فوكسكون متهمة "باستغلال بشع" لعامليها في أوروبا
٥ أكتوبر ٢٠١٣وردية العمل تستغرق 12 عشرة ساعة متواصلة، لستة أيام في الأسبوع، وذلك في ظل ضغوطات خانقة لإنتاج أكبر قدر من القطع، وبحركات رتيبة. هكذا وصفت الصحافة الآسيوية طبيعة العمل داخل مصانع إنتاج شركة فوكسكون Foxconn للصناعات الدقيقة، والمختصة في تركيب الحواسيب والهواتف الذكية وألعاب الكمبيوتر، اعتمادا على اليد العاملة البشرية. ومعروف عن هذه الشركة أنها حققت أرباحا خيالية في السنوات الأخيرة، لكنها تدفع أجورا للعمال لا تكفي حتى لسد رمق الجوع. وبعد أن أقدم 13 عاملا في المصانع الصينية على الانتحار، ازداد اهتمام الرأي العالمي بظروف العمل داخل أكبر شركة مصنعة للكمبيوتر في العالم.
وقد يقول البعض أن فوكسكون لا تشكل استثناء في سوق العمل الآسيوية، بحكم أن القوانين المعتمدة لا تتعامل بصرامة مع خرق الشركات لحقوق العاملين، إلا أن الأمر في أوروبا يختلف، خاصة بعد أن قامت مجلة ألمانية بنشر تقرير مفصل عن ظروف العمل في مقار الشركة بجمهورية التشيك.
قام صحفيون عاملون بمجلة الكمبيوتر إس تي/ c't، لعدة أسابيع بمراقبة مقر مصانع شركة فوكسكون الواقعة في باردوبيس بالتشيك. وتحدثوا إلى موظفين بوزارة العمل والنقابات والعاملين التشيك والأجانب الوافدين من رومانيا وبلغاريا وفيتنام ومانغوليا. وجميعهم أفادوا أن ظروف العمل لا تختلف عن تلك السائدة في آسيا. "لا يوجد أي تصور لدى موظفي المكاتب عن مدى صعوبة وكثافة العمل في خطوط الإنتاج"، يقول الصحفي كريستيان فولبارت من مجلة إس تي لـDW.
ظروف عمل سيئة
وحسب الصحفي الألماني من المستحيل أثناء وردية العمل التحدث إلى الزملاء أو شرب الماء أو أخذ قسط من الراحة. "وفي حقيقة الأمر فوكسكون لا تمنع ذلك، لكن الضغوطات الكبيرة الملقاة على عاتق العمال لإنتاج قدر معين من القطع لا يسمح للعمال بالقيام باستراحات قصيرة"، يضيف فولبارت.
وحسب المعلومات التي توصلت إليها مجلة الكمبيوتر الألمانية، فإن العاملين يتقاضون نحو 550 يورو شهريا. وهو مبلغ يفوق الحد الأدنى للأجور قليلا، لكنه في الوقت ذاته لا يشكل سوى ستين بالمائة من الدخل المتوسط في التشيك.
من جهة أخرى أنتقد الصحفي كريستيان فولبارت نظام العلاوات الذي تنتهجه إدارة الشركة. فعلى حد قوله "من الممكن أن لا يحصل العامل على الحوافز الشهرية كاملة والتي تصل إلى مائة يورو، رغم إنجازه لعمله على أحسن وجه. وذلك بدعوى أنه لم يحترم القوانين الداخلية".
بيد أن شركة فوكسكون نفت ما جاء في تصريحات فولبارت بقوة، إذ أوضح بيتر سكودا عن إدارة الشركة أنه يتم "دفع الحوافز حسب المجهودات الفردية"؛ مشددا على أن فرع الشركة في التشيك يعتبر نفسه عضوا في الإتحاد الأوروبي، ومن ثمة "عليه احترام القوانين الأوروبية". علاوة على ذلك يقول المسؤول في الفرع الأوروبي إن السلطات التشيكية تقوم بمراقبة دورية للمصنع، ولهذا فإن شركته "فوجئت" بما تضمنه التقرير الصحفي.
وهذا ما أكده الصحفي فالبارت أيضا، الذي شدد على أن فوكسكون تحترم القوانين التشيكية، ومع ذلك يتساءل: "حول ما إذا كانت مقرات العمل توفر أدنى الشروط الإنسانية. إن ساعات العمل الـ12 مستحيلة في ظل ظروف قاهرة". ويعتقد الصحفي الألماني أن الشركة تعرف جيدا كيف تستغل الثغرات القانونية. والمصانع المتواجدة في باردوبيس تدار من قبل شركات فرعية يتم إنشاؤها لمدة وجيزة للاستفادة من الدعم المخصص للشركات الصغيرة، على أن يتم قفلها بعد ذلك وإنشاء أخرى.
تداعيات التقرير على المستوى الأوروبي
مضمون تقرير بمجلة الكمبيوتر إس تي/ c't وصل إلى البرلمان الأوروبي، إذ قالت النائبة الأوروبية من الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني يوتا شتاينروك أنها بعثت برسالة إلى المجلس الأوروبي والمفوضية الأوروبية تطالبهما بتفسيرات حول فوكسكون، حسب تصريح شتاينروك في رسالة ردا على أسئلة DW.
وتخشى السياسية الألمانية العضوة في الكتلة البرلمانية لشؤون العمالة والقضايا الاجتماعية، من تفشي ظاهرة استغلال العمال في الدول الأوروبية الفقيرة، وتقول "لقد أصبح استغلالا عصريا يسود في بعض الشركات والقطاعات، ولم يعد استثناءا في أوروبا". ويرجح بعض المحللين من أن الشركة التايوانية تسعى إلى تعزيز تواجدها في أوروبا، بعد أن أجبرت على رفع الأجور في الصين نتيجة لاحتجاجات العاملين هناك. وهناك مؤشرات قوية تشير إلى توجه إدارة الشركة نحو وسط وشرق أوروبا. وقد تكون الأجور مرتفعة قليلا عن تلك التي تدفعها الشركة في الصين، لكن وجود البنية التحتية وقرب المسافة إلى الدول المستوردة يوفر مميزات للشركة.