Der Tod ist unsichtbar: Das Sterben in der Kunst
٥ أغسطس ٢٠٠٨هل هي حرية الفن أم استفزاز يخلو من الذائقة؟ حين أعلن الفنان الألماني غريغور شنايدر في نيسان/ أبريل من العام الجاري رغبته في عرض إنسان يلفظ أنفاسه الأخيرة في غرفة قام الفنان بتصميمها بنفسه، من أجل أن يخرج موضوع الموت من دائرة المحرمات، أثار إعلانه هذا ثائرة الرأي العام لدرجة أن الفنان تلقى تهديدات بالقتل.
ولكن معرض "الحياة مرة أخرى"، الذي يستمر حتى 10 آب/ أغسطس في بيت الفن في مدينة هامبورغ الألمانية، لم يثر مثل ذلك الجدل. ويقدم المعرض صوراً مزدوجة عن أشخاص قبيل موتهم وبعدها بقليل، حيث قضى المصور فالتر شيلس والصحفية بياته لاكوتا فترة في إحدى المستشفيات، رافقوا خلالها عددا من المرضى في أيامهم الأخيرة.
وهنا قد تُطرح أسئلة عن مدى حرية الفن وحدود الذائقة الفنية. وكلما تطرق المرء إلى موضوع الموت سواء على الصعيد الفني أو الاجتماعي، أثار ذلك نقاشات محمومة، وسبب ذلك هو غياب هذا الموضوع عن الحياة اليومية في ألمانيا.
الموت روح خفية
ويبدو أنه ليس من السهل على الكثيرين تناول موضوع الموت. عن هذا يقول أستاذ العلوم الاجتماعية في جامعة غيسن ومؤلف كتاب "الموت في ألمانيا" رايمر غرونماير: "لقد أخرجنا الموت من مجتمعنا، فهو لم يعد يحدث في المنازل الاعتيادية، بل أن أكثر من 80 بالمائة من حالات الوفاة تحدث المؤسسات، أي بصورة خفية عن المجتمع". لكن غرونماير يرى أن هناك مفارقة غريبة، فمن خلال وسائل الإعلام يكون الشباب بعمر الخامسة عشر أو العشرين عاماً قد رأوا مئات الآلاف من مشاهد الموت، وعلى الرغم من ذلك فإن هؤلاء الشباب لم يتعاملوا مع الموت "بشكل ملموس". ويشير أستاذ العلوم الاجتماعية إلى أن الحال لم يكن هكذا في الماضي. ففي وقت الإغريق والرومان وحتى العصور الوسطى كان الموت يشكل جزءاً من الحياة اليومية للإنسان. ولم يدخل تناول الموضوع نطاق المحرمات إلا في القرن الماضي وبشكل مطرد.
"تذكر أنك ستموت في يوم ما!"
كان موضوع الموت في العصور الوسطى بشكل خاص وفي فترة الباروك، التي امتدت حتى عام 1770 حاضراً بقوة في حياة الناس، بسبب الحروب وموجات الأوبئة والأمراض إضافة إلى تدني المستوى المعيشي. عن هذا تقول مؤرخة الفنون والمسؤولة عن مجموعة "الإنسان والموت" في جامعة دوسيلدورف الألمانية، شتيفاني كنول: "إن الموت كان رفيقاً دائماً للإنسان. وكانت توجد على سبيل المثال مواضيع تم تناولها آنذاك من أجل استعراض تداعي الجسد والموت وانعتاق الجسد نهائياً". وتدعى القطع الفنية الصغيرة، التي تتضمن هذه المواضيع، باللاتينية "Memento-mori-Objekte"، أي "تذكر أنك ستموت في يوم ما!". وتوضح الخبيرة الألمانية أن هذه اللوحات مترعة بصور الهياكل العظمية الموضوعة في توابيت خشبية، وكانت تعتبر كذلك ذكرى للموتى وللفناء الإنساني، وبهذا فإن الموت لا ينفصل عن الحياة.
تراجع الموت من الحياة اليومية
وعلى مر السنين تغيرت علاقة الإنسان بالموت، وكذلك تراجعت أهمية الدين والكنيسة في حياته، فقد بدأ نوع جديد من أساليب الحياة، يتم التركيز فيه على الحياة الواقعية وليس على اللامرئيات. وانعكس ذلك الاتجاه في الفن أيضاً، عن هذا توضح كنول بالقول: "منذ القرن الثامن عشر وهناك اتجاه جديد يمكن ملاحظته يقوم على عدم تسليط الضوء على الميت وحده، بل على ذويه وأحزانهم بعده".
وفي كثير من اللوحات، التي رسمت في هذه الفترة، لم يعد يتم يتناول موضوع الموت والموتى. فقد تراجع تدريجياً في الفن، وبذلك يكون قد ابتعد عن حياة الإنسان. أما على صعيد الحياة اليومية فقد فقد أهميته أيضاً، ففي القرن التاسع عشر تضاعف معدل عمر الإنسان خلال أجيال قليلة فقط بعد التطور الكبير في العلوم الطبية والإجراءات الوقائية.