"علي وعلى أعدائي": خيارات إيران لمواجهة الحظر الدولي؟
٣ يوليو ٢٠١٢تعمد إيران في أي أزمة علاقات أو خلال أي تهديد تتعرض له إلى أطلاق التهديدات بإغلاق مضيق هرمز وتعطيل صادرات النفط إلى العالم. وخلال سنوات حربها الثمان مع العراق حاولت طهران بالفعل غلق المضيق. وبين عامي 1986 – 1988 دخل صراعها مع العراق مرحلة خطيرة بانتشار ما كان يعرف بحرب الناقلات. لكن المواجهات العسكرية آنذاك لم تؤد إلى غلق المضيق، وإن عرقلت بعض الشيء الملاحة ودمرت بعض الناقلات وألحقت أضرارا محدودة بالبيئة.
وتفاقمت حدة التهديدات الإيرانية بدخول قرار أوروبا بحظر استيراد النفط الإيراني حيز التنفيذ في الأول من تموز سنة 2012. التطور الأخطر جاء على لسان النائب إبراهيم أغا محمدي، عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بالبرلمان الإيراني أمس (الاثنين 02 تموز/ يوليو 2012 ) حين قال "إن اللجنة وضعت مشروع قانون يدعو إيران إلى منع مرور شحنات النفط الخام من مضيق هرمز إلى الدول التي تدعم العقوبات المفروضة عليها". وأعقبت ذلك مناورات عسكرية أجرتها إيران اليوم الثلاثاء وفيها اختبارات صاروخية.
قدرة إيران على غلق مضيق هرمز؟
هذه التطورات تدفع المراقبين إلى التساؤل عن مدى قدرة إيران على غلق مضيق هرمز في الوقت الحاضر. د. مصطفى العاني مدير قسم الدراسات الأمنية والدفاعية في مركز الخليج للأبحاث تحدث إلى DW ، وأكد في حديثه على مساعي إيران ومحاولاتها إغلاق المضيق خلال سنوات الحرب العراقية الإيرانية، ثم أشار إلى أنّ "التهديد قائم، ولكن يجب عدم التسليم بقدرة إيران على إغلاق المضيق، فقدرتها تدخلية أكثر منها قدرة على إغلاق المضيق نفسه".
وفي ظل وجود شبه إجماع دولي وإقليمي على معارضة البرنامج النووي الإيراني، يصبح المناخ ملائما لحشد إجماع مشابه لمنع إيران من تنفيذ تهديداتها بإغلاق المضيق، ولكن د. العاني يعيد هذا الافتراض إلى السؤال الأهم في تقديره، وهو مدى قدرة إيران عمليا على تنفيذ تهديداتها؟ ومضى إلى القول "وجود القوات الأمريكية والخليجية بشكل مكثف في الخليج سيمنع إيران من تنفيذ تهديداتها"، أما بخصوص الحق القانوني لإغلاق المضيق ، فأكد العاني"أنّ إيران لا يحق لها قانونيا أن تغلق المضيق لأن قانون البحار الدولي لعام 1908 قد صنف مضيق هرمز باعتباره مضيقا دوليا، أسوة بمضيق دوفر ومضيق جبل طارق، وبالتالي فإن الدول المتشاطئة على هذا المضيق لا تملك حق إغلاقه".
الخيار الإيراني الأخير: " عليّ وعلى أعدائي"
محاصرة صادرات النفط الإيراني قد تقطع شريان حياة الاقتصاد الإيراني، وهذا قد يدفع بها إلى محاولة قطع ممر صادرات النفط الدولي لإيقاع أكبر قدر من الضرر بأوروبا ودول الخليج، المعارضة للسياسة الإيرانية. ولكن مثل هذا الخيار قد يضع إيران في مواجهة حلفائها، و إلى ذلك أشار د. العاني بالقول "في حالة إغلاق إيران لمضيق جبل طارق ستواجه الباب السابع من ميثاق الأمم المتحدة وهو تهديد الأمن والاستقرار الدولي. كما أن حلفاء إيران ومن ضمنهم روسيا والصين سيكونون مجبرين على التدخل ضد طهران لانتهاكها القوانين الدولية" .
إيران قد تلجأ إلى خيار شمشون (عليّ وعلى أعدائي) في حال توقفت صادراتها النفطية، لأنها لن تملك شيئا تخسره في تلك الحالة، وهذا يمثل خطرا استراتيجيا قائما وقد استبق مسؤول بارز في البنتاغون تفاقم الأوضاع إلى هذه المرحلة بتصريحات نشرتها صحيفة نيويورك تايمز الصادرة اليوم حيث قال مهددا: "الرسالة إلى إيران هي: لا تفكري حتى في هذا الأمر... لا تفكري حتى في إغلاق المضيق. سنقوم بإزالة الألغام. لا تفكري حتى في إرسال قواربك السريعة للتحرش بسفننا الحربية أو التجارية.. سنسقطها في قاع الخليج" .
من جانبه أشار الخبير في شؤون الدفاع د. مصطفى العاني إلى أن "إيران لن تلجأ لمحاولة غلق المضيق إلا إذا تعرضت لخطر يهدد وجودها، وهذا الخطر يتمثل في منعها من تصدير النفط وحرمانها من إيراداته، ما قد يدفعها إلى محاولة حرمان الآخرين (العراق ودول الخليج العربية) من الاستفادة من إيراداتهم النفطية ما مادامت هي محرومة منها".
ملهم الملائكة
مراجعة: حسن زنيند