غورلاخ في نيويورك: هكذا يغيّر فيروس كورونا المدينة
١١ أبريل ٢٠٢٠الظلام يسود في نيويورك. إنها إحدى التغييرات الكبيرة التي بدت لألكسندر غورلاخ منذ أن بدأ فيروس كورونا في الانتشار في المدينة. "الأنوار في المحلات ومباني المكاتب في مانهتان مطفأة"، يقول غورلاخ الذي يعيش منذ يوليو 2018 في نيويورك ويعمل أيضا ككاتب عمود لصالح دويتشه فيله. "المدينة التي لا تنام أبدا، تنام الآن". والفيروس ضرب بقوة ولاية نيويورك بكل مناطقها، ومنذ أسبوعين يعم حظر التجول وعدد متزايد من المستشفيات في المدينة يعاني النقص في الألبسة الوقائية والكمامات وأجهزة التنفس، وفي الحقيقة نقص في كل شيء.
لكن ليس هناك حالة كورونا داخل المبنى
عندما ألمح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأحد الماضي 5 أبريل الجاري خلال مؤتمر صحفي بأنه لأمر مريب أن يكون لدى مستشفيات نيويورك استهلاك كبير من الكمامات، حدث ضجيج على مواقع التواصل الاجتماعي. فالأطباء هنا لا يتعين عليهم فقط معالجة حالات الإصابة المتزايدة بكورونا، بل أيضا الحفاظ على العمل اليومي "العادي" داخل المستشفيات. "الأحد كانت تقف سيارة إسعاف أمام البيت"، يحكي غورلاخ الذي يقيم مع شريكه في مبنى بحي لونع إيلاند في كوينز: "حاولنا جميعا النظر إلى داخل السيارة وكنا قلقين. لكن يجب التذكر بأنه يوجد أمراض أخرى. وإدارة المبنى أخبرت لاحقا السكان بأن الأمر لا يتعلق بحالة كورونا".
حركة السير متوقفة
كوينز هو الحي المعني أكثر بتفشي فيروس كورونا في المدينة قبل بروكلين. وأعلن حي كوينز الأربعاء عن 14.966 حالة إصابة بفيروس كورونا، ضعف ما هو مسجل في مانهاتان وصل العدد الاربعاء إلى 6960 حالة. وفي العادة يتنقل عدد من الناس في كل صباح من كوينز عبر النهر إلى مانهاتان حيث تكون أجور السكن للموظفين العاديين مرتفعة جدا. لكن الحياة اليومية لم تعد عادية في ظل تفشي فيروس كورونا. "حسبت الوقت مؤخرا وقد مرت 17 ثانية إلى أن رأيت سيارة تعبر من جسر كوينزبورو إلى مانهاتان"، يقول غورلاخ. في العادة يكون عدد من السيارات فوق الجسر أكبر من إمكانية تعداده بالعين المجردة. وحاليا من بإمكانه تفادي الأمر، فإنه لا يغادر البيت. وهذا يؤدي إلى أن يشاهد غورلاخ فجأة في حيه الكثير من علامات نيويورك. "الكثير من سيارات الأجرة الصفراء الشهيرة تقف الآن هنا في كوينز.. والآن لم يعد أحد يقودها". وعلى مشارف مطار جون إف كنيدي في كوينز حيث ينتظر المسافرون سيارة أجرة، يقف السائقون ست ساعات أو أكثر قبل تمكنهم من نقل مسافر من المطار إلى المدينة، كما تنقل صحيفة نيويورك تايمز.
تفادي اللمس
وحتى غورلاخ لم يعد يتنقل مثل السابق. وبعض محاضراته تم تأجيلها، والبعض الآخر يحصل عبر الانترنت. وبإمكانه استنشاق الهواء النقي فوق البلكونة. ولم تعد مغادرة البيت تمضي بشكل عفوي، بل وجب استخدام وسائل التعقيم واستعمال القفاز والكمامة، وتفادي لمس أي شيء في المحيط.
ومنذ أسبوعين يسير الوضع على هذا النحو، ولن يتغير شيء في الأسابيع الأربعة أو الثمانية المقبلة. لكن ماذا يفعل شهر أو شهران من الابتعاد الاجتماعي بالبشر؟ "أعتقد أن هذا سينال من وجداننا"، كما يقول غورلاخ. "جيد أن لا يكون المرء في هذا الوقت وحيدا. لكن نيويورك معروفة كمدينة للعازبين". وهذا العزل بالنسبة قاس بالنسبة إليهم . وعلى كل حال يستمر قطار الأنفاق في العمل، وحتى النفايات يتم نقلها حسب البرنامج. وهذه إشارة إلى أنه حتى في أوقات الأزمة تسير بعض الأمور بشكل اعتيادي. "وهذا مهم بالنسبة إلى النظام العام"، كما يعتقد غورلاخ. والمدينة فخورة لتمكنها بعد ضربات قاسية مثل 11 من سبتمبر من النهوض مجددا.
كارلا بلايكر، ألكسندر غورلاخ/ م.أ.م