البكارة سليما. لو أن الرجل الشرقي احترم زوجته ووثق فيها لكان سألها عن حياتها الجنسية وصدقها، لكن الرجل عندنا ينشأ بفكرة أن المرأة ماكرة وكذابة وكيدها عظيم وبالتالي فإنه يريد أن يرى نقاط الدم على السرير ليتأكد أن البضاعة التي اشتراها سليمة لم يعبث بها أحد.
من سنوات فهم الصينيون عقد الرجل الشرقي فأنتجوا غشاء للبكارة صناعيا يتمزق في ليلة الدخلة ويغرق السرير بالدم المبارك. هنا أصيب الرجال العرب بالهلع واعتبروا الغشاء الصيني نوعا من الغش التجاري، لأن الزوجة يمكن أن تمارس الجنس قبل الزواج ثم تضع الغشاء الصيني. لو أننا احترمنا المرأة واعتبرناها إنسانا مثلنا لن يخاف الرجل من الغشاء الصيني ولن تحتاج المرأة إلى شرائه.
مصر تخوض معركة النهضة ضد قوتين تشدانها إلى الخلف: الاستبداد السياسي والتطرف الديني. لن تتقدم مصر إلا بتحرر المرأة ولن تتحرر المرأة إلا إذا خلصنا عقولنا من الفكر الوهابي الرجعي واستعدنا الفهم المتحضر للدين، لن تنهض بلادنا إلا إذا تخلصنا من الديكتاتورية وأقمنا الدولة الديمقراطية.
الديمقراطية هي الحل
* المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه وليس بالضرورة رأي مؤسسة DW.