"نجاح النموذج التونسي ضرورة للسلام العالمي"
٧ ديسمبر ٢٠١٥وسط الأوضاع الأمنية المتوترة التي تمر بها تونس، اختتم الرئيس الألماني السابق كريستيان فولف زيارة إلى بلد ثورة الياسمين دامت ثلاثة أيام، تباحث فيها مع التونسيين سبل تعزيز التعاون الاقتصادي بين الجانبين، من أجل المساهمة في إنجاح التجربة الديمقراطية في تونس.
الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي عبر عن امتنانه لزيارة الرئيس الألماني السابق كريستيان فولف التي حمل تزامنها مع ما تمر به تونس من اضطرابات، رسالة تضامن واضحة مع التونسيين.
وعلى هامش هذه الزيارة أجرت DW عربية مع رئيس ألمانيا السابق حوارا تناول التطورات التي تعرفها تونس بعد مرور خمس سنوات على اندلاع ثورتها، بالإضافة إلى آفاق التعاون الاقتصادي بين تونس وألمانيا.
فيما يلي نص الحوار:
DWعربية: السيد الرئيس، لقد جئت إلى تونس على رأس وفد اقتصادي بصفتك رئيس المنظمة العربية الأورومتوسطية للتعاون الاقتصادي. ما هو الهدف من هذه الزيارة؟
كريستيان فولف: الشعب التونسي هو صاحب القرار في بلاده. لقد انتخب برلمانه ورئيسه ونحن سنقدم الدعم للشعب التونسي من أجل تحسين اقتصاد البلاد وخلق مناصب الشغل خاصة للشباب والنساء. أتمنى كثيرا أن ينجح مشروع الديمقراطية في تونس، لكن الديمقراطية لن تتطور هنا إذا لم ير الناس فوائد ملموسة فيها، فوائد اقتصادية واجتماعية. وهنا في استطاعة أوروبا أن تقدم أكثر مما تفعله حاليا لتحسين مواقع الإنتاج والخدمات وأيضا لتحسين صورة تونس لديها. فالألمان يربطون تونس حاليا بالهجمات الإرهابية والسياحة، وهذا أمر يجب تفهمه، لكن تونس أكثر من ذلك بكثير. فالبلاد تتمتع بنظام تعليمي وبنية تحتية جيدين.
نحن مقبلون على استلام رباعي الحوار الوطني في تونس لجائزة نوبل للسلام، لكن الديمقراطية التونسية في الوقت ذاته لم تصل بعد إلى بر السلام. ما أهمية دور تونس في هذا الوقت بالذات؟
يوم مراسيم تسليم جائزة نوبل للسلام في أوسلو، ستتجه أنظار العالم إلى تونس. وأنا أتمنى أن تجمع تونس بنجاح بين إسلام حيوي والديمقراطية. فما يميز الدور التونسي هو أن البلاد شهدت انتخابات حرة للرئيس وللبرلمان، مرورا بإجماع مختلف القوى على المشروع السياسي، وهو ما يفتح الأفق أمام البلدان العربية الإسلامية للتطور نحو الديمقراطية. نحن في حاجة إلى عدد كبير من هذه النماذج وسط عالم عربي إسلامي غارق في الفوضى. إذا نجحت تونس فستكون عامل استقرار في المنطقة ومثالا تحتذي به جارتاها ليبيا والجزائر. يجب أن يدرك جيل الشباب في العالم العربي الإسلامي أن انفتاح المجتمع على الحداثة يأتي بفوائد اقتصادية أيضا. لذلك فمن المهم جدا تحقيق نماذج إيجابية هنا ومن المهم أن تركز ألمانيا وأوروبا على تونس.
كيف يمكن أن يكون هذا التركيز؟
ينبغي على الشركات الألمانية التي تنشط هنا أن تتكلم أكثر عن تجاربها الجيدة في تونس،على ألمانيا أيضا أن تتقاسم خبرتها مع تونس وأن تشاركها سر نجاحها، مثل التعليم المزدوج وإشراك العمال في إدارة الشركات. هذه أمور يقدم فيها اتحاد النقابات الألمانية يد المساعدة للمنظمات العمالية في تونس من أجل تحسين أداء الاقتصاد التونسي عبر تعزيز قيمة الفرد واحترامه أكثر في الشركات. إذن هناك الكثير الذي تستطيع ألمانيا تقديمه في المجال ونجاح التعاون بين الجانبين سيعود بفائدة كبيرة على أوروبا، لأن فتح الآفاق للناس هنا سيمنعهم من شق البحر المتوسط من أجل الهجرة إلى الشمال. في ظل توافد اللاجئين على ألمانيا حاليا، ينبغى أن يكون الكل قد أدركوا أنه لا بد من فعل المزيد من أجل تحسين الأوضاع في إفريقيا.
التقيت الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي وعددا من صناع القرار في تونس. عما تكلمتم وماذا ينتظر السياسيون التونسيون من ألمانيا؟
أتمنى للرئيس التونسي، الذي جرت بيني وبينه محادثات طيبة جدا، كل النجاح من أجل مصلحة تونس. كما نعرف فإن وجهة تونس التقليدية هي فرنسا لأسباب تاريخية عديدة. لكن التونسيين يرحبون بارتفاع اهتمام ألمانيا والتزامها باعتبارها أكبر اقتصاد في أوروبا. تونس تعلق آمالا كبيرة على ألمانيا في مجال التعاون الأمني وحماية الحدود مع ليبيا، هناك رغبات في تعزيز الشراكة الاقتصادية بين الجانبين من أجل تطوير الحرف والشركات المتوسطة. وفي المقابل يرى التونسيون أنهم شريك عادل ونزيه لأوروبا.
ما هو الاستنتاج الذي تستخلصه من جولتك التونسية؟
سوف أعود إلى ألمانيا بانطباع إيجابي جراء مدى تطور تونس في الآونة الأخيرة في مجال النقابات ومنظمات أرباب العمل والتيارات السياسية. لكن يجب استثمار المزيد في البنى التحتية والتعليم وتحسين فرص الشباب والنساء وتنمية المناطق الداخلية.
ومهمتي أنا هي الترويج داخل ألمانيا لتعزيز الشراكات الاستثمارية في تونس. سأروج في الأوساط الاقتصادية الألمانية أن الاقتصاد التونسي يقترب من المعايير الأوروبية وأنه تنافسي ومنتج ومبدع. يجب أن ندرك نحن الألمان أن نجاح الاقتصاد التونسي يصب في مصلحة ألمانيا. فنجاح تونس سيساهم في نشر السلام في العالم وفشلها سيكون له عواقب وخيمة على الربيع العربي، لأن تونس هي الدولة العربية الرائدة في التحول الديمقراطي.