قس ألماني يمد جسورا للتفاهم بين المسيحية والإسلام
١ يونيو ٢٠٠٩يستعدّ القسّ البروتستانتي ياكوبي وعائلته للعودة في الخريف المقبل إلى ألمانيا، موطنه الأصلي، بعد ست سنوات قضّاها في العاصمة الإيرانية طهران. وعلى الرغم من الصعوبات التي واجهها، يصف رجل الدين الألماني تجربته في إيران بأنها ثريّة للغاية. وكان ياكوبي قد قدم إلى طهران عام 2003 ليشرف على الجالية الألمانية البروتستانتية في العاصمة الإيرانية، وكذلك ليتعرّف على الإسلام وخاصة على المذهب الشيعي بحثاً عن سبل إقامة الحوار بين المسيحية والإسلام.
لكن محاولاته باءت بالفشل، وعن ذلك يقول ياكوبي: "لم نتمكّن من تحقيق تقدّم يذكر في الحوار على الصّعيد اللاهوتي مع الإسلام"، ولكنّه شدّد في الوقت نفسه على أنّه تجمعه علاقات صداقة طيّبة مع رجال الدّين الإيرانيين. ولكنها علاقات تقتصر على الجانب الإنساني فحسب ولا تتطرّق إلى القضايا الفلسفية واللاّهوتية.
حين تتحوّل الكنيسة إلى ملتقى ثقافي
ومن أجل هذا الغرض ركّز القسّ الألماني، بالإضافة إلى عمله كمرشد روحي للجالية الألمانية البروتستانتية، على دعم النّشاطات الثقافية المشتركة ومشاريع التعاون. إذ يشرف ياكوبي على تعليم بعض الشباب الإيرانيين الحفاظ على الثروات المائية، خاصّة وأن إيران تقع في منطقة جغرافية ذات موارد مائية محدودة جدّا، وذلك من خلال تعليمهم تنظيف الأواني بطريقة أكثر نجاعة وتوفيراً للمياه.
كما عكف رجل الدين الألماني على توسيع برامج الكنسية الثقافية، مشيراً إلى أن الإيرانيين يهتمون كثيرا بالثقافة الألمانية وهو ما دفعه إلى العمل على فتح أبواب الكنيسة للقاءات بين الفنانين الإيرانيين والألمان وللشّباب وغيرهم من الذين يريدون الانفتاح على الجمهور من مختلف البلدان. بالإضافة إلى فتح أبواب الكنيسة البروتستانتية أمام الفنانين الإيرانيين لإقامة معارضهم. أما على الصّعيد الاجتماعي فقد عمل القس ياكوبي على مساعدة ضحايا الزلزال الذي ضرب منطقة بام جنوب شرق البلد نهاية عام 2003 وذهب ضحيته أكثر من ثلاثين ألف شخص.
خطوة في مشوار طويل
كما تعكف الكنيسة البروتستانتية على دعم إحدى المنظمات، التي تهتم بالأطفال اليتامى. بيد أن ياكوبي شدّد على أن كنيسته تحرص على ألاّ يعرف الرأي العام الإيراني بذلك، وأضاف معلقاً على ذلك بالقول: "إن ذلك قد يغضب السُّلطات الإيرانية خصوصاً وأن الأمر يتعلّق بالأطفال وقد يُفهم على أنّه عمل تبشيري ما قد يؤدّي إلى مشاكل كبيرة". ويأتي هذا الحرص بهدف حماية الجالية الألمانية البروتستانتية من أي مضايقات من السّلطات الإيرانية أو من أفراد، خاصّة وأن هذه الجالية ضئيلة العدد، بحيث كان تعدادها لا يتجاوز 300 ألماني، يعيشون في طهران.
لكن هذا العدد انخفض في السنوات الأخيرة بسبب تراجع عدد المؤسسات الألمانية العاملة في طهران. وعلى الرّغم من أن العودة إلى ألمانيا بعد ستّ سنوات في طهران أمر صعب على القسّ ياكوبي وعائلته، إلاّ أنّه أكّد على أنه قد حان الوقت لإدخال تغيير على الكنيسة البروتستانتية في طهران، حيث يخلفه قسّ بروتستانتي جديد وزوجته، قدماً خصّيصاً من شمال ألمانيا. وأعرب ياكوبي، الذي من المنتظر أن يعود إلى ألمانيا في شهر سبتمبر/ أيلول المقبل، في أن ينجح خلفه في دفع العلاقات بين الدينين ودعم الحوار بين المسيحية والإسلام.
الكاتب: كاترين إيردمان / عبد الحي العلمي / شمس العياري
المحرّر: عماد م. غانم